الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه أمَّا بعد
بدافع من البحث في ظل آية ، وعن طريق الصدفة استمعت لدرس عن الأدب مع الله ..،
أردتُ أن أتوسع في البحث عن هذه الآيات وعن هذا المعنى ، بالرغم من أنني سمعت الآية مراراً ، وقرأتها عدة مرات ، ولكني لم أتعمق فيها ، ولكن بمنّ من الله تعالى وكرمه علي ،يَسر لي ذلك بدون عناء السؤال ~
.
فوجدت نفسي في بحور العلم للدلالات الإيمانية ، فسبحانه حين قال : ..
قال تعالى : { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ْ} .
ففي كل مرة أتطرق لجملة من الجمل التي لا ينطق عن الهوى ، فأجد مساحة واآسعة شاسعة المد ، لشتى أنواع المفاهيم والتفاسير
فأدركت ما غاب عني فهمه ، وأكتفيتُ بِمفاهيم أخرى لم أسمع عنها ، أو حتى أنني إسْتهونت البحث عنها ، وفيها فوائد جَّمّة ، ونافعات راآئعة ~
.
لكلٍ منا "سورة أو آية" يحس أنها تتكلم عنه ، أو تشده كلما قرأها ، أو تمعن في حروفها وآياتها ...
وكلما قرأت " سورة الكهف" أحس بعطش فطري لإعادة قراءتها من جديد ، وتمعن في كل جملة من جملها
وكثيراا من الأحيان تكون هناك ، آيات بسيطة ، فنلخص مفهومها من طوع أنفسنا بدون أن نلجأ إلى العلماء
وكتب التفسير التي تدلنا على أكثر من معلومة ، وحتى أنني سمعت أن هناك تفاسير متجددة مقربة للفهم أكثر( والله أعلم )
فوقفت عند آية .{ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ْ}
وأخرى: .{ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ْ}
وأخرى : .{ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا ْ}
أتلاحظن شيئاً..؟
نعم ، هناك جمل قاطعة تدل على الأدب مع الله تعالى في صدق الرسالة ومخاطبة الغير
قال في الأولى : فأردتُ ، وهو على يقين أن من يقدر علينا المقادير هو الله ، فقال : " أنا " من فعل ذلك بالرغم من أنه كان بأمر الله ، ولم يقل ، أمرني الله بذلك ، أو أعابها الله أو ماآ شابه
فنرى حسن المعاملة مع الله حتى وإن كان مرسولاً مأمورا بأن يؤدي رسالته ،،
وكذلك في الآية الثانية ذكر " خشينا" جعل من عذره خشية للعقوق ، والإفساد ، ولم يقل قتله الله ، أو أماته ، أو أمرني الله بذلك
فكان للخضر ( رضي الله عنه ) أن يلبس العيب لنفسه بغض النظر أن يفسره بأمر الله الذي لا يُعارض ، وأنه لا طاعة لغيره بشفقة أو ما شابه
فكان العذر : فخشينا أن يرهقهما ... ))
وفي الآية التالثة قال: فأراد ربك ، وهنا نسب الفضل لله عز وجل ، إنها لقمة الأدب مع الله ، وحسن الخطاب ، وهو يعلم أنه المدبر لكل شيء ، وعلام الغيوب ، قبل وقوعها ...
فأراد ربك أن يستخرجا هذا الكنز وينعما به ، فهو هدية من عند الكريم الوهاب
ولم يقل :فَأَردْتُ أن يستخرجوا .. وهنا الفرق ظاهر بين كل آية وأخرى ، وبين كل آية نسبت لله عز وجل ،أو نسبت إلى المرسول.
ومع ذلك قال { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ْ}ولكن برحمة من ربي وفضله تم ذلك
ماوقع من سوء فهو مني ، وما وقع من خير ، فهو من الله برحمته وعطائه ومنه ، وكل ماهو في الخير ، هو منسوب لله عز وجل ~
ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله { فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ْ}وأما الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ْ}كما قال إبراهيم عليه السلام { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ْ}وقالت الجن: { وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ْ}مع أن الكل بقضاء الله وقدره..
.ومن أدب يوسف عليه السلام: قوله عندما خرج من السجن عندما رفع أبويه على العرش قال:" وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن" (يوسف:100) ولم يضف سبب وقوعه في السجن إليه’ وإنما ذكر إحسان الله إليه.
وأمثال هذه الأخلاقية كثيرة جدا عند أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
.
.
.
ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله تعالي إلا بثلاثة أشياء:-
1- المعرفة بأسمائه وصفاته.
2- المعرفة بدينه وشرعه’ وما يحب وما يكره.
3- أن تكون له النفس مستعدة ومتهيئة لقبول الحق علما وعملا وحالا
من الأدب مع الله عز وجل.
.
وفي معظم آيات التفاسير تجد أن معظم المفسرين في كثير من كتب التفاسير ، استعملوا تفسير مبسط ، مكتفي حسب الآية ، ووقوع الحدث ، حسب الكلمة ...
فنجد التفسير المكمل للآية ، في دروس خاصة ، توصلنا إلى المعنى الحقيقي لها ،
فيسهل علينا الفهم ، وحتى الحفظ ،’
وطالب العلم ومكرر للسور ، يجد نفسه يبحث على أكثر من تفسير وأكثر من فهم ، للتعمق في معاني السورة
ولكن لو تعمقنا أكثر فأكثر ، نجد هناك آيات غاية في الروعة ، وفي روعة التعمق في معانيها
والتي لها فروع و توسعات ، نسأل الله أن ينفعنا ويفقهنا في ديننا
.
.
.
وبواقع الصدفة مع آيات الأدب مع الله ، وبسماعي لهذا المدخل من التفاسير، لا ننسى أن هناك فروض تستوجب الأدب مع الله لكل مسلم يشهد "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " سأذكرها سريعاً ،،
في صلاته ، وزكاته ، وصيامه ، وقيامه بكل الفرائض والسنن ، وبأن الله يعلم نيته وعمله إن كان خالصا لوجهه أو فيه نوع من الشرك
.وإذا خلوت بريبة في ظلمة **والنفس داعية إلي الطغيان
فاستحيي من نظر الإله وقل لها **إن الذي خلق الظلام يراني
.
وهناك أمثلة ظاهرة ، وقد تدرج في أكثر من عنوان ، ولكنها تدخل بالأول في الأدب مع الله
فالأدب مع الله سبحانه ، يقتضي توحيده وتعظيمه سبحانه ، وإطاعة أوامره ، ونواهيه ، والحياء منه ، ...
وهذا يشمل القلب واللسان والأركان ،،
وهذا يكلف مجلدات وكتب ومواقع خاصة بها ، ومتواجدة بكثرة في كل مكان
ولا يخفى على كل واحد منا ، أمراً من أمرها ~
ولكن ماآ شدني هي أول نقطة بدأت منها ، والتي يغفل عنها الكثير من الناس ، ولربما يمارسها الكثير من الناس بدون شعور ..
وبدافع من أمرهم أنها نية قول ،’
فنجد الكثير منا من يصيبه مكروه من صنع نفسه ، أو قُدِرَ له ، يقول دوماً من الله ، ولربما يسخط ويجهل أحيانا لذلك ..،
وينسى أنه كان هو السبب في ذلك ، أو حتى ينسى أن يقول (( ... مني ومن الشيطان ))
أو حتى أصابه خير ، يقول : لولم أفعل كذا ، ... لكان كذا ، ...
أو أن الفضل بيده ، أو مارزقه الله من مال ، فهو من جهده وتعبه ، فينسى وينسيه الشيطان ، أن يعود بذلك إلى الله من كل إحسان ،’
والأكثر من ذلك يحس أن كل أمر يقوم به هو على الصواب ، وفي جادة الأمر، ولم يفعل ما ينافي الأدب مع الله
أو ما يخالف أمره ، وبذلك إنه صبور لكل أمر وقع معه ، وهنا درجااات ...
فإن الواجب على المكلفين بالتأدب مع الله عز وجل في كل قول وعمل ، في السر والعلن...
وأن لا نستصغر أي قول أو أي عمل نقوم به ، فهو عند الله عظيم
.
.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا ، ويصلح لنا نياتنا وأقوالنا ، وأعمالنا
وأن يكرمنا بالأدب معه في كل الأوقات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم كتابة الموضوع بقلمي ~
مع نسخ الآيات
فما كان من صواب ، فبتوفيق من الله ، وما كان من خطأ ، فمني ومن الشيطان.
الروابط المفضلة