يقول الله جل وعلى فى كتابه العزيز﴿هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ (الرحمن: من الآية 60).
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" (رواه الترمذى)، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: "اعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فهو يراك"(رواه البخارى)
صدقت يا حبيبى يا رسول الله ,نعم لن تحسن إلى أحد إلا كافئك الله بإحسانك إحسانا ,فالإحسان وإن كان عزيزا إلا أنه يسير على من يسره الله عليه ,وإن كان الناس لا يسلكون طريقه فذلك لانه يحتاج إلا مجاهدة النفس وإجبارها على التخلى عن حظها فى التكبر والعنت والإنتقام.
تخيلوا معى رجلا قام من نومه فاستقبلته زوجته بابتسامه جميله قائلةصبحك الله بالخير يا أبا محمد وحفظك لنا ولا حرمنا الله من صباحك الجميل)...تخيل نفس الرجل وقد استقبلته نفس الزوجه بتكشيرة مخيفة قائلةها؟هتفطر ولا مش جعان؟)
لا أحتاج إذا إلى وصف رد فعل أبا محمد فى الموقف الأول ولا إلى وصف حال أم محمد فى الثانى
لا أنكر يا سادة أن تكلف الأحسان شاق على النفس.فالنفس خلقت متنمرة تحتاج إلى تقويم وتهذيب,ولكن نتائجه المبهرة وجزائه فى الدنيا قبل الأخرة يحمس النفس التواقة إلى نهج سبيله وإتباع خطواته.
وهو يبدء بابتسامه تبدء بها يومك فتطلقها فى وجه الخلق(تبسمك فى وجه أخيك صدقه)ثم يمر على إلقاء السلام محيياً(أفشوا السلام بينكم)ثم يعرج على إنتقاء الكلمات التى تصدر من عدو الإنسان(لسانه)فيقول له(الكلمه الطيبه صدقه)ثم ينتهى بقوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)::نعم لو علم كل منا أن عمله الجميل سيطير مهللا رافعا بصاحبه إلى العلا ليشيد به فى الملء الأعلى لأكثر من الإحسان إلى الخلق ليأتنس عمله يوما بيوم إلى رب البريه.
انظروا معى إلى هذا الرجل الذى خرج بسيارته مسرعا فاصطدم بسيارة أخر وتابعوا معى الموقف:إما أن يعتذر ويعرض عليه تكلفة إصلاح ما تلف فى سيارة الأخرويكون قد أحسن إليه وقد يتنازل الأخر فيرد الإحسان إحساناً,وإما أن يتكبر ويسب الثانى ويتهمه بالغباء وهنا قد يتطور المشهد ألى عراك أو تشابك بالأيدى أو حتى إلى محضر فى مركز الشرطه
وتخيلوا معى اخت فاضله قابلتها أم زوجها بكلمات قاسية عند دخولها المنزل متأخره:فترد عليها بكلمات حسان بأدب ولطف فتهدء الحماة وتعاتب فى هدوء وينتهى الموقف فى سلام,تخيلوا معى نفس الأخت الفاضلة وقد عادت من حيث جاءت بعد أن تشاجرت مع حماتها وعلا صوتهما وانتى الموقف بطرد الاخت من المنزل.....فرق شاسع ...أليس كذلك؟
الفرق أحبائى فى الإحسان لا يقتصر على مجرد كلمات أتحكم بهن فلا يخرجن من لسان المرء,إنما هو مواقف تبلور حياتنا من الصباح إلى المساء,فالإحسان عفو وحلم وصبر ومجاهدة وصلابه فى وجه الشيطان بمكائده.
أحسن إلى جارك ,أحسن إلى زوجك,أحسن إلى البهائم العاجزة عن الشكوى من ظلم البشر,أحسن إلى البشر أنفسهم فهم ضعفاء يستحقون الشفقه,حتى المجرمين فى أقفاصهم الحديديه يستحقون بعضا من الإحسان فلو أحسن إليهم المجتمع قبلا لردوا إليهم الأحسان إحسانا فلا تنظر شذرا إليهم فسبحان من يرفع أقواماً ويذل أقواما.
أحبتى فى الله ,عهدت على نفسى ألا أدعو إلى خلق ليس في منه نصيب حتى لا أكون ممن يدعون إلى الخير ولا يأتوه,والله ما كافئنى الله بالأحسان إلا إحسانا ,وما تنازلت عن حق من أجل الإحسان إلا رزقنى الله غيره أضعافا مضاعفه,فهو الكريم يجيب من ناداه,فإذا استفاد منكم أحد بكلامى فليدعو الله لى أن يرزقنى الإخلاص وأن يجعله فى ميزان حسناتى.....
الروابط المفضلة