بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
كنت أقلب النظر في عدد ( أثري ) لصحيفة اليوم..إنقلب لونها الأبيض إلى لون أصفر بفعل شمسي..وتمزقت أطرافها وضاعت معظم صفحاتها بفعل بشري..ولكن بيت القصيد بقي ليقرأه العبدلله..فالحمدلله..
كان الموضوع..تصريح لوزير المعارف الدكتور محمد عبدالله الرشيد..وفي تصريحه مقصد الله أعلم به.
في هذا التصريح..يقول هذا الوزير..إن المناهج الدراسية ينبغي أن تخضع لمنهج ( الوسطية ).
كلام جميل..بل طيب مبارك إن كان محققا..ولكن..على رسلكم أيها السادة والسيدات..فأي منهج وسطي يمكن أن يدعو إليه السيد الوزير..الدكتور..المربي..الأستاذ..الفقيه..محمد بن عبدالله الرشيد..؟!..وأعتذر إن كنت أغفلت لقبا آخر من ألقابه..أو أهملت صفة من صفاته.
لقد سبق لي أن تابعت بعض المقابلات التي أجراها التلفزيون السعودي مع حضرة الوزير..ومنها برنامج ( وجها لوجه ) وباعتباره وزيرا للتعليم والمعارف في دولة شعارها التوحيد ودستورها الشريعة..إنتظرت منه ولو آية من كتاب الله أو حديث قدسي أو نبوي و حتى أثر من آثار السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين..عن أمور تخص التربية والتعليم..فما أغنى الإنتظار ولا أفادني الجلد والإصطبار..وإنما وجدت حديثه عن سبل التعليم في ألمانيا..وقوانين الدراسة في بريطانيا..وتطورات العلم في فرنسا..ومناهج التعليم وأصول التربية في أمريكا..ومما زادني تغيظا وزفيرا..أن رأيت الوزير الفقيه..مد الله ظله الشريف على العالمين..يضع يده بين فينة وأخرى على لحيته ( الجرداء ) ويسبغ على مقدم البرنامج والمشاهدين زخات من شريف علمه وجم أدبه..عن حضوره لمحاضرات أساليب التربية الحديثة في مختلف دول أوروبا وأمريكا ودول الشرق الأقصى واجتماعه بهم ينهل منهم العلم والفقه في كيفية تنشئة أبناء الأمة الإسلامية .
أنا هنا أقول..كنا وكانت أجيال قبلنا قد أدركنا المناهج ودرسناها وحفظناها فعرفنا كثيرا من الفرائض والواجبات والمندوبات والحلائل والمباحات والمكروهات والمحرمات والموبقات..وكنا نحفظ على كل حكم دليلا من الكتاب والسنة..فعرفنا أن الصلاة عمود الدين..والجهاد ذروة سنامه..وعلمنا عقيدة الولاء والبراء..وأحكام أهل الذمة..وغيرها من الثوابت والأسس التي كانت تستند إلى ركن ركين..وسند متين..من الكتاب والسنة وسير السلف .
ففيم إذا..وعلام إذا..وكيف إذا..يصرح هذا الوزير بما صرح به..؟!
إن ما قاله الوزير..لهو إشارة خطيرة..تضرب أسس العقيدة..فالوزير يتكلم عن منهج..وليس عن حكم واحد أو إثنين من الأحكام الفرعية..بل هو يناقض صلب العقيدة ويقدح بها في صميمها.
* فإما أن ما تلقيناه من علم آنفا من مؤلفات السلف التي تعضدها الآيات المحكمات والأحاديث والآثار..كنفائس أحمد بن عبدالحليم بن أبي البركات بن تيمية..ومجوهرات إبن القيم..ومذهبات شمس الدين الذهبي..ودرر النووي..وروائع المجدد محمد بن عبدالوهاب..وأزاهير المؤلفات لعلمائنا الثقات..كإمام الأمة الوالد عبدالعزيز بن عبدالله بن باز..ومحدث العصر محمد ناصر الدين الألباني..وريحانة العلماء محمد الصالح العثيمين..وغيرهم من القدوات والعلماء الربانيين..هي مؤلفات باطلة السبب..مجهولة النسب..تلقيناها بسبب خطأ توجيهي وتعليمي..وكانت محض خطأ جوهري بأكملها .
** وإما أن هذا الوزير..لم يكتف بمنصبه..فأراد أن يبين للأمة الخطأ الفادح..والجهل الفاضح الذي كان عليه سلف الأمة الصالح وتبعهم الخلف الفالح..فتوج نفسه عالما ربانيا..وتقلد سيف الإفتاء ليحارب به الحق بإسم الحق..والدين بإسم الدين .
إن كان المنطق الأول صحيحا..فكيف كانت الأمة طوال هذه الأجيال..تتدارس أمور دينها بالباطل..وكيف تستند إلى باطل..وتستشهد بالباطل..؟!..وهل كانت الجيوش الإسلامية..عبارة عن عصابات إرهابية مجرمة كونها حاربت الآخرين لإعلاء كلمة الله..؟!..وهل عقيدة الولاء والبراء..هي سبب فتنة ومنبت كراهية وبغضاء..وإذا كانت كذلك..فبم نفسر قول الله تعالى على لسان خليله إبراهيم عليه السلام ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤأ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده )..؟!
وهل ديننا دين صلاة..وزكاة..وصوم..وفرائض سلمية بحتة..؟!
إذا لماذا نجاهد..ولماذا لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يكتفي بهذا ويذر الحرب والجهاد..أم أنه أخطأ حين إمتثل لقوله تعالى ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )..؟!..وأخطأ أكثر حينما قال وهو الصادق المصدوق الأمين المأمون ( بعثت بالسيف بين يدي الساعة.. وجعل رزقي تحت ظل رمحي..وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري..ومن تشبه بقوم فهو منهم ) ..؟!
وإن كانت الأمة..قد إتبعت المنهج المخالف في بعضه عما يريد الوزير تصحيحه..فمتى كانت الأمة تجتمع على ضلالة..؟!..خاصة في أمور العقيدة وأصولها..؟!
إني أقول..لمعالي الوزير..إرجع يرحمك الله..وتب إلى الله..فعسى أن يغفر لك ما قد سلف من قولك وعملك..وتذكر قول الله تعالى ( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما * الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا ) .. واحذر النفاق وخصاله..فإنك إن خشيته كان دلالة خير..وإن أمنته كان وبالا عليك وشر..فإنه لا يخشى النفاق إلا مؤمن..ولا يأمنه إلا منافق..ولك في عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه قدوة خيرة وأسوة حسنة..واتق الله فيما أعطاك الله وابتغ فيما آتاك الدار الآخرة وازدلف إليه سبحانه فإنه أكرم من سئل وأعظم من دعي وهو الرحمن الرحيم .
اللهم سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا..ما يكون لنا أن نتقدم بين يديك سبحانك..ولا بين يدي رسولك عليه الصلاة والسلام..فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا..وما أسررنا وما أعلنا..وما أنت أعلم به منا..أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا..ولا تعاملنا بما نحن أهله وعاملنا بما أنت أهله..أنت أهل التقوى والمغفرة..
وأعتذر عن الإطالة..وإن ورد الخطأ مني فيما أسلفت فإنه من الشيطان والنفس والعجالة..وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وآله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
الروابط المفضلة