* دراسات: الأداء الدراسي لأبناء الأمهات العاملات أقل من أداء غيرهم!
* أم عاملة: عملت ثلاثة أعوام.. اكتشفت خلالها أن مستوى أبنائي الدراسي يتدهور!
* موظفة: بل نستطيع تحقيق التوازن بحيث لا يطغى جانب على آخر!
أكدت دراسات كثيرة أجريت مؤخراً أن الأداء الدراسي لأبناء الأمهات العاملات أقل من أداء غيرهم، وأن عمل هؤلاء الأمهات يؤثر سلباً على الوضع الدراسي لأبنائهن..
ولقد تعددت الآراء بخصوص هذا الأمر، فمن رأي ينفي ذلك التأثير تماماً، في الوقت الذي يذهب فيه رأي آخر إلى وجود ذلك التأثير بقوة.. فهل تتطابق نتائج هذه الدراسات مع واقع المرأة العاملة في مجتمعاتنا المسلمة؟! هذا ما يجيب عنه التحقيق التالي:
تقول أم شيماء "طبيبة":
نعم، عمل الأم يؤثر كثيراً على وضع الأبناء الدراسي، ومن خلال تجربتي، فأبنائي مستواهم الدراسي يتأثر بالفترات التي أعمل فيها والعكس صحيح؛ ففي بعض الفترات التي أنقطع فيها عن العمل، ويتوافر لأبنائي وجودي في البيت، وأتابع دروسهم بصفة مستمرة، أجد أن مستواهم الدراسي يتحسن كثيراً ويصبحون في مقدمة الطلاب المتفوقين.. وإذا عدت للعمل أجد مستواهم يتدهور إلى حد كبير، لذا فأنا أفكر بجدية في ترك عملي حتى يكبر الأبناء ويصبحون في سن يعتمدون فيه على أنفسهم.
أم خالد (موظفة) تتفق مع الرأي السابق فتقول:
عملت ثلاثة أعوام، واكتشفت خلالها أن مستوى أبنائي الدراسي بدأ يتدهور، ولم لا.. وأنا أعود للبيت منهكة؟! أريد من يحمل عني عنت العمل.. لا أن أحمل أنا عن بقية أفراد أسرتي همومهم وأشاركهم اهتماماتهم، وشعرت أن دوري كأم بدأ يتلاشى سواء في النواحي التربوية لأبنائي، أو في وضعهم الدراسي، فقررت فوراً الانقطاع عن العمل كي أتفرغ لأبنائي، وبالفعل بدأت أعطي لكل واحد منهم حقوقه، وبدأ مستواهم الدراسي يتحسن كثيراً، وأصبحت أشعر بالاستقرار عن ذي قبل وبأن الأسرة أولى من أي عمل آخر، وبأن إعداد جيل رباني متسلح بالعلم هو أشرف مهنة وأسمى وظيفة.
و ترى "عائشة الغامدي" (موجهة سابقة بالتعليم):
أن عمل الأم يؤثر على شتى مناحي الحياة الأسرية وليست الدراسة فحسب فتقول: كنت أترك ابني للشغالات وأذهب للعمل! ومما لاشك فيه أن تربية الشغالات تختلف عن تربية الأم اختلافاً في كل شيء؛ لذا أنصح بناتي العاملات بأن يكون عندهن ترتيب في الأولويات والاهتمامات، وأهم شيء الأبناء، وطالما رب الأسرة موجود ويعول أبناءه ـ حتى لو كان مستوى الدخل محدوداً- فالأفضل للأم التفرغ لأسرتها ولأبنائها.
وتختلف مع الآراء السابقة "حورية علي" (وكيلة بالقسم الابتدائي) فتقول:
المرأة المسلمة لديها بفضل الله حسن تقدير لترتيب الأولويات إذا أدركت رسالتها في الحياة وكان لديها قدرة على التوازن بحيث لا يطغى جانب على آخر، وهناك نقطة مهمة أود أن أشير إليها وهي أن مجتمعنا الإسلامي في حاجة ماسة إلى المدرسة المسلمة والطبيبة المسلمة، ويوم أن تنظر المرأة المسلمة إلى عملها كرسالة تؤديها تجاه مجتمعها، بالشروط التي يرتضيها لها الشرع الحنيف، من عدم تبرج، وعدم اختلاط بالرجال، ومزاولة مهنة تتفق مع طبيعتها كأنثى - على ألا تهمل أسرتها - فهذا شيء عظيم، لكن الطامة التي تعصف بكيان المجتمع المسلم هي تلك المرأة التي تعمل للعمل فقط، وللخروج من أسر البيت ـ كما يدعي بعضهن ـ وتظن أنها ستصبح ذات كيان وشخصية قوية.
وبالنسبة لي فعملي كمدرسة لم يتعارض إطلاقاً مع حقوق أبنائي؛ فأنا دوماً أساعدهم في دروسهم ومنهم من وصلوا ـ ولله الحمد ـ إلى كليات مرموقة، علماً بأنه لا أحد ينكر بالطبع أن الجمع بين الوظيفة والبيت ليس بالأمر الهين، فهو يكون دوماً على حساب راحة المرأة.
أما "حياة مطوع" (رئيسة شعبة إرشاد وتوجيه الطالبات):
فترى أن الدور الأساسي للتحصيل العلمي هو المدرسة، وأن دور الأسرة هو تهيئة الجو الأساسي لاستذكار الأبناء، وهو لا يتنافى مع ضرورة تخصيص وقت لمتابعتهم ومناقشة أحوالهم الدراسية وأوضاعهم بصفة عامة، فهذا هو دور الأم الأساسي باعتبارها مصدر الرعاية والحنان، فتوافر الاستقرار النفسي للطالب ـ الذي ينتج عن استقرار العلاقة بين الأم والأب وإشاعة جو من الحنان والحب حول الأبناء ـ يأتي بنتائج إيجابية، والعكس في حالة وجود خلافات مستمرة ومشاحنات أسرية، فهذا أو ذاك له تأثير خطير على الأبناء سواء في أخلاقياتهم بصفة عامة أو في رقي مستواهم العلمي وحسن تحصيلهم الدراسي.. وأحياناً نجد أمهات يتعبن كثيراً ويبذلن مجهوداً لا بأس به في استذكار دروس أبنائهن وتأتي النتائج على خلاف ما هو متوقع، نظراً لنقص الاستقرار النفسي عند الطالب..
وهنا يجب أن يكون لدى الأم حسن تصرف واستثمار للوقت بأن تجعل مشكلات العمل للعمل، وفي المنزل تكون بكل كيانها للمنزل ومن فيه؛ حتى لا يتأثر الأبناء بمشكلات عملها، فإذا لم تستطع التوفيق بين الناحيتين تكون المفاضلة والأولوية للأسرة وللأبناء فلذات الأكباد الذين سوف تسأل عنهم أمام الله يوم القيامة "كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها" والبيت هو المكان الطبيعي والأساسي الذي خلق الله المرأة من أجل تعميره وإدارته ورعايته، كما أنه الدعامة الأساسية في صرح المجتمع المسلم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.
الروابط المفضلة