ﭑ ﭒ ﭓ
ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ
ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼ
تقدم الكلام على البسملة.
{ 1 } وأما الحروف المقطَّعة في أوائل السورة ([1]) ؛ فالأسلم فيها السكوت عن التعرُّض لمعناها من غير مستند شرعي، مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثاً، بل لحكمة لا نعلمها.
{ 2 } وقوله: ﭽ ﭓ ﭔﭼ؛ أي: هذا الكتاب العظيم، الذي هو الكتاب على الحقيقة، المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم والحقِّ المبين؛
فـلا ريب فيه ولا شـكَّ بوجـه من الوجـوه، ونفي الرَّيب عنه يستلـزم ضده إذ ضد الريب والشك اليقين،
فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب.
وهذه قاعدة مفيدة أن النفي المقصود به المدح لا بد أن يكون متضمناً لضده وهو الكمال؛ لأن النفي عدم،
والعدم المحض لا مدح فيه، فلما اشتمل على اليقين وكانت الهداية لا تحصل إلا باليقين؛
قال: ﭽ ﭚ ﭛ ﭼوالهدى ما تحصل به الهداية من الضلالة والشُّبَه،
وما به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة.
وقال: ﭽﭚ ﭼوحذف المعمولَ، فلم يقل: هدى للمصلحة الفلانية ولا للشيء الفلاني؛
لإرادة العموم وأنه هدى لجميع مصالح الدارين، فهو مرشدٌ للعباد في المسائل الأصولية والفروعية، ومبين للحق من الباطل والصحيح من الضعيف،
ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم في دنياهم وأخراهم. وقال في موضع آخر: {هدى للناس} فعمَّم، وفي هذا الموضع وغيره: ﭽ ﭚ ﭛ ﭼلأنه في نفسه هدى لجميع الناس ([1]) ،
فالأشقياء لم يرفعوا به رأساً ولم يقبلوا هدى الله، فقامت عليهم به الحجة، ولم ينتفعوا به لشقائهم.
وأما المتقون الذين أتوا بالسبب الأكبر لحصول الهداية وهو التقوى التي حقيقتها:
اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه بامتثال أوامره، واجتناب النواهي، فاهتدوا به، وانتفعوا غاية الانتفاع،
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً} فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية والآيات الكونية.
ولأن الهداية نوعان: هداية البيان، وهداية التوفيق، فالمتقون حصلت لهم الهدايتان وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق،
وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها ليست هداية حقيقية تامة.
ثم وصف المتقين بالعقائد والأعمال الباطنة والأعمال الظاهرة لتضمن التقوى لذلك فقال:
{ 3 } ﭽ ﭝ ﭞ ﭟ ﭼحقيقة الإيمان هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل، المتضمن لانقياد الجوارح،
وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحسِّ، فإنه لا يتميز بها المسلم من الكافر،
إنما الشأنُ في الإيمان بالغيب الذي لم نره ولم نشاهده، وإنما نؤمن به لخبر الله وخبر رسوله.
فهذا الإيمان الذي يميز به المسلم من الكافر؛ لأنه تصديق مجرد لله ورسله، فالمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به، أو أخبر به رسوله سواء شاهده أو لم يشاهده،
وسواء فهمه وعقله، أو لم يهتدِ إليه عقله وفهمه، بخلاف الزنادقة المكذبين ([1]) بالأمور الغيبية
لأن عقولهم القاصرة المقصرة لم تهتدِ إليها فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه؛ ففسدت عقولهم، ومرجت أحلامهم؛
وزكت عقول المؤمنين المصدقين المهتدين بهدى الله.
ويدخل في الإيمان بالغيب الإيمان بجميع ما أخبر الله به من الغيوب الماضية والمستقبلة وأحوال الآخرة
وحقائق أوصاف الله وكيفيتها وما أخبرت به الرسل من ذلك، فيؤمنون بصفات الله ووجودها، ويتيقنونها وإن لم يفهموا كيفيتها.
ثم قال: ﭽ ﭠ ﭡ ﭼلم يقل: يفعلون الصلاة؛ أو يأتون بالصلاة لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة،
فإقامة الصلاة، إقامتها ظاهراً، بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها، وإقامتها باطناً ([2]) ، بإقامة روحها وهو حضور القلب فيها وتدبر ما يقول ([3]) ويفعله منها،
فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} وهي التي يترتب عليها الثواب، فلا ثواب للعبد ([4]) من صلاته إلا ما عقل منها، ويدخل في الصلاة فرائضها ونوافلها.
ثم قال: ﭽ ﭢ ﭣ ﭤ ﭼيدخل فيه النفقات الواجبة؛ كالزكاة،
والنفقة على الزوجات والأقارب والمماليك ونحو ذلك، والنفقات المستحبة بجميع طرق الخير، ولم يذكر المنفَق عليه لكثرة أسبابه وتنوع أهله،
ولأن النفقة من حيث هي قربة إلى الله، وأتى «بِمِن» الدالة على التبعيض؛
لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءاً يسيراً من أموالهم غير ضار لهم،
ولا مثقل بل ينتفعون هم بإنفاقه، وينتفع به إخوانهم، وفي قوله: ﭽﭣ ﭼإشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم ليست حاصلة بقوتكم وملككم، وإنما هي رزق الله الذي خوّلكم وأنعم به عليكم، فكما أنعم عليكم وفضلكم
على كثير من عباده فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم، وواسوا إخوانكم المعدمين.
وكثيراً ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن؛
لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده؛
فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود وسعيه في نفع الخلق،
كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه فلا إخلاص ولا إحسان.
{ 4 } ثم قال: ﭽ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭼوهو: القرآن والسنـة، قال تعـالى: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة}
فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول ولا يفرقون بين بعض ما أنزل إليه، فيؤمنون ببعضه،
ولا يؤمنون ببعضه، إما بجحده، أو تأويله على غير مراد الله ورسوله، كما يفعل ذلك من يفعله من المبتدعة الذين يؤولون النصوص الدالة على خلاف قولهم بما حاصله عدم التصديق بمعناها وإن صدقوا بلفظها، فلم يؤمنوا بها إيماناً حقيقيًّا.
وقوله: ﭽ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭼ يشمل الإيمان بجميع الكتب ([1]) السابقة،
ويتضمن الإيمانُ بالكتب الإيمان بالرسل وبما اشتملت عليه خصوصاً التوراة والإنجيل والزبور،
وهذه خاصية المؤمنين يؤمنون بالكتب ([2]) السماوية كلها وبجميع الرسل فلا يفرقون بين أحد منهم.
ثم قال: ﭽ ﭯ ﭰ ﭱ ﭼ والآخرة: اسم لما يكون بعد الموت، وخصه بالذكر بعد العموم؛
لأن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان؛ ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل،
واليقين هو: العلم التام، الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل.
{ 5 } ﭽ ﭳ ﭼ أي: الموصوفون بتلك الصفات الحميدة ﭽ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸﭼ ؛ أي: على هدى عظيم؛
لأن التنكير للتعظيم، وأيُّ هداية أعظم من تلك الصفات المذكورة المتضمنة للعقيدة الصحيحة والأعمال المستقيمة؟!
وهل الهداية في الحقيقة إلا هدايتهم وما سواها مما خالفها فهي ضلالة؟!
وأتى بعلى في هذا الموضع الدالة على الاستعلاء، وفي الضلالة يأتي بفي كما في قوله: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}؛
لأن صاحب الهدى مستعلٍ بالهدى مرتفع به، وصاحب الضلال منغمس فيه محتقر.
ثم قال: ﭽ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ والفلاح هو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب،
حصر الفلاح فيهم؛
لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم،
وما عدا تلك السبيل فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار
التي تفضي بسالكها إلى الهلاك؛
الروابط المفضلة