ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَــعْ بِالَّتِــي هِــيَ
أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ .
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ
عَظِيمٍ )
يقول تعـالى ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ) : أي
لا يستوي فعل الحسنات والطاعات لأجل رضــــا الله
تعالى ولا فعـل السيئات والمعاصي التـي تسخطــــه
ولا ترضـيه ولا يستـــوي الإحســـــان إلــى الخلـــق
ولا الإساءة إليهـــم لا فــي ذاتهــا ولا فـــي وصفها
ولا في جزائها ( هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ )
ثـم أمر بإحسان خـاص له موقع كبير وهو الإحسان
إلــى من أســاء إليك فقال ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )
أي فــإذا أساء إليك مسيء من الخلق خصوصا من
لــــه حق كبير عليك كالأقارب والأصحاب ونحوهم
إساءة بالقول أو بالفعل فقابله بالإحسان إليــه فإن
قطعك فصله وإن ظلمك فاعف عنــه وإن تكلم فيك
غائبا أو حاضـرا فلا تقابله بـل اعف عنه وعاملـه
بالقول الليـن وإن هجرك وترك خطابك فطيب لـه
الكــلام وابذل لــه السلام فـــــإذا قابلت الإساءة
بالإحسان حصل فائدة عظيمة .
( فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنــــَهُ عَـدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )
أي كأنه قريب شفيق .
( وَمَا يُلَقَّاهَا ) أي ومـا يـوفق لهذه الخصلة الحميدة
(إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) نفوسهم على ما تكره وأجبروها
على ما يحبه الله فإن النفوس مجبولة علـى مقابلة
المسيء بإساءته وعدم العفو عنه فكيف بالإحسان
فإذا صبر الإنسان نفــسه وامتثل أمـــر ربه وعــرف
جزيل الثواب وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله
لا تفيده شيئا ولا تزيد العداوة إلا شـدة وأن إحسانه
إليه ليس بواضـع قــدره بــل من تواضع لله رفعـه
هان عــليه الأمر وفعل ذلك متـلذذا مستحليا له
( وَمَــا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) لكونها من خصـال
خواص الخلق التي ينال بها العبد الرفعة في الدنـيا
والآخرة التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق .
( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِـنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّــهُ
هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) لما ذكر تعالى ما يقابل به العدو
مــن الإنــس وهــو مقابلة إساءتـه بالإحسـان ذكــر
مـا يـــدفــع بــه العدو الجني وهـــو الاستعاذة بـالله
والاحتماء مـــن شــره فــقـال ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّـكَ مــِنَ
الشَّيْطـَانِ نَزْغٌ ) أي أي وقت مـن الأوقات أحسست
بشيء مــــن نزغات الشيطـــان أي مــن وساوسه
وتزيينه للشر وتكـسيله عن الخير وإصابة ببعـض
الذنــوب وإطاعة له ببعض ما يأمر به ( فَاسْتَــعِذْ
بِاللَّهِ ) أي أسأله مـفتقرا إليه أن يعيذك ويعصمك
منــه ( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فإنه يسمع قولك
وتضرعك ويعلم حالك واضطرارك إلى عصمته
وحمـايــته ..
الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص 749)
للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي رحمه الله تعالى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط المفضلة