صور من تسبيح الكائنات لله
والتسبيح لغة هو الذكر بالتمجيد والتقديس مع التنزيه عن كل نقص ويؤكد هذا الكتاب على حقيقة كونية كبرى غفل عنها الكثيرون في زحام الحياة وهي أن كل ما في الوجود من ملائكة، وصالح الأناسى والجن والأحياء غير المكلفة من مختلف صنوف النبات والحيوان وحتى الظواهر الكونية مثل الرعد والبرق ، ومرور السحاب , كل ذلك يلهج بذكر الله وتسبيحه وتحميده وتمجيده بغير تخلف ولا توقف ولا انقطاع .
وهي حقيقة تهز القلب ، وترك المشاعر، وتصرخ في أصحاب القلوب القاسية ، والآذان الصم أن انتبهوا إلى واجبكم الأول في هذه الحياة الذي أنزله ربنا - تبارك وتعالى - من فوق سبع سماوات فقال - عز من قائل - : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " صدق الله العظيم
- وعلى ذلك فإن الله تعالى بأمره للمخلوقات المكلفة من الإنس والجن أن يسبحوه بكرة وأصيلا ، وقبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، ومن آناء الليل وأطراف النهار ، وبالعشى والإبكار ، وفي أدبار السجود ، وعند إدبار النجوم ، وعند الركوب ، وعند النزول , وحين النظر في بديع صنع الله في أنفسهم وفي سائر الخلق من حولهم ، وعند تلاوة آيات القرآن العظيم ، وعند تحقيق وعد الله ، ووقوع وعيده ، وفى غير تلك المواقف إنما يريد الله تعالى لهم بذلك أن يكونوا باختيارهم في انسجام مع باقي أجزاء الكون المسبحة دوماً بحمده حتى يتحقق لهم رضاء الله ، وتتنزل عليهم بركات السماوات والأرض .
- ورد الفعل " سبح " بمشتقاته المختلفة في القرآن الكريم سبعاً وثمانين (87) مرة أمكن جمعها في ست مجموعات .
- التسبيح الإرادي " الاختياري " وهو للعقلاء المكلفين من الإنس والجن ، ويؤكد القرآن الكريم على أن الكون بجميع من فيه وما فيه من ملائكة وأناسي وجان ، وكائنات حية ، وجمادات ، وظواهر وسنن كونية ، وغير ذلك مما نعلم وما لا نعلم من مختلف المخلوقات، كل ذلك يسبح الله تعالى ، ويحمده ، ويمجده ، ويقدسه دائماً بلا توقف ولا تخلف ، ما دام للكون وجود ، ومادام للكائنات من الأحياء والجمادات ، ولمختلف صور المادة والطاقة والمكان والزمان بقاء .
- وهذا التسبيح الاختياري الإرادي يجعل المخلوق المكلف متناغماً ، منسجماً مع بقية أفراد الكون المسبحة لله أبداً ، تسبيحاً فطرياً، تسخيرياً، متصلاً ، متواصلاً ، دائماً، لا يتخلف ، ولا ينقطع ولا يتوقف ، وهذا التناغم والانسجام مع كافة أجزاء الكون له مردوداته المادية والمعنوية ، والجسدية ، والنفسية والروحية ، وإيحاءاته التربوية التي تسمو بالإنسان إلى أعلى مراتب التكريم .
- وتسبيح الطير إلهام لها ، وإرشاد من الله الذي يعلم ما هي فاعلة ، وليست الطيور وحدها هي التي تسبح ربها وتعبده ، فهكذا تفعل كل الكائنات الحية ، وكل الجمادات ، بل يفعل الكون كله بأرضه ، وسماواته ، وكافة الخلائق فيه .
- ولغات كل نوع من أنواع الحيوانات ، ومنها الطيور ، يفهمها الله تعالى لمن يشاء من عباده كما فهمها لسيدنا سليمان - عليه السلام - معجزة خاصة به ، وكرامة له ، وخارقة تخالف مألوف البشر ، و يحاول عدد من علماء الأحياء في زماننا الراهن إدراك شيء من وسائل التفاهم بين تلك الكائنات الحية ( أي لغاتها ) .
- وتسبيح الجبال ، وخشوعها ، وسجودها لله ، كتسبيح غيرها من الجمادات وخشوعها وسجودها للخالق - سبحانه وتعالى - ، هو من الأمور التي غيبت عن الناس بصفة عامة رحمة بهم ، والتي جلاها ربنا - تبارك وتعالى - لنفر مصطفين من عباده كرامة لهم ، وتأييداً لإيمانهم ، وتثبيتا لعقيدتهم في الله الواحد ، الخالق الباريء المصور الذي يسجد له ويسبحه كل ما في هذا الوجود من كائنات أحياء وجمادات .
- وللماء قدرة فائقة على إذابة المواد الصلبة ، وهى خاصية جعلت منه لازمة من لوازم الحياة لأنه يسهم في تزويد النبات بالغذاء ، و ذلك بإذابة العناصر التي يحتاجها من التربة على هيئة عصارة غذائية ، ويرتفع بهذه العصارة الغذائية من جذور النبات إلى ساقه ، وفروعه ، وأوراقه ، وأزهاره ، وثماره بالخاصية الشعرية .
الروابط المفضلة