السؤال الثامن

س/ نلاحظ وجود المشائخ اللذين يجيبون على اسئلة الناس الشرعية ولم نسمع من قبل عن احدى الأخوات انها في مقام الشيخ المفتي امثال عبد العزيز بن باز رحمه الله وغيره …. مع اننا في امس الحاجة لأمرأة مثلنا حتى تتفهم متطلباتنا فما السبب وبما تنصحين الأخوات ؟

أما من حيث المنهج الرباني فلا مانع من وجود العالمة التي يشار لها بالبنان ويعقد عليها الأمل على مستوى الأمة بل هو مطلوب من الناحية الشرعية فكما أن الإسلام بمنهجه القويم أراد أن يكون في الأمة العلماء فكذلك العالمات لأنهن يدخلن في قاعدة التكليف الرباني ، ومنه طلب العلم وإعداد العالمات .. وفي التاريخ كان للنساء دور كبير في هذا الميدان .. فا في الصدر الأول برزت مجموعة من العالمات والمحدثات والفقيهات وهذا معروف معلوم من أشهرهن الصديقة بنت الصديق الفقيه المحدثة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .. فكانت عالمة بالقرآن رضي الله عنها وأرضاها وعالمة بالحديث بل من المكثرات في باب الرواية ، حتى قال الزهري عنها بأنها أفقه نساء الأمة على الإطلاق وعدها ابن حزم من بين المكثرات في الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد عدت في باب الرواية من المكثرات حتى قال قائلهم يحصي السبعه المكثرين من الرواية
أبو هريرة ، سعد ، جابر ، أنس ، صديقة ، وبن عباس ، كذا ابن عمر
وقد ربت مجموعة من التلميذات أشهرهن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية ، وقال ابن حبان عنها : ( كانت من أعلم الناس بحديث عائشة) ، وقال أبن سعد عنها : ( كانت عالمة ) . وقال الزهري عنها : ( وجدتها بحراً لا ينزف ) ، وكذلك دور أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في علمها وروايتها للحديث وتعد بعد عائشة رضي الله عنها في باب الرواية ، وايضاً أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها ، وكذلك أم حبيبة ، وحفصة وزينب وصفية وجويرية كلها ثبتت الرواية لهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتب السنة المعروفة .

وكذلك التابعيات من أمثال الفقيه العالمة خيرة أم الحسن البصري وصفية زوج عبد الله بن عمر والعالمة زينب بنت نبيط ( زوج أنس بن مالك ) ، والعالمة أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
وكانت سيدة التابعيات الفقيهة العالمة حفصة بنت سيرين ومُـلئت كتب الرجال بالحديث عن المرأة ودورها في الرواية ، وسمي بعلم الرجال من باب التغليب وإلا فهو علم الرجال والنساء كما ذكر ذلك العلماء وكذلك كتب التراجم بالصورة العامة في الفقه والأعلام وغيرها تؤكد على هذا المعنى إذ الكثير من نساء المسلمين كن عالمات وفقيهات وراويات يرجع إليهن في اشهر المسائل العلمية ومن طالع كتاب أعلام النساء لكحالة رحمة الله يجد العجب العجاب في هذا المضمار في كل عصر من العصور الإسلامية وإلى يومنا هذا وإن كانت الحركة العلمية النسائية في أيامنا هذه نتيجة لظروف مصطنعة حدث فيها ضعف وتأخر ولكن هناك من يحاول إعادة دورهن في هذا المجال والميدان …. وفكرة جامعة الإيمان رائدة في هذا الميدان لإعداد العلماء والعالمات . نسأل الله أن يبارك في الجهود ويجعل العمل خالصاً لوجهه الكريم حتى نجد حفيدة عائشة وأم سلمة على الوجه الأكمل وحتى نجد من هي في مقام الشيخ عبد العزيز بن باز .. وما ذلك على الله بعزيز .

أما أسباب عدم وجود تلك المرأة إلى الآن في هذا العصر فلا شك أنه راجع إلى قصور عند المسلمين في الاهتمام بدور المرأة في جانب العلم ، كما يعود إلى وقوع المرأة المسلمة تحت الغزو الفكري وتأثرها كغيرها بالهجمة عليها وأشغالها بتوافه الأمور من الجري وراء الموضات وتضييع الأوقات في السهر على الفضائيات ليلاً وتضييع ساعات النهار في النوم ، فأصبحت المرأة نتيجة لذلك لا تهتم كثيراً بطلب العلم الشرعي وإن أخذت العلم فهي تأخذ فتات من العلوم التي قد لا تصل بها إلى أن تكون مدرسة تربية إسلامية في المدارس ، بل قد وجدنا من مدرسات التربية الإسلامية من لا تفقهه ولا تعي أبسط المسائل الفقهية .

ولا شك أن هذا التقصير في إيجاد عالمة أثم تتحمله الأمة لأن وجود العالمة فرض كفاية إن لم يقم به البعض أثم الجميع ، وكم نجد من الفتاوى الخاصة بالنساء ( قد لا يدرك دقائقها وتفاصيلها العلماء من الرجال ) بل تحتاج إلى امرأة عالمة مجتهدة تجيب عن كثير من الفتاوى في أمور النساء فضلاً عن أن الحياء يمنع كثير من النساء عن سؤال العلماء من الرجال .كل ذلك يجعل وجود عالمة من النساء في غاية الحاجة والأهمية .

قد يعجبك أيضاً ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *