ضحية انفصال الوالدين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

المشكلة التي أود ان أطرحها قد لا تكون من المشكلات النادرة .. بل إنها من المشكلات المنتشرة كثيراً..
أعرف فتاة عز المعرفة تعاني من هذه المشكله بالرغم من أن والدالها قد تطلقا منذ ان كان عمرها سنتان تقريبا
وهي الآن تبلغ من العمر 18 سنة .. تزوجت أمها عندما كان عمرها 7 سنوات وعندها الآن اخوان من امها
أما والدها فقد كان يزورهم وكانت تكره الجلوس معه او حتى الحديث معه لأنها كانت تخاف منه .. فقد كان
يريد منعها من العيش مع امها والسفر معها وقد تحقق له ما يريد بفضل جدتها ام والدتها!! بحجة انها اوامر من
والدها .. بالاضاقه إلى ذلك أنه اذا كان يراها خارجه مع امها قام بملاحقتهم .. وعندما كان يتحدث مع ابنته
وكانت طفلة آنذاك كان يخبرها بان اخوانها من امها هم ليسوا باخوانها !! تذكر مره انها اغلقت الهاتف في وجهه
واجهشت بالبكاء .. بالاضافة إلى ذلك جدتها التي هي ام والدتها قامت بأخذها من أمها وتربيتها وبالبرغم من أن
الفتاة كانت تريد ان تبقى مع امها حيث تذكر انها ذات ليلة جلست في صالة البيت تنتظر ان تأتي امها ولم تنجح
محاولات خالتها وجدتها بان تذهب للنوم.. ومع كل هذا وذاك كانت ضغوط الوالد تزداد وتصرفاته الغريبة تزداد
أيضاًُ! حتى أنها تذكر مرة أن امها دخلت المجلس وتشاجرت مع والدها .. ايضاً قام خال الطفلة بطرد والدها من منزل
الجدة (والدة الأم).. وبدأت المشاجرات تزداد إلى أن وصلت إلى المحاكم وطلبت أم الطفلة أن يتعهد والد الطفلة
بعدم التعرض لها ولابنتها .. بعد ذلك انقطعت أخبار الوالد 8 سنوات ! كبرت خلالها البنت ونضجت .. ليعود مره
أخرى ولكن بعد ان استقرت شخصيته واصبح افضل من قبل .. ليخبرها بانه متزوج وعنده اطفال ! نزل هذا
الخبر على الفتاة كالصاعقة ! كيف ومتى؟ .. المهم هي لم تجزع محبة في والدها او غيرةً عليه .. انما لم
تكن تريد اخوان من والدها! .. وبعد كل هذا الوضع المرير الذي ذاقته من والدها .. هو يطالبها الآن بأن تزوره
وأن تزور بناته وأمه وتبقى عند والدته لعدة أيام .. ويذكرها بأنها مقصره في حقه وحق والدته .. حيث أنها
لا تزورهم إلا عدة مرات في السنة .. الحقيقة أن الفتاة تكره زيارتهم .. وكلما اقبلت على منزلهم تحس بضيق
يعتصر قلبها .. وتعد الدقائق والثواني لتتحرر من هذا اللقاء الممل.. الجدير بالذكر أيضاً انها لا تذكر ما إذا كان والدها
قد قبلها او حضنها بين ذراعيه او قال لها احبك او حتى اشعرها بهذه المشاعر! .. انما الآن يقوم بسؤالها عن
دراستها ثم يطرح مواضيع اخرى للنقاش ولا ينسى ان يذكرها بتقصيرها والواجب ان تزورهم دائما وتبقى عندهم
لعدة أيام!
الفتاة الآن وهي في 18 من عمرها تشعر أحياناً بالوحدة والحاجة إلى أسره تحتضنها .. تشعر بالغيره عندما تقوم
صديقاتها بذكر والدهن ووالدتهن وحياتهن معهم ..وكذلك تشعر بالغيره عندما تقوم أمها بذكر اخوانها الآخرين
وذكرياتها معهم ولا تذكر ذكرياتها معها (ملاحظة: قبل زواج الام تربت الطفلة عند اهل امها لان امها كانت تدرس
في جامعه بعيدة عن مدينتهم ولا تأتي إلا في العطلة الاسبوعية..بالرغم من ذلك كانت الام دائمة السؤال عنها
وعندما تعود تحملها بين احضانها لترويها حباً وحناناً)
بالاضافة إلى ذلك تحب-هذه الفتاة- الأطفال وتحب ان تحتضنهم لانها تحس بالدفء والحنان .. تريد ان تصبح اماً لتعوض اطفالها عن ما اصابها هي .. وتريد ان تصبح زوجه لرجل تجد فيه حنان الوالد الذي لم تذقه يوما! .. كلما تذكرت تلك المواقف التي حصلت لها .. وكلما تقوم بسرد هذه الحكايه
تجد دموعها تنساب بحراره .. وغصه تمنع الكلمات من الخروج من فمها ..

فماذا تنصحها يا دكتور بأن تفعل لتتخلص من اشباح الماضي ؟ وهل هي حقاً مقصره في حق والدها؟
كيف يمكنها ان تتعامل مع والدها بدون ضيق؟

وجزاك الله خيراً

الجواب:

هذه القصة ومثيلاتها تؤكد على ما قررته الدراسات النفسية من أهمية التربية العاطفية
و الاستقرار الأسري في الطفولة المبكرة .

وعليه فصديقتك تعاني من اضطراب عاطفي ظهر في عدة صور منها كرهها الجلوس مع والدها
والتقصير في السؤال عنه وعن أولاده .

ونصيحتي لصديقتك أن تعالج هذا النقص قبل أن تخوض تجربتها الخاصة من خلال الزواج
والأولاد ولا أقصد بذلك تخويفها من الزواج بل العكس قد يكون صحيحا فلربما تتزوج
من إنسان يساعدها في تضميد جراحاتها الغائرة عبر السنين وإعانتها على الاستقرار العاطفي
الذي يمكنها بعد ذلك أن تعيش زوجة وأماً لأولادها تملك العطف وتمنحه لغيرها .

أما هل هي مقصرة في حق والدها والحالة هذه فيتوجه بهذا السؤال لأهل الفتوى من العلماء
الناصحين .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ولها ولجميع المسلمين وأن يعنيننا على بر والدينا
..

قد يعجبك أيضاً ...