س236 ما مذهب أهل السنة في صفة المعية؟ مع بيان أقسامها. موضحاً ذلك بالأدلة .
ج : يعتقد أهل السنة، والجماعة - رحمهم الله تعالى- أن الله - جل وعلا- مع خلقه معيةً تليق بجلاله، وعظمته، وأنها قسمان:
معية عامة، ومعية خاصة، فالمعية العامة من مقتضياتها: العلم، والإحاطة، والهيمنة، والقدرة، والتدبر.
والمعية الخاصة من مقتضياتها: الحفظ، والنصر، والتأييد، فمن أدلة العامة قوله - تعالى- ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾ [الحديد: 4] وقوله - تعالى- ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ولا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ ولا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ ولا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ﴾ [المجادلة: 7] وأما الخاصة فمن أدلتها قوله - تعالى- ﴿ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة:40] وقوله - تعالى- ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وأَرَى ﴾ [طـه: 46] وقوله - تعالى- ﴿ قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآياتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ﴾ [الشعراء: 15] وهذه معية خاصة مخصوصة بشخص، ومنه المعية الخاصة المقيدة بوصف كقوله - تعالى- ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128] وقوله تعالى ﴿ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46] وأمثال ذلك . وكلها حق على حقيقتها على ما يليق بجلاله، وعظمته. وتفسير السلف - رحمهم الله تعالى- للمعية العامة بالعلم، والإحاطة، والهيمنة، والتدبر، وتفسيرهم للخاصة بالنصر، والتأييد، والحفظ ليس تفسيراً بالحد الجامع المانع، وإنما هو تفسير للشيء ببعض مقتضياته، وإلا فالقول الجامع في هذه الصفة أن يقال: إن من صفاته: المعية فنحن نثبتها لله - تعالى- من غير تمثيل، ولا تكييف، ومن غير تحريف، ولا تعطيل؛ لأن الله - تعالى- ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11]فبيان ذلك أن معية الله لخلقه ثابتة بالكتاب، والسنة، وإجماع السلف، وأنها حق على حقيقتها، لكنها معية تليق بجلاله، وعظمته، ولا تشبه معية المخلوق للمخلوق، وأنها لا تقتضي أن يكون الله - تعالى- مختلطاً بالخلق، أو حالًّاً في أمكنتهم . والله أعلم.
******************************
س237 هل هناك تعارض بين كونه - تعالى- فوق عرشه في العلو المطلق، وأنه معنا ؟ وضح الجواب .
ج : لا تعارض في ذلك البتة، لكن احذر من أن ينقدح في ذهنك مماثلة الله في صفاته بخلقه، فإنه لا يتعارض إلا في ذهن من جعل صفات الباري وقدرته كصفات خلقه وقدرتهم، وأما من قدّر الله حق قدره، وعلم علمَ اليقين أنه ليس كمثله شيء فإنه أبداً لا يمكن أن يثور في شيء من هذه الإشكالات الباردة التي يوردها نفاة الأسماء، والصفات . وقد جمع العلماء بين ذلك فقالوا: الجمع بين ذلك من وجوه:
الأول: أن الأدلة جمعت بينهما، والأدلة لا يمكن أن تأتي بالمحال أبداً، ولا تأتي أبداً بما يتعارض مع العقول السليمة من الآفات الدخيلة .
الثاني: أن العلو، والمعية قد يجتمعان في حق المخلوق الضعيف، والعاجز، فإن العرب تقول في أسفارها: مازلنا نسير، والقمر معنا، والقمر في العلو، ومع ذلك يقولون: إنه معنا ,فإذا كان ذلك متصوراً في حق المخلوق العاجز الضعيف، أفيكون محالاً في حق الخالق القادر القوي من كل وجه ؟
الثالث: سلمنا جدلاً أنه ممتنع في حق المخلوق، فإن امتناعه في حق المخلوق لا يلزم منه امتناعه في حق الخالق ليس كمثله شيء في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وهو العلي في قربه، ودنوه، والقريب في علوه، وفوقيته - جل وعلا- . والله أعلم .
*********************************
س238 هل تجوز الإشارة الحسية عند ذكر شيء من صفات الله - تعالى- ؟ وضح ذلك بالدليل .
ج: لا يخلو الأمر من حالتين:
الأولى: إن أريد بهذه الإشارة عين المماثلة فهي حرام؛ لأن المتقرر عند أهل السنة، والجماعة أننا لا نعلم كيفية صفات الله - تعالى- وأن الله ليس كمثله شيء، ولم يكن له كفواً أحد، وليس له سمي، ولا ند، ولا نظير، فإذا كان مقصود صاحب هذه الإشارة أن هذا هو عين كيفية صفة الله - تعالى- فهو حرام - ولا شك في ذلك.
الثانية: وأما إن كان يقصد بذلك إرادة تحقيق إثبات الصفة لله - تعالى- فهذا لا بأس به، لكن من الأحسن تركه سداً لذريعة انقداح المماثلة، وخصوصاً عند العوام الذين يخشى عليهم من ذلك، والدليل على جوازه ..في صحيح مسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال وهو على المنبر: ( يقبض الله سمواته فيأخذهن بيمينه، ويقبض الأرضين، ويأخذهن بيده الأخرى ثم يهزهن، ويقول: أنا الملك، فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويهزهما فاهتز أصل المنبر، حتى أني أقول: أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ وهذه الإرادة حقيقة الهز لا أن الهز كالهز أي كما أن هذا هو الهز الصادر مني على وجه الحقيقة فأنا أريد حقيقة الهز الصادر من الله - تعالى- على وجه الحقيقة، ولكن على الكيفية التي لا يعلمها إلا الله - تعالى . والله أعلم.
__________________________________________________ _____
الأسئلة التطبيقية:
س1: اذكري دليلا على إثبات صفه المعية لله تعالى ؟
س2: وضحي معنى أن الله تعالى معنا وهو فوق عرشه عز وجل؟
الروابط المفضلة