التغير للأفضل
أنا، وأنت، وهو، وهي ، كلنا لدينا أحلام نتمنى أن تتحقق، فقط نختلف في نوع هذه الأحلام، وكيفية تحقيقها ، وسنختلف بعد عشر أو عشرين سنة في عدد من حقق أحلامه أو بعضها، ومن بقي على حاله كما هو اليوم وربما أسوأ.
لماذا يتغير بعضنا إلى الأفضل ، ويبقى بعضنا الآخر على حاله؟.... إن التغيير أمر حتمي ، فالحياة تتغير، والظروف تتغير، وحتى المناخ يتغير، وكل شيء من حولنا يتغير، بل نحن أنفسنا وأجسادنا تتغير من شكلها الطفولي إلى مرحلة البلوغ فالنضج ثم التجاعيد والشيب و..و..و..و..و..
ومع كل هذا تجد البعض منا يكره التغيير ، حتى إذا أبديت له بملاحظة إيجابية وقلت له:
لقد تغيرت طريقة تفكيرك، أو
لقد تغيرت شخصيتك ، تجده يرد بسرعة ويدافع عن نفسه كمن اتهم بشيء معيب:
‘‘ أنا؟؟؟؟ لا،لا، لم أتغير، أنا كما أنا، وكما تعرفونني دوما، ولم يتغير في شيء...‘‘
إذا لم تتغير مع تغير ما حولك ، ومع تغير تجاربك، وخبراتك، وثقافتك، فمعنى هذا أنك جماد لا تتأثر..
!!!
أرى الناس تعودوا على تصرفات معينة منذ نعومة أظافرهم ، حتى صارت هذه التصرفات سجنا يقيد حريتهم، وإبداعهم، وأصبح الكل نسخة مطابقة للآخرين ، كيف لا وهم سجناء هذه العادات التي ما إن يفكر واحد فقط في تغييرها، حتى يعتبر خارجا عن المألوف، ويعتبر ما يفعله عيبا ، ولو كان قد غير عادة قبيحة بأخرى حسنة.
فالتغيير نوعان: إما أن تتغيري إلى الأفضل أو أن تتغيري إلى الأسوإ، إما أن تتقدمي أو أن تتأخري، إما أن تعلي وتسمي وتصعدي، وإما أن تنحدري وتسفلي وتهبطي.
فعلى الإنسان أن يسعى إلى تغيير نفسه إلى ما هو أفضل وأسمى وأجمل، وعليه أن يوجه دفة سفينة حياته الى شاطىء الأمان والآمال والأماني، وليس فقط أن يتبع الأساطيل البحرية المحادية. أين شخصيتك؟ أين عقلك؟ أين أحلامك؟
لماذا نكتفي بتقليد الآخرين حتى تشابه كل الناس؟؟ لماذا نعيش الأيام بالروتين نفسه حتى تشابهت الأسابيع والشهور ؟ ولماذا؟؟؟ ولماذا؟؟؟؟
فكيف تتغيرين إلى الأفضل؟ كيف تغيرين حياتك إلى الأحسن؟ كيف تنجحين في مشوار هذه الدنيا؟ وكيف تطورين شخصيتك ومستقبلك؟
أول خطوة :
ضعي نصب عينيك هذه الآية الكريمة من سورة الرعد (الآية11):
*إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم*
أول ما نفهمه من هذه الآية هو أن التغيير يستلزم منك رغبة داخلية ، وإرادة جادة، يجب أن تفكري أنت، وترغبي أنت، وتسعي أنت، إلى تغيير حالك وحياتك.
لايمكن لأي شخص أن يغيرك ولو فعل المستحيل إذا كانت رغبتك منعدمة، أو إرادتك ضعيفة. فزمام التغيير بيدك، اجعلي ضميرك يصرخ، ونفسك تردد، وإرادتك تصيح:
اليوم سأسعى إلى تغيير حالي إلى الأفضل.
فماذا ستغيرين ؟ وبماذا ستبدئين؟
يمكنك أن تركزي على مجالات عديدة أرى من أهمها ما يلي:
- العلاقات الاجتماعية.
- السلوكات والأخلاقيات.
- المهارات.
- المسؤوليات.
- طريقة التفكير.
-وأشياء أخرى تختلف من شخص إلى آخر.
ونحن - المسلمين - لدينا حافز يشجعنا على التغيير الى الأفضل، ويحمسنا أكثر وأكثر، وهذا الحافز هو : التفكر في الجنة وفي رضا الله وجزائه.
فإن كانت أخلاقك -مثلا- سيئة أو بعضها على الأقل، فكري في الجنة ، فكري في النعم التي سيجازيك الله بها إذا غيرتها إلى أخلاق عالية سامية فاضلة.
إذا كنت قاطعة لرحمك ولا علاقة لك مع جيرانك، فالتفكير في الجزاء والعقاب الإلهي سيجعلك تتغيرين إلى الأفضل ، لسعيك الى رضا الله وجنته. والشيء نفسه في مجال الدراسة أو العمل أو.. أو.. أو..
أما الحافز الثاني فهو أن تؤمني بقوتك وقدرتك على التغيير، فكل من يستصغر شأن نفسه لن يتغير قيد أنملة رغم ما قد يكون لديه من المهارات والقدرات. فلا تنظري الى نفسك نظرة استصغار، لا تعتقدي أن الآخرين أفضل وأقدر منك، بل رددي :
أنا قوية ، انا شجاعة، أنا ناجحة، أنا قادرة.... شجعي نفسك وأخرجي طاقاتها وقدراتها، وآمني بها وبقوتها، وستكون هذه هي الدرجة الأولى من سلم التغيير.
فقط يجب أن تنتبهي إلى بعض الأمور:
- لا تفكري في أخطاء الماضي كثيرا، بل استفيدي منها ، ولا تجعليها تتحكم بك ، أو تقيدك، وإلا بدل التغيير ستجدين نفسك غارقة في بحر الماضي.
- افهمي ما يجري حولك حاليا، واشعري بكل تغيير يحصل في محيطك، وتعايشي معه بذكاء، فما هو إيجابي انهلي منه ما تشائين، وما هو سلبي احذري منه وتجنبيه.
- حاولي أن تحيطي نفسك بنساء إيجابيات يشجعن على التطور والتغير وتحسين الذات، وإياك ومصاحبة السلبيات اللواتي يرجعنك خطوات إلى الوراء بدل دفعك إلى الأمام ، وتشجيعك على إخراج مهاراتك وتحسين أوضاعك.
- حاولي أن تكافئي نفسك بعد كل تغيير جيد ولو كان طفيفا ، بشوكولاته، بنزهة، بمدح نفسك لنفسك، فهذا سيشجعك على الاستمرار في التغيير الى الأفضل ، وسيزرع الثقة بنفسك أكثر وأكثر.
- ضعي برنامجا أو خطة يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية لما تسعين إلى الوصول إليه. وضعي علامة عند كل نقطة استطعت تحقيقها لتلمسي تطورك وتتشجعي أكثر.
أريد حقا أن أقدم أمثلة لأناس غيروا حياتهم بقدراتهم إلى الأفضل ، لنتخذهم قدوة ونسير على خطاهم، ولكن مجال ذكر الأمثلة لا يتسع، لذا سأختم موضوعي الأول هذا ، بمثال قد تعيشه أو عاشته كل واحدة منا بطريقة أو بأخرى، فقط لأبرهن على أن التغيير ممكن ولا يجب أن نوهم أنفسنا بالمثل القائل: *من شب على شيء شاب عليه* والمثال هو: كم من شخص لا يصلي ولا يصوم ولا يتقي الله، ولما مات ابنه أو أخوه أو أي شخص عزيز انقلبت حياته 180 درجة، فأصبح لا يفارق المسجد، ويتصدق ويعامل الناس بالحسنى,,,,, وكم.. وكم.. وكم..
الأمثلة كثيرة ، لا نريد أن نحصر همنا في الاستمتاع بكتابتها أو قراءتها ، ولكن يجب أن نركز على أن نكون نحن أو البعض منا على الأقل، من بين هذه الأمثلة مستقبلا.
فلنغير أنفسنا ، ولنغير أسرنا لنستطيع بعد أجيال أن نغير مجتمعاتنا، ونحن اليوم نشكو ونئن من المشاكل التي سببناها بأنفسنا داخل أوطاننا.
لا يمكن أن تكون الصحوة الاجتماعية من دون صحوة فردية، فلأبدأ ، ولتبدئي ، ولتشجعي الآخرين على البدء بالتغير ، من أجل غد أفضل، من أجل عالم أجمل.
أختكم التي تحبكم في الله
نورس المغرب
الروابط المفضلة