الوقتُ أنفسُ ما عنيتَ بحفظه * و أراهُ أسهلَ ما عليكَ يضيعُ
" يا ابن آدم، إنما أنت أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك "
إنَّا لنفرحُ بالأيام نقطعها * و كل يوم مضى جزءٌ من العمرِ
لما كان الوقت هو الحياة وهو العمر الحقيقي للإنسان، كان لا بد من وقفة تبين قيمة الوقت في حياة المسلم. فإذا عرف الإنسان قيمة شيء ما و أهميته، حرص عليه وعزَّ عليه ضياعه وفواته.
يبين الإمام ابن القيم رحمه الله هذه الحقيقة بقوله :
" وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، و غير ذلك ليس محسوباً من حياته. فإذا قطع وقته في الغفلة و السهو و الأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم و البطالة، فموت هذا خير من حياته ".
يصبح الوقت ذا قيمة عندما يكون هناك هدف، عندها يصبح وقت الإنسان ثمينا جداً.
إننا بحاجة إلى أن نستيقظ و نستشعر المسؤوليات التي أنيطت بنا، فنحن أصحاب رسالة و هدف؛ أصحاب دعوة..
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُم إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ . المؤمنون 115
جاءت السنة لتؤكد على أهمية الوقت و قيمة الزمن، و تقرر أن الإنسان مسؤول عنه يوم القيامة، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال : عن عمره فيم أفناه، و عن شبابه فيم أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، و عن علمه ماذا عمل فيه ". حديث صحيح
من الواجبات على المسلم نحو وقته تنظيمه بين الواجبات و الأعمال المختلفة، دينية كانت أو دنيوية، بحيث لا يطغى بعضها على بعض، و لا يطغى غير المهم على المهم.
يقول أحد الصالحين :
" أوقات العبد أربعة لا خامس لها : النعمة، و البلية، و الطاعة، و المعصية.
و لله عليك في كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية :
فمن كان وقته الطاعة فسبيله شهود المنَّة من الله عليه أن هداه لها و وفقه للقيام بها
و من كان وقته النعمة فسبيله الشكر
و من كان وقته المعصية فسبيله التوبة و الاستغفار
و من كان وقته البلية فسبيله الرضا و الصبر. "
يملك المسلمون طاقات في أيديهم لا يدركونها و لا يستثمرونها الاستثمار الأمثل، و من هذه الطاقات طاقة الفراغ "العطلة الصيفية"
جعل الإسلام صاحب طاقتي الفراغ والصحة مغبون عند الناس، لأنه يملك وقتاً كافياً لينجز ما لا يستطيع أصحاب المشاغل فعله :
" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة و الفراغ ". حديث صحيح
فالعطلة الصيفية طاقة معطلة عند كثير من الناس يقضونها عبثاً و لهواً و دفعاً للوقت..
يقول أحد الصالحين :
" فراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة..
فإذا كفر العبد هذه النعمة بأن فتح على نفسه باب الهوى، وانجرَّ في قِياد الشهوات
شوَّش الله عليه نعمة قلبه، و سلبه ما كان يجده من صفاء قلبه."
لا بد من شغل الوقت، و عدم ترك النفس نهباً للفراغ، فنفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل؛ و لذا يقول رسول الله صلَى الله عليه وسلم :
" اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك، و صحتك قبل سقمك، و غناك قبل فقرك، و فراغك قبل شغلك، و حياتك قبل موتك". حديث صحيح
إتقِ الله في عمرك، فكل يوم تطلع شمسه في هذه الدنيا على عملك شهيد، فاغتنم منه فإنه لن يعود إلى يوم القيامة..
إننا عندما غفلنا عن قيمة الوقت لقبنا بالعالم الثالث، عندما فقدنا أخلاقيات ديننا في العمل تراجعنا، و صرنا في آخر القائمة..
فلا بد من العودة و النهوض بمقومات التقدم و احترام الوقت.
فلتحسن أخي المسلم استغلال وقتك فيما يعود عليك وعلى أمتك بالنفع في الدنيا و الآخرة، فما أحوج الأمة إلى رجال و نساء يعرفون قيمة الوقت و يطبقون ذلك في الحياة.
المراجع :
إسلام أون لاين
شمس الإسلام
صيد الفوائد
الروابط المفضلة