تــعـــددت الأســــبــــاب والـــطـــــــــلاق واحــــــــــــــــــــد ،،،،،
يبدأ الموضوع بكلمة، بزيارة، بطلب يد العروس، ثم قراءة الفاتحة، فتزهر النفوس، ويفرح الأب ، وتزغرد الأم، أما هي (العروسة) فحائرة بين مشاعر متعددة كلها فرح ممزوج بخجل ورهبة من المستقبل المشرق المبهم، ومن هذه الشركة الجديدة بين هذا الرجل (العريس) وهذه العروس.
ونادرا ما يفكر أحد في مآل هذه الشركة، وبصراحة الكل يفكر في سعادة الزوجين ويغبطهما على فرحهما وعرسهما ، ويتخيلهما مع أبنائهما وربما مع أحفادهما.
ولكن هل تخيلوهما منفصلين أو مطلقين ؟ أكيد لا، أو على الأقل نادرا ما نفكر في الطلاق حتى يقع، فيقع كالصاعقة على الزوجين أولا ثم على أهلهما ومعارفهما، والأشد والأصعب والأمر على أبنائهما إن كان من حظهم المجيء الى هذه الدنيا.
فيندب الكل حظه ويتأسف على اليوم الأول الذي بدأت فيه هذه الشركة ويندم على كل شيء بدءا من الخطبة مرورا بالزواج وانتهاء بالمشاكل التي أدت إلى الطلاق.
فلماذا يحصل هذا الطلاق؟ وكيف السبيل إلى إيقافه أوالحد منه؟
في الحقيقة الطلاق شرع الله الذي لا اعتراض عليه، فبه وحده ينحل الزواج، وهو حلال حقا إلا أنه من أبغض الحلال عند الله.
كيف يمكنك يا أخيتي أن تسعدي بخطبتك وتفرحي بيوم عرسك دون أن تتحول هذه اللحظات إلى ذكريات مؤلمة بعد الطلاق؟
من خلال تجربتي المتواضعة ومن خلال علاقاتي الاجتماعية مع الصديقات والجارات وزميلاتي في العمل وحتى مع أمهات طلابي، استطعت تلخيص أهم الأسباب التي يمكننا الحذر منها قبل الوقوع فيها وإيصالها إيانا إلى هذا الحلال البغيض، إلى الطلاق..
ومن أهم هذه الأمور:
**** لا تختاري الزوج لأنه ذو مال كثير، بل اختاري صاحب القلب الكبير المملوء بتقوى الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن خاف الله لن يظلمك أبدا. أما إن كان ذا مال وذا خلق ودين فتلك بشرى وفال خير.
فكثير من الفتيات أعمى المال بصيرتهن، حتى بدأت المشاكل فأبصرن الحقيقة المرة، زوج لا يصلي، يسب ويشتم، ويشرب الخمر، ويتعامل بالحرام... فعشن في جهنم الدنيا ولم يخرجن من هذا الجحيم إلا بطلب الطلاق، ولكن خرجن للأسف بدون مال وبكثير من الآلام. فلتكن نيتك عند الاختيارهي اختيار رجل يحترم دينه ويخاف ربه.
والمسألة بالعكس أيضا فكثير من الرجال اختاروا النساء لجمالهن الباهر ، ففوجئوا بهذا الجمال الخارجي يخفي روحا خبيثة كريهة، فلم يكن الحل إلا بالتخلص منها وبالطلاق طبعا...
فاسأل يا أخي ويا أختي عن الزوج الذي سيشارككما الحياة، اسألا عن دينه وعن خلقه، فالحياة الزوجية لا تستقيم بضعف الأخلاق، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ( ...فاظفر بذات الدين تربت يداك)
قد تقولين : اخترته لأخلاقه العالية ولكننا عانينا المشاكل رغم ذلك وكان الطلاق هو الحل،،، أكيد أن الركيزة الأساسية هي الأخلاق العالية ولكن يجب أن نفكر في أشياء أخرى تكمل هذا الأساس ومن بينها التوافق ، في الأفكار وفي الشخصية وفي الطباع... وهذا هو الذي يخلق الانسجام الروحي والعاطفي.
اسألي نفسك ، لماذا شرع الله الخطبة بشروطها المعروفة قبل عقد الزواج؟ أكيد أن الحكمة هي أن يتحاور الخطيبان في كل أمور الحياة وبحضور العائلة، ليكتشف كل طرف أفكار وشخصية وطباع الطرف الآخر، وهو وحده سيعرف إن كان الآخر يناسبه أم لا،،، فحاوري خطيبك وناقشيه ليس فقط في أمور الخطبة والعرس والدعوات.... لا عزيزتي حاوريه في كل القضايا الاجتماعية أو السياسية أو الدينية أو الثقافية.... إذا أحسست بانسجام الأفكار والشخصيات فأكيد هذه هي المحطة الأولى للانسجام الروحي والعاطفي الذي سيشكل بعد الزواج العماد الذي يقويكما للتغلب على الصعاب كل الصعاب
فاحذري أن تختاري صاحب الأخلاق الرفيعة دون أن تعرفي نوع شخصيته وأفكاره وميولاته.....
وقد تقول أخرى : يا نورس اخترته على أساس أخلاقه العالية وتوافقنا في الأفكار والطباع ومع ذلك انتهت حياتنا الزوجية بالطلاق لا قدره الله عليك
نعم أخية ، فهناك فيروسات أخرى تقضي على هذه الأساسات الصحيحة وتنخرها مثل السوسة، ومن بينها:
1 * الملل الزوجي : يحيا الزوجان في السنوات الاولى بكل حب وانسجام ومودة، ومع مرور الوقت تفتر السلوكات التي تحيي المشاعر وتزهرها. فيكون الزوج خلوقا مع زوجته ولا يؤذيها بشيء والعكس صحيح أيضا ومع ذلك تجده وتجدها يشتكيان من بعضهما البعض وتنتهي القصة بالطلاق ، ترى ما هو السبب؟
إنه المــــلــــــــل... القاتل البطيء، فاحذريه يا أختي، حاولا التجديد باستمرار بنزهة ، باسترجاع الذكريات ، برحلة، بمشاهدة الصور، بالقيام بعمل مشترك، بالرياضة على شاطئ البحر أو في الحديقة.. ولا تنسيا التعبير عن مشاعركما، فالخطأ الفادح الذي يرتكبه أغلب الأزواج هو التعبير عن المشاعر في السنوات الأولى ثم الصمت والصمت والصمت والنتيجة هي الملل ثم الاحباط ثم الكره ثم الطلاق،،،، زواجكما وردة متفتحة تحتاج الى إروائها دوما بلمساتكما وهمساتكما
2 * عدم الاحساس بالآخروبمشاعره: قد يكون الزوج أو الزوجة متخلقين ومتدينين الى اقصى حد فيقومان بواجباتهما الزوجية ومع ذلك يشتكيان من بعضهما البعض، أكيد أن السبب هو عدم إحساس أحدهما بالآخر وبمشاعره وبمجهوداته. تفعل المرأة المستحيل وتجهد نفسها وتقوم بما هو فوق طاقتها ، والزوج لا يحس بكل هذه المشاق ولا يقدر مشاعر زوجته بل يتهمها بالإهمال وهنا تحبط المرأة وتبدأ المشاكل والصراعات. والزوج أيضا يجهد نفسه في عمله من أجل زوجته وأولاده والمرأة لا تحس بكل هذا المجهود ولا تقدر مشاعر زوجها بل وتلومه فيحزن الزوج ويشتكي وتتطور هذه المشاعر الى الكره.
فاشعرا ببعضكما البعض وأحسا بكل ما يفعله الآخر وقدراه وثمناه وإلا فسكة هذا القطار ستقودكما الى محطة الطلاق.
3 * نقص الخبرة في التعامل: فأحد الزوجين بسبب التربية التي تلقاها أو بسبب ظروف قاسية وصعبة عاشها تجده لا يحسن التعامل مع شريكه، قد يكون محبا ولكن تصرفاته تبدي العكس، فلا يعرف كيف يعبر عن حبه ولا كيف يكون حنونا أو رقيقا فيبدو تعامله جامدا وجافا وقاسيا رغم كل الحب الكبير المدفون في دواخله... وهنا يشعر الطرف الآخر بالبرود والجمود وبعطش عاطفي شديد يجعله يكره حارمه منه ويفكر في الطلاق للبحث عن شريك آخر يروي مشاعره ويعامله معاملة حسنة
4 * إهمال الفراش : من النساء من هي متخلقة بل فاضلة وجميلة وأنيقة وكل الصفات الحلوة فيها ماشاء الله ، إلى أن يحين وقت الجماع فتكون باردة أو غير مبالية أو غير مسايرة لزوجها. فإياك يا أختي أن تهملي هذه النقطة فالعلاقة الحميمة مهمة جدا عند الرجال، وكثيرون تزوجوا للمرة الثانية لأن الزوجة الأولى لا تلبي رغباتهم وكثيرون طلقوا الأولى لأن امكانياتهم المادية لا تسمح بفتح بيتين
ولكثرة الأسباب ومخافة الإطالة فتنزعج مني أختي الغالية أم طلال ألخص بعض الأسباب الأخرى بعجالة:
** من الأزواج من تطغى الحياة المادية على شخصيته أكثر من الحياة الروحية، فتجدينه يبحث عن اللذات وتحركه الأنانية المفرطة، فيتزوج ليمتع نفسه بجمال هذه الأنثى ويطلقها ليبحث عن لذة أخرى وجمال جديد من نوع آخر فيتزوج ويطلق ويتزوج ويطلق....فاحذري هذا النوع من الرجال ولا تغتري بجمالك وتوهمين نفسك بأنك ستكونين آخر الزوجات
** ومن الأزواج من يقارن بين أمه أو أخته وبين زوجته فيجد فروقا كثيرة تؤكد له ـ وهو خاطئ ـ أن هذه الزوجة ليست مناسبة وليست في المستوى لأنها لا تعامله مثل الأم أو الأخت ليطلقها ويتزوج بحثا عن شبيهة بأمه وهو لا يدري أن الأم والأخت والزوجة والابنة أنواع مختلفة ليس من اللازم أن تكون متشابهة بل لا يمكن أن تكون متشابهة لاختلاف العلاقات بين هذه الأطراف
ولا يمكن إغفال أمور أخرى كثيرة أذكرها بإيجاز مثل الخيانة الزوجية أو إنجاب الزوجة للبنات دون الذكور أو تدخل الأهل في حياة الزوجين أو الشك في الشريك أو عدم إنفاق الرجل على زوجته وأولاده بل ولن ننسى كم من البيوت دمرت بسبب العين والسحر وكلاهما مذكور في القرآن ولا سبيل لإنكارهما....
ولكن أهم نقطة سأركز عليها في ختام هذا الموضوع تهم الشباب والشابات المقبلين على الزواج ، فجميل أن يتزوج الفتى والفتاة وهما صغار السن ولكن الأجمل أن ينتبها الى بعض الأمور التي يتغافلان عنها فيحصل الطلاق ومنذ الشهور الأولى للأسف ولأسباب واهية وبسيطة وأحيانا سخيفة وألخصها في نقطتين:
الأولى : صغر سن الزواج يعني سن الاندفاع فكثير من البيوت دمرت لأن الزوج الصغير السن مازالت مشاعره تتسم بالاندفاع والتهور والتسرع فيحل بها مشاكله مع إضافة بعض البهارات مثل الغضب والصياح وأحيانا الضرب والتلفظ بكلمة أنت طالق. فسن الشباب من أجمل الأعمار فلا تفسده يا أخي ولا تفسديه يا أختي بهذه الصفات، فتريثا حين المشاكل وهدئا من روعكما حتى لا تندما وقت لا ينفع الندم .
الثانية : نظفي مخيلتك أيتها الشابة ويا أيها الشاب من كل الأوهام التي ألصقتها بكما المسلسلات المكسيكية والفيديو كليبات، فالحياة الزوجية مودة وسكن ورحمة وسعادة روحية وليست فيلا ومسبح ورقص وغناء وفرح وملكات جمال وأزياء وسيارات ورحلات ....فكم من فتاة تصورت أنه بزواجها ستحيا مثلما رأت في الفيديو كليب فانصدمت بواقع الطبيخ والحمل والرضاعة وووووكم من فتى تزوج وتصور أن زوجته ستكون مثل الممثلة فلانة فانصدم بها عادية وبحياته تبدو له جافة وهو يقارنها بحياة المسلسلات الخادعة وأنهاها بالطلاق ظانا منه أنه الحل.
إن الواقع أجمل من الخيال، ولكن تعشيش الخيال في أذهانكم يشوه لكم جمال الواقع، والنتيجة تتشوه حياتكم بالطلاق....
وآخر دعوة أن اتقوا الله في أنفسكم وأزواجكم وفي أهلكم وفي حياتكم عموما
وستحيون أحلى حياة وإلى غاية الممات
فالبركة والسعادة تهل على الجميع بشرط الامتثال لأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه.
أختكم في الله نورس المغرب
الروابط المفضلة