بـلادي . . .
أتذكرينَ أمي..
.
.
.
حين أخذتِ حفنةً من ثَراها.. وفي كبِدِ السماءِ نَثَرتِها
وبأهدابِكِ التقطتِ الذَّرَّات..... وبينَ رُمُوشِكِ زرعتِـهـا
ورَوَيتِ قَحْطَهَا بدمـوعِ الحنينِ والأملِ..... ثم قبلتِهــا
وهمستِ:.......................................
" ما كان لهذهِ الأرض ولن يكونَ غيرُنا.. أسيادُها "
أتذكرينَ أمي..
.
.
.
حين هَطَلَ المطرُ رذاذًا وبَلَّلَ... أرْوِقَةَ أحلامهَـا
فَتَلقَّفتِ القطراتَ بخدَّيْكِ.. وبها غَسَلتِ أَسْقامَهَا
ولوَّنتِ بعِطْرِ النَّدَى ثَنَايَا الغَداةِ إلى.... آمالِهَـا
ورَدَّدْتِــ:..................................... ..
" هذهِ هبةُ المولَـى.. نحنُ أَوْلَى مِنْهُم... بهَــا"
أتذكرين أمي..
.
.
.
حين كنتِ تعشقين صغارها يلعبون في.. أرجائِها
وتتأملين ألعابهم بين كَرِّ ضَحَكاتِهِمْ وفَرِّ أحزانِهـا
وتُرْسِلينَ العَنـانَ لِأحـلامٍ... أبْطالُـهـا هُمْ أشبالُهـا
وتهمسين:....................................
" هؤلاء العصافير.. هم من سيصنعون أمجادها"
أتذكرينَ أمي..
.
.
.
حين ذهبنا إلى البحرِ.. لنستنشِقَ أنسامَ صَبَاحاتِها
فمسـحتِ براحتيكِـ على الرمال وجمعتِ.. أصدافهــا
وبَثَثْتِها أسرارَكِـ.. وحِكايـاتِ العِـشقِ.. همستِ لهـا
ودَسَسْتِهــا فــي جيوبــي........... وحُنُوَّكِـ لقَّنتِـهـا
وقُلتِ:...........................................
"هذه حـجـارة جيـدة........ سنكنُـسُ بهـا أدناسهـا"
.
.
.
تلك أيامُنا أمي.. تقاذفتنا فيها أشجانُ.. أنفاسِهـا
وتَرَامَتْنَـا أمواجُ العشـقِ على سواحـلِ..... آمالِهـا
وها أنا أمي.. أستقي العذوبةَ من إشراقة أحلامِها
فتَعصِفُ بي أعاصيرُ التحدي .. لأنسُجَ عُرُواتِها
.
.
.
عشِقتُـ هـا أمي.. وجعلتُ عشقي هذا..... هـو الـزَّادِ
وهَوَيْتُ الجنة فأصبحتُ في هذهِ الدنيا.. من الزُّهَّـادِ
ورِضا الربِّ وهِيَ.. كُلُّ الأملِ وفيها استراحةُ الفـؤادِ
وهل ينتظرُني الرَّكبُ إليها إذا ما تماديتُ في الرُّقادِ ؟
وهل يُرفرِفُ النصرُ إذا ما جبُنتُ أو هل أنالُ المُرادِ؟
هذا هو قدري أمي.. ولَنْ أَحيدَ عن خُطَى الأجـدادِ
.
.
.
ما عُنفُوانُ بَأْسِي أمـي...... إلا في مُصارعةِ القُيُـود
وما عِزَّةُ نفسي.. إلا في التصدي لرصاصات الحَقُود
ومـا تنتشي روحي إلا في الترنـم.. بأنشودَةِ البـارُود
ومـا بلسـمُ جروحـي...... إلا في مَحْوِ أوهامِ الحُـدود
وغدا تُشرقُ دِماءُ العِزةِ أمي..على صفحاتِ الخلود
.
.
.
علمني المِحرابُ أمي.. من أينَ البِداية وإلى أين الغاية
وأن الدَّمَ هو الوقودُ... وبـ ـهِ عاليا....... تُرفَعُ الـرَّايـة
فـ حَلَّقَتْ هامَتي فوق سحاباتِ الإباءِ... تَصنعُ النِّهاية
وهذا الهوى يُخيرُني بينَ دُنيا الغَوى...... وجنَّةٍ باقِيـة
فـَ اشْتَهَى القلبُ وتلذَّذَ بـ آجلةٍ...... ليس فيها لاغِيـة
وبِعْتُ هذهِ الدُّنيا واشتريتُ من الفِردوسِ..أرائِكَ عالِية
تُراكِـ أمي..
.
.
.
كم زغردةً ستُطلقينَ........ حين يَأتيكِـ خبرُ استشهـادي
وكيف سيكونُ بريقُ عينيكِ عندما تَحمِلُ نَعشِيَ الأَيادي
وكم قِطعة من الحلوى ستُوَزِّعين.. على أَطفالِ البوَادي
وكم مرة سترسُمينَ خُطُواتِنا من جَديد.... أسفَلَ الوادي
قَرِّي عينًا.. أمي
.
.
.
فإن كنتُ هُنَا.. فسأحميكِ من سَطْوةِ الأعــادي
وإن كنتُ هُنَاااكـ.. فأنـا لـكِـ ذُخـرٌ عنـد ربِّـ العِـبـادِ
الروابط المفضلة