أيـادي بيضـاء .. ولكن !



..

هاهي تجلس على مقعدها المعتاد .. تلاعب طفلي الصغير ..
هاهي تذهب للمطبخ لتحضر طعامي ..
هذه الحجرة التي تنام فيها .. وتلك هي الساعة التي تعايرها ..
هذا هو القميص الذي تحب دوما أن ترتديه ..

انها تقترب مني .. حبيبتي ..
انها الآن أمامي تحمل بيدها اليمنى كوبا من الماء وبيدها اليسرى دواء حضرته لي بنفسها ..
آآه يامهجة روحي .. كم تقطعين قلبك وروحك من أجلي ..

إنها تمد يديها الآن .. ولكني لا أستطيع أخذ شئ منها !!

أحاول الامساك بيدها لا أقدر
أحاول الامساك بالماء .. بالدواء .. لا أستطيع ..

قطرات الماء انسكبت على وجهي .. ياإلاهي مالّذي يحدث ..


,, انتبهت فاجأة لأجد قطرات الماء الذي انسكب على وجهي ليس إلا دموع تتساقط من عيناي ,,
وليس حولي الا الظـلام .. ظـلام دامس يحيط بي ..
كم كرهت الظلام وقتها .. !

أسندت ظهري على جدار سريري وأخذت نفساً عميقا..
آآآآآه .. انه حلم مرة أخرى ..

لقد كـانت هنا ,, أمي وحبيبتي كانت هنا قبل أيام ,,
ومنذ رحلت وأنا أحلم بها تعود لتحضّر طعامي ..
تعود لتلاعب صغاري .. أحلم بها تعود لتضمني إلى صدرها ..

كم يؤلمني هذا الحلم عندما أستيقظ ..
حتى أنني كرهت أن أنام ..

قمت من فراشي ولاتزال دموعي تتساقط من عيناي ..
كم أنتي معطائة يا أمي ..

تقدمين لي الكثير وتقدمين لغيري الكثير والكثير .. دون أن تنتظري المقابل ..
كم قدّم لي قلبك ياحبيبتي ..
وكم قدّمت لي يداكِ .. يداك البيضاء الطاهرة .. التي لم تعرف سوى تقديم الخير والحب ..

بيديك البيضاء كنتي تحملينني وأنا صغيرة ..
بيديك البيضاء كنتي تلاعبيني وتطعميني ..
بيديك البيضاء كنتي تلبسيني وتنوميني ..

بيديك البيضاء أنشأتيني وربيتيني أحسن تربية ..
حتى كبرت ,, وتزوّجت ,, ولازالت يداك تقّدم لي كل حب وعطاء ..

حتى عندما سقطت طريحة الفراش بعد الحادث المروع الذي أصابني ..
كنتي ممرضة لي ..
عبثا لم تسمحي لأي ممرضة أخرى تداويني ..
كنتي تحملين قدمي المكسورة بيديك ليراها الطبيب
وكنتي تعاونيهم بيدك لإزالة الشاش ووضع الدواء ..

ياإلاهي ماأروع يداك وما أروعك ..
ياإلاهي ما أبيض يداك وما أبيضك..

ولكن .. !

إلى متى سأظل أعدد محاسنك دون رد أي جميل من جمائلك ..
ماذا عساي أفعل وماذا عساي أقدم ؟

هل أمتلك بياضا كبياض يديكِ!!
هل أمتلك بياضا كبياض قلبك !!

تأججت عواطفي وثارت وأنا أتذكر كل ذلك .. حتى أنني شعرت أن دموعي ستجف من كثر مابكيت ..

ذهبت لهاتفي واتصلت ..

اتصلت بها .. حبيبتي ومهجة روحي ..

ووصلني صوتها عبر اسلاك الهاتف ..
آآآه ياذا الصوت الحنون ..

" أمي حبيبتي ماذا تفعلين "

" ألخّص جميـع كتب أخاك الكبير .. لأنه لن يذاكر إلا بعد التلخيص "

" أمـّـــــاه ياحبيبتي .. أريحي يداك قليلا "



..



مرّ يومان بعدها لم أنــام ..


وعندما شعرت أنه يكاد يغمى علي ..

قررت أن أنام ..

وعندما نمت ..

عاد نفس الحلم الذي حلمته منذ يومين !


بقلم الغالية/ المغتربه..