::
::
من جديد يحدونا الأمل وتدب فينا انفاس الحياة
مع سيرة أخرى سطرت بمداد من ذهب
نستنشق خلالها عبق العزة وأمجاد رجال عز امثالهم علينا اليوم
كي تظل سيرتهم شمعة تضيء لنا الدرب فى دياجير العتمة
بطل قصتى اليوم هو أبو الدحداح،
وقيل: أبو الدحداحة بن الدحداحة الأنصاري.
وكما ذكر أبو عمر: لا أقف على اسمه ولا نسبه أكثر من أنه من الأنصار حليف لهم.وقيل ثابت بن الدحداح؛ هو أبو الدحداح الأنصاري
ابو الدحداح له بستان جميل فيه ستمائة نخلة
يتوسطه بيت فى غاية الجمال وبئر ماؤه عذب وحوله سور ذو ارتفاع شاهق
لا يوجد أحد فى تجار المدينة الا وقد سمع ببستانه
حتى يضربون المثل بحلاوة تمره وطيبته
له أطفال يلعبون ويمرحون فيه
ويأكلون ما لذ وطاب من الخيرات
وصوت ضحكاتهم وحركاتهم يملأ الارجاء سعادة وفرحا
بينما كان أبو الدحداح فى أحد مجالس الرسول محمد صلَّى الله عليه وسلم مع اصحابه
إذ دخل عليهم شابٌّ يتيمٌ يشكو للرسول الكريم عليه السلام قائلاً
( يا رسول الله ، كنت أقوم بعمل سور حول بستاني فقطع طريق البناء نخلةٌ هي لجاري طلبت منه ان يتركها لي لكي يستقيم السور فرفض ، طلبت منه أن يبيعني إياها فرفض )
فطلب الرسول أن يأتوه بالجار
أُتي بالجار إلى الرسول صلى الله عليه موسلم وقص عليه الرسول شكوى الشاب اليتيم فصدَّق الرجل على كلام الرسول
فسأله الرسول صلى الله عليه سلم أن يترك له النخلة أو يبيعها له
فرفض الرجل
فأعاد الرسول قوله ( بِعْ له النخلة ولك نخلةٌ في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام )
رفض الرجل
بعد ذلك سكت الرسول ماذا يقول أكثر من ذلك سكت ..
قال ابو الدحداح يا رسول الله ان أنا اشتريت تلك النخلة وتركتها للشاب
أليَّ نخلة في الجنة يارسول الله ؟
فأجاب الرسول نعم
فقال أبو الدحداح للرجل
أتعرف بستاني ياهذا ؟
فقال الرجل نعم ، فمن في المدينة لا يعرف بستانك يا ابا الدحداح
قال : يا فلان خذ بستاني كله وأعطني هذه النخلة ..
خذ بستاني كله بما فيه من شجر وبئر وبيت وغير ذلك وأعطني هذه النخلة ..
لكن الرجل نظر إلى أبي الدحداح ثم ألتفت على الناس فإذا هم يشهدون على هذا البيع.
فقال : نعم أخذت البستان وأعطيتك النخلة
فلتفت أبو الدحداح رضي الله تعالى عنه إلى اليتيم ثم قال : يا فلان النخلة مني إليك خذها وذهب فأخذها ..
" ثم التفت الى رسول الله فقال " يا رسول الله الان عندي نخلة في الجنة ؟"
قال صلى الله عليه وسلم "كم من عذق رداح لابي الدحداح في الجنة ، كم من عذق رداح ..ملئ بالثمار...لابي الدحداح في الجنة "
أى عذوبة كانت لتلك الأيام؟
وأى حلاوة كانت فيها؟
عاد أبو الدحداح الى بيته
ليلم أخر أغراضه منه
وقبل أن يفتح الباب
سمع صوت اولاده يلعبون ويضحكون كعادتهم
يا الله ماذا سيقول لهم؟
ما ذا سيقول لزوجته؟
حرك الباب .. حرك الباب ما استطاع أن يدخل فصاح بأعلى صوته وهو خارج البستان .
قال : يا أم الدحداح .
( أم الدحداح داخل البستان تعجبت ما دخل أبو الدحداح اليوم هذا بستانه العادة أنه يدخل !!)
قالت : لبيك يا أبا الدحداح .
قال : أخرجي من البستان .
قالت : أخرج من البستان !!!
قال : نعم لقد بعته .
قالت : بعته .. بعت البستان يا أبا الدحداح !!! بعته لمن ؟!
قال : بعته لربي بنخلة في الجنة .
ما ذا قالت ام الدحداح؟
أجن الرجل؟
باع البستان والقصر والبئر بنخلة؟؟؟؟
كيف سنعيش؟
وماذا سنأكل؟
وأين سننام؟
لا وألف لا
لم تقل العظيمة هذا الكلام
بل قالت : الله أكبر .. ربح البيع يا أبا الدحداح .. ربح البيع يا أبا الدحداح لاتدخل .. ما تدخل ..
ثم أخذت أطفالها تخرجهم لما وصلوا إلى باب البستان
أوقفتهم ثم فتشت جيوبهم فمن كان معه شيء من الثمر
أخرجته ثم وضعته في البستان
وقالت : : هذا ليس لنا هذا لله رب العالمين ..
أمام عظمة طوفان هذا المشهد كان أحد
أطفالها الصغار جائع أخذ تمرة
ووضعها في فمه يأكلها
وهو خارج فأوقفته ثم فتحت فمه
وأخرجت هذه التمرة ووضعتها قالت : :
هذا ليس لنا هذا لله رب العالمين ..
أى عظماء كانت تسكن تلك البيوت ؟
كان ايمانهم بالغيب على درجة عالية
كانت ثقتهم فقط بالله الواحد الأحد
لا الثقة بحطام الدنيا الفانية
انهم أمنوا ايمانا عميقا بأن ما فى الدنيا
ينفد وما عند الله باق
هذا ما قرأته عن ابى الدحداح
لا أعرف تاريخ مولده وكيفية وفاته بالضبط
لايهم أين ذهب وأين نام؟
وماذا أكل ؟
لكن الذى يهمنى الان أنه سرى داخلى نورا
تعلمت منه انك أيها الصحابى الجليل
وزوجك من الذين اشتروا الجنة..
وما أغلاها من سلعة.
ان سؤلتم يا سادة عن ابى الدحداح
قولوا أنه فقه قانون المتاجرة مع الله تعالى
ولم يستسلم لأمنيات الدنيا وسراب كلماتها.
شهد أحداً وقتل بها شهيداً طعنه خالد بن الوليد برمح فأنفذه
وقيل إنه مات على فراشه حيث أنه جرح بأحد فقيل: مات بها
وقيل: عاش ثم انتقضت فمات بعد ذلك بمدة، وهو الراجح
الروابط المفضلة