الإحسان كما هو معلوم يمكن أن يكون ماديّاً
كتقديم معونة لفكّ ذمّة شخص من دين أو مساعدته للحصول على علاج
أو أداء إيجار بيت في حال عجز المكتري عن الأداء أو فكّ رهن
أو تقديم ملابس في العيد أو توزيع مستلزمات الدّخول المدرسي
وأحسنها ما تمّ في سرّية حفاظاً على ماء وجه المُتبرّع له .
ومع أنّ الكثير من الجمعيات تقوم ببعض هذه الأعمال
إلّا أنّ المبادرة الفردية لها دور ؛ لأسبابٍ منها أنّ بعض المحتاجين لا تصلهم خدمات هذه الجمعيات ؛
ولهذا يبقى دور المحسنين الأفراد في التّضامن وتخفيف المعاناة بالغ الأهمّيّة
كما يمكن أن يكون تقديم خدمة قد تبدو بسيطة ؛
لكنّها عميقة الدّلالة على أنّ قلوب المسلمين المحسنين مليئة بالرّحمة .
و رغم عدم حبّي ذكر ما نقوم به مخافة أن يدخل في باب الرّياء
إلّا أنّ هذه التّجربة تستحقّ أن تذكر لتكون درساً في التّضامن والإحسان
ونموذجاً يُحتذى للتّخفيف عن مسلم ومساعدته على أداء فرائضه
حين ذهبت أمّي - حفظها الله - إلى الحجّ قبل ستّ سنوات ـ
سافر معهم رجل وأمّه المسنّة
كان الرجل هو المسؤول عن المجموعة - المرافق - وكان جار أخي
وكانت السّيدة مريضة بالسّكري وارتفاع الضغط ، وكانت مُقعدة
وبالتالي تحتاج رعاية خاصّة على مستوى النّظافة والتّغذية .
منذ أن رأتها أمّي في المطار أحبّتها
وفي الفندق كانتا في غرفتين متقاربتين
تحكي أمّي أنّها منذ أن رأتها كأنّ أحداً أمرها بخدمتها
فكانت تطبخ وتتقاسم وإيّاها الطّعام لأنّ الأكل الجاهز كان مالحاً
وحين تغسل ملابسها تنظّف السّيدة وتغسل لها ملابسها
وتتفقّدها في نومها
وكانت سعيدة لأنّ الله سخّر لها في هذا المقام الشّريف باباً للإحسان ونيل ثوابه .
وهكذا تكفّلت بها من الانطلاق إلى العودة .
زارنا ابنها بعد عودتهم من الحجّ وقال لأخي وللحاضرين : الحمد لله: ذهبت بأمّ ورجعت بأمّين
ومن يومها وهو يزورها مع زوجته وأولاده ويناديها أمّي .
وهي بدورها سعيدة جدّا لأنّ كان عندها ولد واحد - أخي حفظه الله - فأصبح عندها ولدان ؛
{ هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } الرحمن60
ولهذا علينا أنّ نستغلّ كلّ مناسبة أو فرصة لتقديم ما نستطيع من مساعدة
لأنّ المسلم الحقيقي يتسابق إلى فعل الخير .
{ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }
سورة المطففين ، آية 26
الروابط المفضلة