س ـ ما هو تأثير المفهوم الديني على التجربة الفنية؟.
ج ـ أكد الإسلام على أهمية العنصر الجمالي وأن الجمال صفة أخلاقية يجب أن يتحلى بها الإنسان. قال تعالى:" يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" كما ورد عن الإمام علي (ع): بأن الله جميل ويحب الجمال.
هذا الحث على التزين والتجمل والنظافة انعكس على أعمال الفنانين، ليس فقط في الانسجام والتناغم بين الأشكال الهندسية وإنما أيضاً في المعاني والأفكار... قد يكون هناك من يسأل بأن بعض الفنون القديمة ليس فيها جمالية، علماً بأنها تعتبر من الفنون التعبيرية كالفنون الزنجية في إفريقيا كالأقنعة المشوهة وغيرها.. نعم، ولكن الجمال لا يقتصر على المظهر فقط وإنما يتعدى ذلك إلى المعاني والمضامين والأفكار. وكما قال الفيلسوف الإسلامي ابن الرومي بأن: الصورة الظاهرة تقود إلى الصورة الباطنة..
والإسلام أراد أن تكون كل أعمال الفرد مرتبطة بالسماء ومنها الفن بكل مظاهره ومعانيه. ولقد عاش الفن الإسلامي عشرة قرون تحت ظل الإمبراطورية الإسلامية مغطياً نصف الكرة الأرضية تقريباً يومذاك.
وأما مسألة التحريم فمازالت محل نقاش وجدل ولم يرد في القرآن نصاً صريحاً بالتحريم إلا ما يشير إلى تحريم التماثيل والأنصاب ولم يذكر الرسم والفنون التشكيلية الأخرى والتي مازالت بين التحريم والتحليل، وغالبية العلماء تميل إلى التحليل واعتبار أن الفن ضرورة اجتماعية لا بد منها.
س ـ كيف ترى علاقة الدين مع الفني في الفن التشكيلي المعاصر؟.
ج ـ لو رجعنا إلى الوراء نحو الماضي لوجدنا أن الفن والدين يبرزان يداً بيد من أعماق ما قبل التاريخ المظلمة. ويذكر بأنه لا توجد مراحل عظيمة للفن دون الارتباط أو علاقة معينة بالدين، ومن الفنانين العظام الذين ارتبطت أعمالهم بالدين مايكل أنجلو ودافنشي ورافائيل وأخيراً صاحب المدرسة التعبيرية الراهب فانكوخ.
وعندما ظهرت الديانة المسيحية طلبت الكنيسة من الفنانين أن يقوموا بترجمة الإنجيل على شكل رسوم ولوحات دينية تمثل مشاهد مختلفة للسيد المسيح ومريم العذراء (ع) والقسيسين والرهبان وغير ذلك لأن الناس في ذلك الوقت كانت أمية وأن خير وسيلة لشرح تعاليم الدين هي الرسم. وما زالت هذه التقاليد سائرة حتى يومنا هذا.. ولكن الإسلام لم يتخذ الفن التشكيلي كوسيلة لشرح تعاليمه وأن يكون في خدمته كما هو عند أهل الكتاب وإنما الفن في الإسلام هو عبارة عن شيء روحاني فلسفي وجداني يعبر عن المعاني والحقائق المطلقة.
سابقاً كانت المذاهب الكلاسيكية تستند في فنونها إلى تلك المثالية الجمالية التي سادت في العهود الإغريقية في القرن الخامس ق. م. وكان افلاطون له رأي آخر في فنون عصره حيث اعتبرها فنون سطحية لأنها لا تزيد عن كونها تمثيل للعالم المرئي فقط. وهو يرى أن الفن يجب أن يكون تعبيراً عن عالم الحقائق أو الشكل الجوهري للأشياء الذي يمثل المضامين والمعاني المستترة وراء ظواهر الأشياء.
وجاء الفلاسفة المسلمون ليؤكدوا هذه النظرية كما ذكرنا سابقاً بأن الصورة الظاهرة تقود إلى صورة أخرى باطنة تدرك بعين القلب ونور البصيرة.
هذه الآراء هي التي تأسست عليها المبادئ الفنية للمذاهب التشكيلية المعاصرة التي أصبحت تبحث عن المطلق، أي المضمون بحسب قدرة وتخيل الفنان. وقد أحالت هذه المدارس الحديثة الأشكال إلى خطوط ومساحات وألوان ونقاط وغيرها وذلك بحثاً عن مضمون الشكل أو جوهره، ونرى هذا الأسلوب متمثل في الخط العربي والزخرفة الإسلامية بجميع أنواعها وحتى في الأشكال الآدمية والحيوانية التي رسمها الفنانون المسلمون، نرى ذلك التبسيط والزخرفة والألوان البراقة المسطحة، وقد تأثر بالفن الإسلامي كثير من رواد الحركة الفنية المعاصرة مثل ماتيس وبول كيلي اللذان عاشا فترة طويلة في البلدان العربية يدرسان تراثها الفني العظيم، كما زار شمال إفريقيا كل من مونيه وديلاكروا وكاندنسكي وغيرهم.. وقد انبهروا بالفن الإسلامي
http://www.alwah.com/alwah12/alwah12-23.htm
الروابط المفضلة