هذه من كتاباتي،،، أشرح فيها معاناتي،،، في شعوري تجاه غرفة النوم! التي هجرتها منذ أنجبت حبيبي جواد...عبثاً يبذل زوجي جهوده في اقناعي أنها المكان المخصص لنوم الأزواج! بينما ترتعد فرائضي حين أتذكر اللحظات التي كانت أول مخاضي حيث قضيتها فيها...وأنا حتى الآن أرفض العودة لها! وأبيت وزوجي في غرفة أخرى! فأقول:
شيءٌ ما هاهنا...في غرفةِ نوْمي...يرجعني إلى الوراءْ، كلما حاولتُ أنْ أتصالحَ مَعَها، يقذفني ما يزيدُ عن شهورٍ أربعْ...ويقول: "عودي........"
شيءٌ ما ..يُشعرني أنني لستُ وإياها على اتفاقْ ...ويشككُني فيما اذا كنا سنكونْ...فأعلنت الهجرةَ منها منذُ أصبحنا أسرةً من ثلاثة!
شيءٌ ما ...يرفضُ أن يتصالحَ معي وأرفضُ أن أتنازلَ له...وتعجبنا في هذه الفوضى لعبةُ الكبرياءْ،،، فنلعبها ولسنا ندري أياً من قوانينِها...
ساءلتُ روحي..."تُرى ما الذي استوطنَ هواءَ هذي الغرفة...؟ تُرى...هل هي بقايا صرخاتِ الألمْ، حين كان يغدرُ بي المخاضُ هاهنا؟؟؟!!! لكن قيودَ الألمِ قد كسّرتْ منذُ أكثرَ من أربعةِ شهورٍ بجرعةٍ من مخدرْ.. ومشرطٍ مجحفْ! أصبحَ الألمُ حينها جزءاً من ماضٍ لا تلبثُ ذكرياتُه أن تأتيَ كضيفٍ ثقيلْ، كلما سمعتُ بامرأةٍ حاملْ...أو أخرى تخططُ للحملْ!...وأ رأيتُ ثالثةً تتسوق احتفالاً بمولودٍ سيأتي بعد شهورْ...وأقول: مسكينةٌ هيَ،،، ستصارعُ تلك الآلامَ لساعات، لكنها ستشعرُ أنها سنينْ...تمرُّ بطءَ سلحفاة...وحدها في تلكَ الغرفة، وتضيق بها الجدرانْ...كم تفتقد تلكَ اليدينِ الدافئتينْ...إذْ رافقتاها ما يزيدُ عن شهورٍ تسعْ...كم تفتقدهما في غرفةٍ تشعرُ أن جدرانَها تضمُّها ضمةََ موتْ...وحيـــــدة...حيثُ كلُّ الملابسِ خضراءَ خضرةً لا تنبئُ عن خير...حيث كل الأيادي قاسية...قسوةً لا تنبئ الا عن جفافٍ وجمودْ.. يستوطنُ أنحاءَ السريرْ...وأظافر طويلة!!! هل يجدرُ بالأظافرِ الطويلةِ ان تدخلَ هذي الغرفة؟!!!
أواه...ألتزيدَ الألمَ أضعافاً؟؟؟!!! أم أنه يسمحُ للأظافر الطويلةِ أنْ تقتحمَ غرفَ التوليدِ في بلادي؟؟؟؟؟!! كلُّ شيءٍ غدا مؤلماً ها هنا...
حينَ لم يسعفْني فراغُ المكانِ بإجابة...تساءلتُ مرةً أخرى.. " ما الذي يستوطنُ هذا المكانْ...فقد خرجَ للنورِ ابني الحبيبُ "جواد"، ليحاولَ فاشلاً انْ يسدلَ الستارَ عن ذلك اليومِ القاسي...
لماذا لا أستطيع أن أنسى؟؟؟ ألا تكفي ابتسامتُه الرائعةُ مشرقةً تستفتحُ صباحي بأن تمحوَ مُرّّ الذكرياتْ؟؟؟
ألا يكفي ذلك الفمُ الرقيقُ الذي لم يقتحمه سنٌ بعد أن يزيلَ عتمةَ الألم؟؟؟
حتى ذلك الطفلُ الصغيرْ_ عُمْري لهُ_ كلما دخلَ تلكَ الغرفةِ لبرهاتٍ يبدأُ يستكشفُ تلكَ الغرفة...كأنها تعنيه بطريقةٍ أو بأخرى!!! أو تراه يتمحصها لأنه لا يراها كثيراً كسائر أرجاءِ البيتْ؟؟؟ هو بالنسبةِ إليها زائرٌ خفيفْ...تحمله يدا أحبِّ الناسِ اليه (كم أظن!) فيعبرُها عبورَ الراحلينْ...لأن تلكَ الأم كمْ كذبتْ عليه!!! في كلِّ أسبوعٍ تنظفُ تلكَ الغرفة وتنثرُ العِطرَ في أرجائها، آملةً أنْ يمحوَ العطرُ روائحَ الألمِ المكدسةِ في الزوايا، وتعده بأن ثلاثتَهم سينامون في تلك الغرفة هذي الليلة...عبثاً..عبثاً...
حين تنتشرُ الخيوطُ السوداءُ وسطَ السماءْ...وبمجردِ أنْ تختفيَ تلك الدائرةُ الحمراءْ، معلنةً رحيلَ يومٍ آخرْ...أنسى عهودي لك يا جوادْ...كيف لا...وقد تناسيتُ عهدي مع نفسي بأن أطوي تلك الصفحة لأقتحمَ صفحةً بيضاءْ...
كم أخشى الخربشةَ على الصفحاتِ البيضاءْ...وكم تستفزُّني في ذاتِ الوقتْ!
أنا التي اعتدتُ الرتابةَََ في كلِّ شيءْ..حتى ملني الجُبْنُ ومللتُه!
ترى متى سأتحررُ منه ولا تتحداني الدموعُ في كل مرةٍ أدخل فيها غرفة نومي لأرفعِ رايةً بيضاء...؟ لا زلتُ أدري ولا أدري...ولا زلتُ أذكرُ و أتناسى...
كم عانى زوجي معي حين كان يأتي إلى غرفةِ نومي في أولِ أيامِ الولادة...بعد أن يبحثَ عني في أرجاءِ البيت، وينادي...فأتظاهرُ بأني لستُ أسمعُ نداءه! فيفاجأُ بي ممددةً كقتيلةٍ على ذلكَ السريرِ أنثرُ دموعي...يا لضعفي...كم حاولَ أن يغيّرَ من واقعِ الأمرِ وتوّجَ محاولاته الخائبة بالفشل تلو الفشلْ...
آه...نسيتُ أن أخبركنَّ أن غرفةَ نومي في الطابق الثاني، بتُّ لأجلها أكرهُ كلًّ الطابق الثاني! لا بلْ وأكثرَ من هذا: بتُّ أشعر أن الطوابق العليا ما خُلقِتْ إلا لتبددَ الدفءَ من المكـانْ...وتطرده باستراتيجيةِ مُحتلْ...وأكثرَ من هذا: إنها الطوابقُ التي تصلح لسكنى الأرواحْ...ليست خزعبلاتْ...فأنا في الطابق الثاني لا أشعرُ أني وحدي! أشعرُ أن روحاً ثقيلةً تفرضُ نفسَها علي...وتشاركني المكان رغماً عني...وأنسحبُ أنا كضعيفةٍ هاربة...
كم أحسدُ أولئكَ الذين لا يزيدُ بيتُهم عن غرفتين! هنالك يعبقُ المكان بدفءٍ قلما يشعر به أصحاب الطوابقِ العليا......
لماذا كل هذا الحقد على غرفة نومي؟!
ولماذا أهرب منها ولا تهرب مني ؟؟؟ لا بل وتتمرد علي؟؟؟!!!
وهل سيأتي يومٌ وأجدُ فيها ما فقدتُه منذُ أكثرَ منْ أربعةِ شهورْ...؟؟؟
الروابط المفضلة