بين الله في هذه الآيات صور الوحي المختلفة
فهو سبحانه، يكلم الناس إلهاما أو نفخا في الروع أو في المنام
أو يكلمهم بحيث يُسمعُ كلامه ولا يُرى كما فعل مع موسى عليه السلام أو يُرسِلُ رسولا بذلك، كلها من صور الوحي
* وهو العليُّ، أي أن الطاقة البشرية في الدنيا لا تطيقُ رؤية الله تبارك وتعالى
* أطلق الله سبحانه وتعالى على القرآن إسم "روحا" لأنه به تحيا القلوب الميتة كما تحيا الأجسام بالروح
* ولله ما في السماوات وما في الأرض خَلقاً ومُلكاً
وفي الآخرة يقضي بين الناس بالعدل ولا حاكم سواه فيجازي كل حسب عمله
فمن استحق الثواب أثابهُ ومن استحق العقاب عاقبهُ
* يبين الله منتهُ على نبيه الكريم
فهو مَنَّ عليه بهذا القرآن ولم يكن يعلمه قبل ذلك
وعلمه تفاصيل دين الإسلام ولم يكن يعلمها قبل ذلك
(ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان)، أي ما كنت تدري حتى علمتك
والكتاب هو القرآن، والإيمان هو العقيدة والقول والعمل
فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم تفاصيل الصلوات المكتوبة ولا أوقاتها ولا الصيام في رمضان ولا تفاصيل الزكاة ولا تفاصيل الحج ولا ما يجوز أو لا يجوز في كل هذا
إلى أن علمه الله بأن أنزل إليه الوحي أي الكتاب المبين
* سمى الله القرآن نورا لأنه يضيء الحق ويُظهرهُ وينيرُ ظلمات الجهل والشرك ويزهقُ الباطل
وقد ميز الله بهذا القرآن بين الهدى والظلال والحسن والقبيح
فوجب على كل مسلم أن يَسْتَضِيءَ بنوره
كيف ذلك ؟...
بان يُحِلَّ حلاله ويُحرمَ حرامه ويأتمِرَ بأوامرهِ ويجتنبَ ما نُهِيَ عن فعله وأن يعتبر بما جاء في قصصه من العبر والأحكام..
*
الزخرف
* أقسم الله بالقرآن الذي هو بيان لكل ما يحتاج إليه العباد في أمور الدنيا والدين والآخرة
* وقد أنزل الله الذكرَ باللغة العربية وهي أصح اللغات وأوضحها وأبينها
وذكر الله الحكمة من إنزال القرآن بالعربية فقال (لعلكم تعقلون)
أي لتفهموا ما أنزل إليكم من الوحي لمعرفتكم لألفاظِها ومعانيها بما أنها لغتكم
* وامتدح الله سبحانه وتعالى كتابه فوصفه بـ "العلي" أي في القدر أي عليُّ القدرِ، ووصفه بـ "الحكيم" أي فيما اشتمل عليه من الأوامر والنواهي والأخبار
أي أن هذا القرآن هو كتاب ذو علو شأنٍ على سائر الكتب قبله
حكيم ذو حكمةٍ بالغةٍ لا يُرَامُ مثلها
* وبالرغم من إعراض الكفار عن الذكر وعدم انقيادهم له وتكذيبهم المتواصل للمرسلين، فإن حكمة الله اقتضت ألا يترك عباده دون أن يُرسل إليهم رسولا يبين لهم الكتاب والحكمة ويعلمهم الخير والشر
فهم عباده، وحكمته ألا يُهمِلهم حتى يُقيمَ عليهم الحجة، وإن آمنوا فقد وُفقوا إلى ذلك
* ويبين الله أنه بالرغم من إرسال العديد من الرسل وتنزيل العديد من الكتب، فإن التكذيب والاستهزاء بالأنبياء مازال في الأمم، جُحدًا وتكبرًا
وبين الله سبحانه أن هؤلاء لن يُعوِزوهُ إذا أراد أن يهلكهم
فقد أهلك من هم أكثر قوة وبطشا وإعراضا في الأرض
ووضح هذا المعنى من خلال استعراض قصص الذين سبقوهم
* وأقر الكفار بأن خالق السماوات والأرض هو الله ذو العزة والعلم، ومع ذلك يجعلون له شريكا وصاحبة وولدا
* ومن الأدلة الدالة على كمال قدرته ونعمته على عباده، أن خلق الأرض ومهدها أي بسطها للعباد كما يُمَهَّدُ الفراش للصبي حتى يتيسر لهم الضرب فيها لطلبِ الرزق
وجعل "سبلا" أي منافذ بين سلاسل الجبال ينفذ منها الإنسان إلى البلاد الأخرى
* والله نزل من السماء ماءً "بقدر" أي بكميات موزونة فلا تزيد بحيث تضر العباد ولا تنقص بحيث لا تكفيهم، فأغاث به العباد وأنقذ به الناس من الشدة فأحياهم كما يحيي الأرض فينبت فيها الزرع والنبات
* وبين الله أنه خلق كل شيء زوجا وهو الواحد الوتر
وهذا ما اكتشفه العلم الحديث من أن كل شيء خلق من زوج حتى الذرة فهي زوج موجب وسالب
* ومن فضله سبحانه على عباده أن سخر كل هذه النعم تحت تصرف عباده في حين أنهم غير قادرين على تسخيرها لأنفسهم
* يخبر الله تعالى عن شناعة قول المشركين الذين جعلوا لله تعالى ولدا وهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا
وهذا افتراء على الله سبحانه وتعالى لأن الخلق كلهم عباده
ومنها أن الولادة من صفات البشر
والله مختلف عن البشر في صفاته جل جلاله
* وزعم الكفار أن الملائكة بنات الله ومن المعلوم أنه عندهم البنات أدنى الجنسين وأكرهها لهم
وكان إذا بُشرَ أحدهم ببنتٍ اكفهر وجهه كرها
فكيف يصطفيهم بالبنين ويترك لنفسه البنات، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
*ومن دناءتهم أنهم تجرأوا على الملائكة عباد الله المقربين وجعلوهم إناثا وهو الجنس المكروه عندهم فرد عليهم الله بأنهم لم يشهدوا خلقه لملائكته
فكيف يتكلمون بأمر ليس لهم به علم
* وأنكر الله سبحانه وتعالى ما كان يقوله كفار قريش من أنهم يتبعون ما وجدوا عليه آباءهم من دين وملة
وأنهم لن يتبعوا دين محمد صلى الله عليه وسلم
وأقام الله عليهم الحجة وهي أنه لم يرسل لهم رسولا من قبل إلا محمدا
* وقال المنعمون الذين غرتهم أموالهم واستكبروا على الحق: إنا متبعون آباؤنا وما قاله آباؤنا
وما يفعل هؤلاء الضالون باتباعهم أباءهم الضالين إلا إبقاءً على الشرك ونُصرةً للباطل
ظنا منهم أن النعيم لن يكون إلا في ذلك
الروابط المفضلة