هل تحدّدين أولويات لأشغالك ؟
هل تبرمجين الأعمال التي ستقومين بها ؟
هل تبدئين مشاريع ولا تنهينها ؟
إن كنت تشعريتن بأنّ وقتك يضيع ، فما الذي يضيعه ؟
هذه من الأسئلة التي طرحت ضمنيا في الحلقة الماضية .
والتي لا يستقيم أي حديث عن النظام والتدبير الجيد للوقت
دون التفكير فيها والعثور على إجابات مقنعة لها .
كثير من الناس ـ ذكورا وإناثا ـ أيا كان وضعهم في البيت أو في العمل
أو الدراسة معرّضون لهذه المواقف ـ مع فوارق شخصية .
وبما أنّه قبل التخطيط والبرمجة لكيفية استعمال الوقت بشكل هادف
ينبغي التعرّف على أسباب المشكل ؛
(لماذا لا نشعر باكتمال أعمالنا ؟
ما الذي يعطينا هذا الشعور؟ ،
أو ما الذي يتسبّب في عدم قدرتنا على الإنجاز الناجح
و الشعور بمتعة النجاح ؟)
فما هي آكلات الوقت أو كما يسمّيها البعض لصوص الوقت ؟
إنّها تتجلّى في :
*عدم ترتيب الأولويات الذي يتجلّى في الرغبة في إنجاز كلّ شيئ
دفعة واحدة؛
* العجز عن ترتيب الأغراض الذي يتسبب
في فقدانها أو ضياعها ، وبالتالي يستلزم وقتا للبحث عنها ؛
علما أنّ هذا البحث قد لا يكون مجديا لأنّ بعض الأغراض
يصعب العثور عليها ؛كبعض قطع الملابس أوبعض الأغراض
التي تخفينها ويستحيل عليك أحيانا العثور عليها
ـ هذه وحدها قصّة ـ
وأخطر تأثير للفوضى ما يعانيه الموظفون الذين تتراكم الأوراق
والملفات على مكاتبهم ؛
وحين يردون ورقة أو وثيقة يضطرون لقلب المكتب رأسا على عقب
وقد لا يعثرون عليها .
أذكر أحد أساتذتي الذي كان يأتي إلى المدرج
ويخرج كمّا من الأوراق الغير مرتّيبة ؛ ويبدأ محاضرته ،
لكنّه يتوقف ليبحث عن الصفحة التالية ،
وأكثر من مرّة كنّا نستوقفه لأنّ الكلام لا ينسجم وما سبقه .
ماذا لو أخذ وقتا لترتيب أوراقه ؟
كنّا سنستفيد أكثر لأنّ الوقت الضائع كان من الممكن استثماره
في تعميق المعلومات والمناقشات.
أو الموظّف الذي يخرج من مكتبه بدعوى الصلاة في المسجد ؛
ولا يعود حتى يقترب موعد نهاية دوامه
كم من مصالح يتسبب في تأخيرها أو تعطيلها ؟
*الزيارات المفاجئة و غير المخطط لها تأخذ من وقتك
لأنّك ستكونين ملزمة باستقبال الزوار والقيام بأعمال بديلة
تضطرين معها لتغيير خططك ؛ وتبقى مهامك الاعتيادية مؤجّلة .
*الاستعمال غير الهادف للهاتف ؛
تطلبك صديقة أو قريبة وتستمرّ الدقائق في المرور بعدد أفراد العائلة
والصديقات ؛ وكيف فلان وكيف فلانة ؛ وا شخبار علان ؟
*تأجيل الأعمال إلى وقت لاحق ـ حتّى بدون مبرّر ؛
لكن المبتلى بالتأجيل يجد لنفسه أعذارا .
ويبدأ التّأجيل من تأخير الصلاة عن أوقاتها .
*إضاعة الوقت في اللهو كالتفرج على مسلسلات وفكاهة
دل البرامج التثقيفية الهادفة ؛
صحيح أنّ الإنسان يحتاج ترلاويحا عن النفس لكن السبل تختلف ،
وأكثر الاستراحات ضررا ما قلّت جدواه
لأنّه لا يوفر أي فائض قيمة .
*القيام بكلّ الأعمال دون مساعدة الآخرين
لأسباب تتراوح بين عدم الثقة في قدرتهم على الإنجاز في البيت مثلا
ـ الأم التي تخاف أن يكسر أبناؤها الأواني
أو لا يعجبها بطؤهم فتفضّل القيام بكلّ شيء وحدها ؛
ـ أحيانا تقوم بذلك كأسلوب احتجاج ـ
لكنّها تنتهي من العمل منهكة ؛
فلا يبقى لها وقت للتمتع بنجاحها ،
ولا تفكّر سوى في الاستلقاء والنوم .
*عدم أخذ وقت للاستراحة ؛
لأنّه يفضَّل اقتطاع وقت للاستراحة ؛
بدل الاستمرار رغم الشعور بالتعب ؛
لأنّ التعب يؤثر سلبا على درجة الإتقان والمردودية .
* وفي ميدان العمل تأتي المقاطعات ـ الزيارت ـ التي لا هدف لها
سوى إلقاء التحية أو إيصال ملف ؛ لكنّها تمتدّ دقائق عديدة
تقتطع من وقت عملك .
*توتّر العلاقات داخل البيت أو داخل العمل .
وهذه حلّلتها في موضوع آخر
(تدبير المشاعر في العمل ).
حيث يترتّب على توتّر العلاقات توتّر وقلق يعوق العمل
ويحدّ من الإنتاجية ؛ امرأة لا تجدة من يساعدها ،
عندها أطفال صغار وبيت كمبير وزوج عنيف أو لا مبالي
إذا اجتمعت هذه العوامل في شخص واحد ؛
فبكلّ تأكيد سيكون عمله ناقصا أو إن قام بعمله كما يجب
فسيكون ذلك على حساب راحته وصحّته النفسية .
وفي الغالب لا يفلح ؛
لأنّه يحوّل نشاطه إلى عمل يفرغ فيه عدوانيته أو غضبه .
ويتجلّى تأثيرها بالأساس في السلوك التالية ؛
أي أنّها دائرة مفرغة : عوامل تتحول إلى سلوك
يولد عوامل فشل جديدة ؛وتستمرّ دائرة الفشل
والجري خلف الوقت الهارب .:
*تأخير إنجاز ما كان ينبغي إنجازه
* أو عدم الإنجاز ؛مع كثرة الاعتذارات الغير مبررة في غالب الأحيان .
كالعذر التلقليدي الذي يتذرع به الطلبة المتأخرون :
ذهب الباس وتركني ولا يذكر أنّه خرج متأخرا من بيته .
وهنا يدخل عنصر ثقافي خطير يرتبط بالرغبة في الإفلات من المسؤولية
وتعليق الأخطاء على الآخرين أو الآخر الذي قد يكون مجهولا .
* عدم الوفاء بالالتزامات تحت ذريعة عدم توفر الوقت أوالنسيان .
عدم تقدير قيمة الوقت : الأيام أو العمر أمامنا ،
ومن أراد أن ينجح فالعام طويل ، ولا ضرورة للاستعجال.
عدم الرضا على النفس بسبب الفشل والتوتر الناجم عنه .
*السير في الحياة بخطى عشوائية غير مضبوطة
ـ بدون أهداف واضحة ولا أولويات ـ .
وتنفيذ الأعمال حسب المزاج أو الطلب ؛
لأنّ هناك من لا يقوم بعمل إلّا إن كان تحت الإكراه .
*الوقوع تحت ضغوط نفسية تقضي على الدافعية للعمل :
أي أن الشخص يقوم بالعمل رغما عنه ؛
وأي عمل من هذا القبيل مآله الفشل أو النقص .
بعد أن استعرضنا أهمّ لصوص الوقت وتأثيرها على سلوكنا
ونوعية تعاملنا مع الوقت
هيّا بنا إلى البدائل الكفيلة بالحدّ من خطورة هذه المشوشات
كخطوة أولى وصولا إلى التخلّص منها ما أمكن .
وهو الأمر الذي يتطلّب منا بذل جهد في تغيير ذواتنا
والتأثير على محيطنالإقناع من نتعامل معهم باختياراتنا .
علينا شنّ حرب منظّمة على لصوص الوقت وذلك بمراقبتها
ومنعها من التسرب إلى حياتنا لإفسادها .
ويتحقق ذلك بالأساس بتدبير وقتنا بشكل جيّد ؛
فكيف يكون ذلك؟
كيف ندبّر وقتنا ؟
*تدبير الوقت يعني:
ـ أن تكوني فعالة في إنجاز نشاطاتك ،
وبرمجتها بشكل يسمح بالتحكّم في الأداء؛
فنحن بتدبير وقتنا ـ حين نوفّق في تدبير وقتنا ـ ؛
يمكننا أن نخصّص وقتا للقيام بكلّ ما نريد .
*تدبير الوقت يعني: وضع خطّة :
ماذا أريد أن أفعل ؟
كيف أفعل ؟
وكيف يمكنني أن أفعل بطريقة أفضل؟
بهذه الطريقة نحاول حلّ مشاكل تدبير الوقت الخاصّ بنا .
*وهو ككلّ إجراءات حلّ المشكلات ؛
ينطلق من تحليل الوضع القائم ؛
ويحاول إيجاد حلول
لهذالمشكل الذي يمثله تنظيم الوقت أحيانا
ـ وضع جدول زمني ـ
*خطّة تدبير الوقت
وتتضمّن الإجراءات التالية :
1 ـ أحلّل :
*ـ ماذا عليّ عمله ؟: وضع لائحة بالمهام .
* ـ ما هو الوقت المتوفّر لديّ ؟
ويتطلّب الأمر تقدير الوقت الذي أتوفّر عليه
ومدى ملاءمته مع المهام المطلوبة .
ـ2 أحدّد اختياراتي :
ـ 3 ـ أحدد في أيّ اتجاه يتوجّب عليّ توجيه نشاطاتي ؟
هل هناك أعمال مستعجلة ؟ مهمّة ؟ طويلة ؟
صعبة ؟ مرهقة؟
متعبة ؟ مضجرة ؟ مفروضة ـ
ـ كيف أحدّد الأولويات واحترم الإكراهات المتحكّمة
في تنفيذ الأعمال .
ـ أخطّط :كيف يمكنني تنظيم
وتركيب أعمالي للتمكن من إدماجها
في الوقت الذي أتوفّر عليه ؟
وبعد أن أقوم بهذه العمليات أحوّلها إلى سلوك سلوك يتمثل في :
*محاربة الكسل واتخاذ حافز للتنظيم ولا يوجد في الكون والحياة
منظّم أحسن من الصلاة في أوقاتها .
من يتأخّر عن صلاته ننتظر منه كلّ الفوضى الممكنة ،
لأنّه مثلما يؤجّل في الصلاة ؛ سيسوّف في كلّ أعماله .
*القيام بالأعمال الأكثر أهمية وصعوبة في البداية بعد تحديد الأولويات
وبعدها كافئي نفسك باستراحة بعد إنهاء مهمتك
لأنّ العمل المستمرّ كما ذكر أعلاه يتعب وقد يحدّ من فاعليتك .
*أخذ العبرة من الناجحين في الحياة والعمل
لأنّهم كذلك بسبب تعاملهم الإيجابي مع الوقت
ـ لأنّهم والوقت أصدقاء ـ
*وضع فراغات في البرامج للأمور الطارئة
*التكليف أو التفويض حيث أكلّف من يقوم ببعض الأعمال
بعد تقديم توجيهات واضحة حتّى يكون العمل ناجحا .
ـ من تجربتي المتواضعة مع أولادي :
علّمتهم أنّ من واجبهم مساعدتي لأنّ البيت بيتنا جميعا
ويجب أن يحرصوا جميعا على نظافته ونظامه ؛ منذ الصغر درّبتهم على المساعدة :
ـإعداد السفرة من جلب الأطباق والأكواب والمناديل .
ـ المساعدة في التنظيف الشامل للبيت ؛
وهنا أستغلّ حبّ الأولاد للعب بالماء
فيتحوّل ما يمكن النظر إليه على أنّه أشغال شاقة إلى لعبة ممتعة ،
وننظف البيت كلّه في يوم واحد بدل يومين ؛
وبالطبع يقتضي الأمر تقديم مكافأة .
وفي ميدان العمل
*أوفي ميدان العمل ؛
حيث يمكن تقسيم العمل مع زميلاتك في الشغل
ـ إن كان مجال عملك يسمح بذلك ـ
*كنت أتعب كثيرا وأنا أحضّر للندوات التربوية ؛
بحيث يتحوّل يوم السبت والأحد وصباح الإثنين إلى حالة طوارئ ،
لا أكلّم أحدا ولا أحبّ أن يقاطعني أحد ؛
إلى أن اهتديت بفضل القراءات والخبرة
إلى أنّني يمكنني الاعتماد على بعض المدرّسين لإعداد أوراق عمل
أو عروض تكون أرضية لمناقشة القضايا المستهدفة ؛
وأكتفي أنا ب‘داد رؤوس أقلام تقديما للمحاضرات
ورؤوس أقلام توجيهية فماذا كانت النتيجة ؟
1ـ ربحت نهاية الأسبوع وأصبحت أستغلها في أشغالي الخاصّة وهواياتي .
2ـ ربحت روج جديدة عند المدرّسين الذين أصبحوا أكثر حيوية
لأنّهم يساهمون في بناء تكويناتهم ولا تفرض عليهم .
إلى هنا انتهت المحاضرة فهيّا بنا إلى الأسئلة :
السؤال الأول :
حدّدي لصوص الوقت التي تشغلك وتؤثّر سلبا على أدائك .
وضعي اقتراحا للتغلّب عليها .
ب ـ هل تجدين صعوبة في إيجاد قطع ملابس من دولابك ؟ لماذا ؟
.
. السؤال الثاني :
الوضعية المشكلة ـ الحالة
ـ أ ـ استخرجي الأخطاء التي ارتكبتها فاطمة في استعمال يومها .امرة نسميها فاطمة ؛ استيقظت بعد منتصف النهار ـ
لأنّها في عطلة ـ ؛
أفطرت وقامت: حضّرت القصعة للعجين ،تركته..
أخرجت الخضر واللحم من الثلاجة وبدأت تقطيعها لتحضير الغذاء ؛
فجأة تذكّرت أنّها نسيت الغسيل في الغسالة من ليلة أمس
لأنّها انشغلت بمشاهدة مسلسل تلفزي .
اضطرّت لتغيير البرنامج وإعادة تشغيل الغسالة
بسبب رائحة غير مريحة في الملابس .
وهي نازلة من السطح أخرجت الملابس من الدولاب لإعادة ترتيبها ؛
فتذكّرت أنّ العجين والغذاء في الانتظار ؛
وحين نظرت إلى الساعة وجدت الثالثة بعد الظهر .
استغنت عن العجين وانهمكت في إعداد الغذاء
وطلبت من زوجها إحضار الخبز وهو عائد من جولة يومية
تبدأ بعد الإفطار وتنتهي قبيل موعد الغذاء
الذي يعلمه من اتصال هاتفي من البيت .
وبعد الغذاء تبدأ رحلة تعويض الوقت الضائع ...
ـ ب ـ واقترحي عليها برنامجا بديلا .
لقاؤنا يتجدّد بإذن الله في المحاضرة الثالثة مساء الخميس تحت عنوان :
جدوى تدبير الوقت وأدواته
رابط المحاضرة الأولى :
صيفنا إبداع: المحاضرة الأولى من دورة تدبير الوقت ـ التعريفات والعلاقات *نافذة اجتماعية *
الروابط المفضلة