~ سُـرَّاقُ الحَيـاة :"
الإسم:  12607238_1053115178074180_1712658711_n.jpg
المشاهدات: 2512
الحجم:  25.8 كيلوبايت
قد يُوجَدُ بيننا لُصوصٌ لا نعرفهم ، ولا تتَّضِحُ لنا هُويَّتُهم .
بل قد يُخالطوننا في كُلِّ لحظةٍ ولا نشعرُ أنَّهم يسرقوننا
دُونَ أن ننتبِهَ لهم .

لُصوصٌ يلبسون ملابسَ أنيقةً ، ويتحدَّثونَ بكلماتٍ رقيقةٍ ،
ويُظهِرونَ صداقتَهم وحُبَّهم لنا ، وتعلُّقَهم بنا ، وقُربَهم مِنَّا .

ومع مرور الأيَّام تظهرُ لنا حقيقتُهم ، وتنكشِفُ نيَّتُهم ،
وتتَّضِحُ مَقاصِدَهم .

فنُفيقُ على حقيقةٍ لم تخطُر ببالنا ، ولم نتوقّعها يومًا .
ونُصدَمُ حين نعلمُ أنَّ كثيرًا من مُمتلكاتِنا ومُتعلَّقاتِنا قد سُرِقَت مِنَّا .
والأصعبُ حين نعلمُ أنَّ قلوبنا هِيَ التي سُرِقَت .
بل المُحزِنُ أن نُسرِقَ ويُذْهَبَ بنا بعيدًا على حين غفلةٍ مِنَّا ،
وكأنَّنا كُنَّا في حالةِ إغماءٍ وغيابٍ عن الوَعي .

من بين هؤلاءِ اللصوص : التِّقنياتُ الحَديثةُ ؛ حاسباتٌ وجوَّالاتٌ ،
بما تحويه من مواقع ، وبرامج ، ودعواتٍ ، وحِواراتٍ ، ومُحادثاتٍ .


يُنادِيها أبوها :
يا بُنيَّة ، أحضِري لي كُوبًا من الماءِ ؛ لأشربَ .
فتَرُدُّ عليه قائلةً : انتظِر قليلًا يا أبي .
فهِيَ مشغولةٌ في مُحادثةٍ مع زميلتِها على الواتس أب .


تطلُبُ منه أُمُّه أن يشتريَ لها بعضَ المُتطلَّباتِ من مَحَلٍّ قريبٍ
من البيتِ ، فيقولُ لها :
سأُحضِرُها في وقتٍ لاحقٍ بإذن الله .
فهو مشغولٌ بقِراءةِ التَّغريداتِ على تويتر .


تُعِدُّ زوجتُه العَشاءَ وتُنادِيه ، فيقولُ لها :
لا أُريدُ أن آكُلَ الآن .
فهو مشغولٌ بمُشاهدة الصور على انستقرام ،
وإرسال الإعجاباتِ على فيس بوك .



جاء مَوعِدُ مُحاضرتِها ولم تخُرج من البيت .
تقولُ لها أُمُّها :
ما زِلتِ هُنا ! لقد بدأت مُحاضرتُكِ .
فتَرُدُّ ببُرودٍ : لا بأس ، سأكتُبُها من إحدى زميلاتي .
فهِيَ مشغولةٌ بالبحثِ عن تطبيقاتٍ جديدةٍ تُناسِبُ جوَّالَها .

سرقتنا التِّقنياتُ من بين أهلنا وأحبابنا ، بل سرقتنا من أنفُسِنا .
أعطيناها جُلَّ اهتمامِنا ، حتى أثَّرت على عُقولنا ،
وأنستنا كثيرًا من أدوارنا ، وأشغلتنا عمَّن حولَنا .
ولكنَّ الأكثرَ ألمًا حين تسْرقُنا من عباداتنا :"

فهذه تنقُرُ الصَّلاةَ كنقر الغُراب ؛ حتَّى لا يفُوتَها اجتماعُ الصَّديقات ،
وتِلك تُؤجِّلُ وِرْدَها اليَوميَّ ، وأُخرى تتنازلُ عن بعض السُّنن .

لنُراجِع أنفُسَنا مُراجعةً دقيقةً ، ولنُعِد مُمتلكاتِنا المسرُوقة .

= وقفــةٌ حِواريَّةٌ :


- هل تُؤيِّدين تخصيصَ وقتٍ يوميٍّ تقضينه في العالَم التِّقنيِّ ،
ثُمَّ تُكملين يومَكِ بعيدةً عنه ؟!

- أأصبح من الضَّروريِّ التَّواجُدُ في جميع برامج التَّواصُل ،
أم يكفي التَّواجُدُ في واحدٍ أو اثنين منها وتُؤدِّي الغرض المنشود ؟!

- ماذا عن الألعاب وقضاءِ ساعاتٍ طويلةٍ في التنقُّل بينها ؟
كلمةٌ تُوجِّهينها لمُدمني الألعاب حتَّى يكادُون أن يناموا
ويستيقظُوا عليها ؟