وقفة قبل الوداع ))
سنودع الليلة عاما ونستقبل عاما جديدا ، سوف تختفي من أمامنا بعض أوراق الشجر ، ولكن هناك أوراق أخرى تنبت في مكانها ، سوف يطل علينا الليل بظلامه وهو يجمع أيامنا ويرحل ، ومن رحم هذا الليل سوف يولد فجر يضيء أعمارنا بآمال جديدة . مع رحيل عام نطوي صفحة ومع مجيء عام نفتح صفحة أخرى وما أروع أن تكون لدينا القدرة على مواصلة الحياة بالأمل والحب والعطاء ، رغم أن كل شيء حولنا يسير بنا في طريق لآخر نجهله .
……… أنا ما زلت أراهن على أن الحب هو الطريق للخلاص نحتمي فيه من متاعب الزمن وقسوة الحياة ، وكان إحساسي بالحب أكبر من برودة الأيام وصقيع العمر … ورغم كل ما عانيت ، الحب في رأيي هو الملاذ الذي نحتمي فيه من هذا الزمن المخيف .
في أوقات كثيرة كنت أتصور الحياة بعيدا عن الحب فأراها شيئا كئيبا ، كلما ضاقت بي الأيام أرى في الحب الأمن والطمأنينة ، وكلما أغلقت أبوابها وأوصدتها في وجهي أجد فيه الحب والدفء والعطاء والسلوى .
إننا نستغني عن العالم كله بإنسان واحد يحتوينا ويحتوي مشاعرنا ، فليست العلاقات بتلك المساحات الشاسعة التي يضيع الإنسان فيها . فما أكثر الناس من حولنا وما أكثر اغترابنا عنهم ، وافتقادنا لإنسان نجد عنده الأمن والأمان . العمر عندي يتجسد في قلب أجد معه وفيه نفسي .
إن مشاكلنا أكبر كثيرا من قدراتنا وأحلامنا أطول قامة من أيامنا وعذاباتنا أعمق من احتمالنا لهذا كله يزداد إيماني بالحب ، إنه ضرورة إنسانية قبل أن يكون ضرورة عاطفية …… وليس الحب كلاما جميلا فقط يقال بين عاشقين ، وليس الحب قصيدة حب تنساب على ضفاف الخليج في ساعة غروب . الحب مشاركة إنسانية لمواجهه الحياة . إنه حالة تتوحد فيها القلوب وتتماسك بها الأرادات وتفتح لها ألف طريق للأمل والتفاؤل .
أنا بالحب أقوى ومعه الأقدر وبوجوده أتصدى لكل إحباطات هذا الزمن الغريب .
سنودع الليلة عاما ونستقبل عاما ومع رحيل عام يزداد يقيني باحتياجي للحب وبأن الحب عطاء سخي في زمن بخيل
عام يرحل بكل خطاياه وعام يجيء بكل أحلامه …… وبين خطايا عام يرحل وأحلام عام يجيء سنعيش اليوم لحظتين جميلتين :
لحظة غروب نصافح فيها عاما مضى ولحظة شروق نعانق فيها عاما يجيء وقبل هذا كله سوف نقف مع أنفسنا بعض اللحظات نقلب صفحات سنطويها ونستقبل صفحات تنتظرنا وننتظرها بكل الشوق واللهفة والشغف .
ما زال يقيني بأن الحب هو ملجأ الحيارى وبيت المتعبين وأمن الإنسان فكلما ازداد الإنسان حيرة وضياعا ازداد إيمانه بالحب طريقا وملاذا .
سوف نودع الليلة عاما ونعانق عاما وبينهما تقف شجرة شامخة تلقي ظلالها علينا زرعناها زمنا طويلا وكبرت على عيوننا أعطيناها أجمل ما يعطي البشر … الحب فلم تبخل علينا بظلالها وثمارها وعطاءها الجميل ……… ومن هذه اللحظات الحميمة أدعو الجميع أن لا يزرع غير الحب حتى يحصد الحب . sid
الروابط المفضلة