تعريف الوصية:
الوصية شرعاً: هي عبارة عن عهد خاص مضاف إلى ما بعد الموت.
الدليل على مشروعيتها من الكتاب والسنة:
قال الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة : 180]
وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ ، يَبيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ ، هَذَا لفظ البخاري .
وفي روايةٍ لمسلمٍ : (( يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ )) قَالَ ابن عمر : مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ إِلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي .
حكمها والرد على من قال بوجوبها:
استدل كثير من أهل العلم بهذه الأدلة على وجوب الوصية، وبهذا قال جماعة من السلف منهم عطاء والزهري وغيرهما، وحكاه البيهقي عن الشافعي في القديم، وبه قال إسحاق وداود وابن جرير، وذهب الجمهور إلى أنها مندوبة كما قال ابن حجر، وأجاب الجمهور عن أدلة القائلين بالوجوب.
فمن ذلك:
أنهم أجابوا عن الآية بأنها منسوخة كما في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل لكل واحد من الأبوين السدس، كما أنهم صرفوا لفظ الحديث الذي استدل به القائلون بالوجوب إلى الندب وقالوا: أن هذا التعبير للاحتياط والحزم، وذلك لأن المسلم قد يفجؤه الموت على غير وصية.
وعلى كل حال فإن الأصل في الوصية الإباحة لأنها موكولة في الشرع لإرادة الموصي في الشيء الذي يوصي به، وفي الشخص الذي يوصي له، ولكن هناك ما يجعلها وصية واجبة، كما أن هناك ما يجعلها مستحبة، وأمور أخرى تجعلها مكروهة أو محرمة، فهي باختصار من الأمور التي تعتريها الأحكام الخمسة كما يقول الفقهاء.
سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصية بأكثر من الثلث:
اتضحت علة النهي عن الزيادة في الوصية عن الثلث في الحديث الذي رواه البخاري في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ وَهْوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ : لاَ. قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ : لاَ. قُلْتُ: الثُّلُثُ. قَالَ: فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ. إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ ابْنَةٌ.
فإذا تكون العلة في النهي أنها إن زادت عن الثلث ألحقت ضراراً بالورثة، والإضرار في الوصية من الكبائر.
هذا والله أعلم وصل اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
استفدته من مادة ((حديث خاص4)) التي تدرسها جامعة المدينة العالمية لطلاب الصف السادس تخصص الحديث بكلية العلوم والدراسات الإسلامية.
الروابط المفضلة