لا شك أن النظرة القرآنية تولي الأسرة عناية فائقة نظرا للدور الفعال الذي تلعبه على الناحية الاجتماعية، قال تعالى:"و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجالتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" (21)الروم .
و الأسرة هي الجماعة التي ارتبط ركناها (أي الزوج و الزوجة) بالزواج الشرعي ، و التزمت بالحقوق و الواجبات بين طرفيها ، و المتكونة من الأب و الأم و الأولاد و قد تتسع لتشمل الأجداد و بعض الأقارب و التي تربط بينهم علاقة المحبة و التعاون و التضامن والاحترام.
و من الأسف أن نسرد تلك الصفحات السوداء للمجتمع البدائي الذي لم يكن قائما على أساس المحبة و التعاون، فقد كان القوي يأكل الضعيف و قد كان التسلط و الاستبداد من طرف رب العائلة أو زعيم القبيلة فانتشرت الإباحية و الزواج بالمحارم و قتل الأولاد حين الفقر و بيعهم عند الحاجة و تسديد الدين، فكانت العائلة تمضي في حياتها كالقطيع من غير راع، و كان مصطلح الحقوق و الواجبات غائب آنذاك فاختلطت الأنساب، أما المرأة فكانت مخلوقا سخر للخدمة و المتعة و الأشغال الشاقة،فكانت تباع و ترهن وتقرض و قد سلبت جميع حقوقها حتى حق الآدمية
و لما جاء الإسلام أنار بنوره الأبيض هذه الظلمات و أعاد الاعتبار للأسرةالتي هي الخلية الأساسية لبناء المجتمع
فلا أسرة إلا بالزواج إذ جعل الله الزواج المدخل الوحيد لقيام الأسرة في المجتمع و وضع له شروط و ضوابط ، حيث ألغى الإسلام كل أشكال الزواج الجاهلي و أبقى فقط على الزواج الواضح الجلي أمام الناس و الشهود و الذي لا ينشا إلا برضا الزوجين على أن يقدم الزوج صداقا يعد عربون وفاء و صدق في القصد ، كما يشارك المرأة في إبرام العقد وليها الذي يحرض على مصلحتها و يعلم من شؤون الرجال ما يخفي عن الكثير من النساء
والأسرة في الإسلام يبدأ بناؤها بالزواج الشرعي الذي تستقرّ وتستمرّ به الحياة الزوجية، فالأسرة السعيدة هي حصن للرجل وستر للمرأة، قال الله تعالى: ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) (187) سورة البقرة والأسرة السعيدة هي السكن الروحي والنفسي، وفيها المودّة والرحمة
و الأسرة الشريفة التي يؤدّي فيها كل أفرادها واجباتهم سوف يتخرّج منها الرجال الذين يستطيعون مواجه الحياة بحكمة وصبر، ويتخرّج منها النساء القانتات اللاتي يتحصنّ بالعفّة الكرامة.
والحفاظ على الأسرة يحتاج إلى تعاون بين جميع أفرادها على تحمّل أعباء الحياة وواجباتها. ويحتاج إلى آداب واستعدادات وتقوى وإيمان.
و ان طابع الأسرة هو الاستمرار و هدفها هو الاستقرار و السكن لان الحياة تغدو مستحيلة بدون هذا الاستقرار فالرجل يكد و يكدح و لا بكمن ان يفعل شيئا دون ان تكون معه زوجة صالحة تساعده و تشاركه أفراحه و أتراحه
و هذه السكينة يسعى كل أفراد الأسرة الى تحقيقها و المحافظة عليها ، فالزوج يحترم زوجته و يعاملها بالمعروف و إذا ما أخطأت في حقه ينصحها و يصبر على آذاها و الزوجة كذلك تراعي حق زوجها و تحافظ على بيتها و مال زوجها و الآباء يربون أبناءهم على الفضيلة و يسعون ليلبوا حاجاتهم مما استطاعوا بالحلال و الأبناء بدورهم يطيعون آباءهم و يتجنبون كل ما يعكر صفو الأسرة
و الأسرة في الإسلام تبنى على السكينة والمودة، لذا علينا أن نسعى إلى تحقيقها في أسرتنا والمحافظة عليها بشتى السبل.
حقوق الحفظ لدى **سهى **
و ممنوع النقل .
الروابط المفضلة