
:

,’ بسم الله الرحمن الرحيم ’،

خلف تلك الأسوار
ومن وراء القضبان حيث اللا انتماء ..
بكاءُ لا ينتهي... دموعٌ لا تنْضُب..
عيونٌ زائِغةٌ .. تبحَثُ عن نقطةٍ تسْتقرُّ عليها
نفسٌ منْهكةٌ ، مُتْعَبةٌ.. راحلةٌ إلى المجهول

كان هذا حالها...
اليوم انتهت مدة محكوميَّتها ..، ستخرجُ اليوم !!
لكن ....... إلى أين؟ إلى من؟
إلى أين ستذهب.. ومن سيستقبلها؟
ماذا ستقول؟ وأي حضنٍ سترمي بكاهلها الذي أنهكته الأيام الباردة
من سيصدِّقُها ؟ ومن سيحْتوي آلامَها ؟

انتهت حياتُها ، ستعيشُ بروحٍ خاوية .. وأحزانٍ بلا نهاية
شعورٌ قاآآآآتلٌ بالندم

.. لن تخرجَ إلى الحريَّة !! لأن سجناً أكبر ينتظرُها حال خروجها من دار الرعاية
أودعت فيها بسببِ شهوةِ ساعة وليتها ما كانت!!
لن تفيدَ كلُّ أعذار الدُّنيا.. فلن يستمعَ إليها أحدٌ.. ولن تجدَ آذانً صاغية
شعورُها بالظِّلم والقهر لن يشفع لها..
فجريمتُها تعدّتها لتشملَ جميع أفراد أسرتها

إنها فتاة ما وراء القضبان..
طريقُها صعبٌ وطويلٌ جداًّ
لا حافِظَ فيه إلا الله
هو وحده من ستلجأُ إليه ليكشفَ همَّها ويفرِّجَ كربتها
هي على يقينٍ بأنها ستُلاقي الصُّدود من الأهل والمجتمع

لا أظننا كشرقيين نحتملُ أن تكون مثل هذه الحالة بين ظهرانينا
حتى وإن كانت هذه الحالة هي ناتج خطأ المجتمع بحقِّها..
ستعاني الكثيرَ والكثيرَ في سبيل استرجاع ثقة من هم حولها
هذا إن أُعْطِيت الفرصة ، و لم تتعرَّض لانتقامِ أبٍ أو أخٍ أو زوج
وهي التي أضرَّت بسمعتهم وأوصلتها إلى الحضيض في نظر المجتمع

برغم خطئها إلا أنها ما زالت تحملُ في قلبها حنينٌ غامرٌ للحياة
والانخراط في المجتمع الذي انسلخت عنه خلال مدة محكوميَّتها

كم هي مشتاقةٌ للبيت والأهل .. للصديقات والأقارب
وكم تخشى تلك النَّظرات اللائمة .. والمؤلمة

الهمسات الجارحة ... والإشارات القاتلة
تأمل وتتمنّى أن يُنْظَرَ إليها بشكلٍ إيجابيّ
بعد أن تلقَّت عقابها بقضاء أيامٍ وليالٍ خلف القضبان
تحيط بها الأسوار العالية
أعلنت توبتها
فالله غفورٌ رحيم
{ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ
مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً } النساء:17
فالإسلام لم يغلق الأبواب أمام من أخطأوا ولم يطردهم من المجتمع
إن أرادوا الطهارة والتوبة، بل شجَّعهم وأفسح لهم طريق الإنابة إلى الله

والآن نأتي للتحاور في هذا السياق
كيف سينظر المجتمع إلى الفتاة بعد إنهاء فترة عقوبتها في السجن؟
ألا نعتبر عدم قبول المجتمع لها ورفضها أن يكون له الأثر السلبي
عليها سواء داخل السجن أو خارجه؟
ألا يدفعها انتقام المجتمع والأهل منها إلى دفعها للجريمة مرة أخرى؟
ما واجب كلٌّ من الأهل و المجتمع تجاه هؤلاء الفتيات؟
قد ينسى المجتمع يوما أن هذا الشاب كان يوما وراء القضبان
ولكن هل سيطبق ذلك على الفتاة؟
وأخيرا هل إعادة تأهيل تلك الفتاة يعطيها الحق لاندماجها في المجتمع
أم أن ذلك يعتبر صعباً أو مستحيلاً؟
ولا تزال القضية شائكة..
ولا زالت هناك قلوباً حائرة
تمدُّ أيديها لعلَّها تلاقي من يأخذ بيدها
تصرخ بأعلى صوتها
"أعيدونا إليكم"


فتنطلق من حبسها إلى فضاءٍ من التسامح والصفح
لتكون عضواً فعّالاً في مجتمع ربما كانت ضحيته
دعوهنَّ يرينَ أيادينا البيضاء تمْتدُّ إليهن
بدل أن نُرجعهن إلى قيودهن مرةً أخرى.

من إعداد مشرفات ملتقى الفتيات
::
تعليق