.
.
حتى لا يتسلل اليأس إلى قلوبنا ؛
الحمدُ لله وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ؛
أيها الفضلاء ؛
إنه شموخ مئذنة ؛
إنه يقين أمة أن الله لن يضيعها إن تمسكت بما أمرت به ..
وكيفَ يُهْزَمُ من بالله ينتصرُ ؟ (1)
إن ترسخ هذه المعاني يجدر أن يكون كالجبال الرواسي بل أشد ..
لن تسقط الراية ؛
ولن تضيع القدس ؛
ولن يُمَسَّ الأقصى بسوء ؛
إنه رجاء وأسأل الله ألا يخيب فيه رجائي ؛ (2)
ستبقى الراية خفاقة ؛
وسيهتف الأذان مجلجلا ..
أقولها وأنا أحسن الظن بالله ..
كلمات أبعثها أريجا منثورًا كعقد لؤلؤٍ أطل على جنباته بدرٌ توَسّمَ " بالضياء وأشرقا " ؛ (3)
كفارس يحمل جذوة من الأنس بخالقه والثقة بربه ومولاه ..
يبعث في النفوس بارقة الأمل ..
.
.
أيها الفضلاء ..
أنا مسرى النبي, ما زال يجري *.*.*.* منه نور الإسراء فوق قبابي
حين صلّى بالأنبياء تجلّى *.*.*.* في سمائي تآلف الأحبابِ
وتجلّت مآذني, وأذاني *.*.*.* وسؤالي عن الهدى, وجوابي
وتجلّى الدين الحنيف بعيداً *.*.*.* عن دعاوى المدلّس الكذّابِ
كل شبر ٍ في ساحتي, فيه نقشٌ *.*.*.* من شموخي برغم طول عذابي (4)
.
.
أيها الفضلاء ..
هناك قدر من التضحية يجب أن يقدم ..
وهناك مقدار من الخوف والخطر ينبغي أن يحدق بالأمة قبل أن تلوح في الأفق البعيد بشريات النصر ..
تمر الأمة المسلمة بأحداث مؤلمة أحيانا ؛
قد يُرَى فيها الشر وقد استشرت سمومه ؛
لكن مهلا ..
الله تعالى يقول في سورة النور : " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم " ؛
فليس كل خطر يُحدق بالأمة شرًا ؛
فالأحداث تصنع الرجال ؛
وقد يكون موقف رجل صادق أثبت من جيش عرمرم ؛
أرأيتم موقف أبي بكر رضي الله عنه يوم الردة ؟
.
.
أيها الفضلاء ؛
لما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة ؛
عانوا ما عانوه من المشركين ..
وكانوا مأمورين بالتصبر والصبر والاصطبار ؛
ولم يؤذن لهم بالقتال إلا بعد الهجرة ..
وقد حوصروا في شعب أبي طالب ..
كان الحصارُ تقدُّماً وتألُّقاً *.*.*.* وسُموَّ روح المؤمن المتعبِّدِ
كان الطريق إلى الشموخ لأنَّه *.*.*.* مَلأَ النفوسَ بعزمها المتجدِّدِ
كانت معاناةُ الحبيبِ وصحبه *.*.*.* لُغَةَ الصمود ودَرْسَ مَن لم يَصْمُدِ
كانت بدايةَ رحلةٍ نَحْوَ العُلا *.*.*.* بالرغم من جَوْر الحصار الأَسْودِ
رفعوا أياديَهم إلى الله الذي *.*.*.* يرعى ويحفظ كلَّ داعٍ مُرْشِدِ
فإذا بليل الكفر يُنكِرُ نفسَه *.*.*.* لمَّا رأى فجر اليقين من الغَدِ (5)
وكانت فترة الحصار في شعب أبي طالب مطلوبة ؛
لأن الإحساس بالخطر الحقيقي يورق في الأنفس أوراق الهمة ؛
فتزهر أزهارها .. وتثمر ثمارها ؛
وتؤتي أكلها بأن تتربى الأمة على التوكل على الله وحده .. والتفاني في إرضاءه ؛
.
.
أيها الفضلاء ..
إن المعاناة لا تقتل الدعوات ..
بل قد تحييها ؛
" علمتني الحياة في ظل العقيدة أن العقيدة قوة عظمى ؛
لا يعدلها قوة مادية بشرية أرضية أيا كانت هذه القوة ..
ألا ترون خالدا يوم مؤتة يقال له إلى أين الملجأ ؛ إلى سلمى وأجأ ؟
فتذرف عيناه الدموع وينتخي ويقول :
لا إلى سلمى ولا إلى أجأ ؛ ولكن إلى الله الملتجأ ..
فينصره الله الذي التجأ إليه سبحانه وبحمده ؛
بربك هل هذه قوة جسدية في خالد بن الوليد ؟
لا والذي رفع السماء بلا عمد ؛ إنها العقيدة وكفى .. "
إن العقيدة في قلوب رجالها *.*.*.* من ذرة أقوى وألف مهندِ
لله أسعى خاضعا ومجاهدا *.*.*.* ولغير ربي جبهتي لم تسجدِ (6)
هذه الأمة قد تصيبها حالات استضعاف ؛ لكنها لن تنكسر بإذن الله ..
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض . وإني سألت ربي أن لا يهلكها بسنة عامة . وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم . فيستبيح بيضتهم . وإن ربي قال : يا محمد . إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد . وإني أعطيت لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة . وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها . – أو قال من بين أقطارها – حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا . ( صحيح مسلم ) ..
.
.
أيها الفضلاء ؛
قد يحتل العدو أرضنا ؛
قد يسلبها ؛
لكنه أبدا لن يطفئ جذوة الإيمان في النفوس ..
قد يقتل ويثخن الجراح ؛
لكنه قطعا لن يكسر إباء نفوس استمدت عزتها من إيمانها بربها ؛
قد يجتاح البلاد ويسبي الأنفس ؛
لكنه حتما لن يستطيع أن يجتث عفاف أمَّةٍ تمدّ " إلى الرحمن كف تضرعٍ " .. (7)
قد يبث ما يبث من حرب نفسية " زائفة الحرف " ؛ (8)
لكنه جزما لن يجهز على عقيدة راسخة ..
قد يهدد المقدسات ويحاول المساس بها ؛
لكنه لن يظفر بذلك إن شاء الله ..
لأن الذي حمى بيته الحرام وسدنته مشركون ؛
سيحمي المسجد الأقصى وسدنته موحدون ..
وهو بفعله هذا يحثّ أمتنا على أهمية اليقظة من الغفلة ؛
وإنه إنما يهدد نفسه ووجوده السرطاني ..
ويغذ الخطى سريعا إلى حتفه ..
الليلُ مهزومٌ أمامَ نهارنا *.*.*.* والشمسُ أقوى من ضياءِ الفَرْقَدِ
والحقُّ أكبرُ من جحافلِ باطلٍ *.*.*.* تمضي بوهم منصِّرٍ ومُهوِّدِ (9)
.
.
أيها الفضلاء ..
إن شعور المسلمين اليوم بالذعر والخوف حيال الخطر المحدق بالمسجد الأقصى المبارك ..
إن هذا الشعور مطلوب حتى تستفيق هذه الأمة من إغفائتها ؛
إن إحساس المسلمين اليوم بالخطر من الوجود الصهيوني ..
ينغبي أن يحيي هذه الأمة ..
وينبغي أن يترجم إلى واقع عمليّ على عدة محاور ..
منها كون المصيبة حلت علينا بما كسبت أيدينا ..
قال الله تعالى : " ولا يظلم ربك أحدا " ؛
ومنها كون أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ؛
فمحتم على الأمة أن تتمسك بدينها وثوابتها إذا ما أرادت النصر والعزة ؛
وواجب على الأمة حسن اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛
روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له ؛
وجعل رزقي تحت ظل رمحي ؛
وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ؛
ومن تشبه بقوم فهو منهم ..
( في مسند أحمد وصححه أحمد شاكر ) ؛
روى أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض ؛
فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب ..
( صححه الألباني في صحيح الجامع ) ؛
.
.
أيها الفضلاء ؛
سنة الله في الكون لا تحابي أحدا ..
قال الله تعالى في سورة الحج بعد آية الإذن بالقتال :
" ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ( 40 )
الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة
وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ( 41 ) "
وقال أيضا في سورة النور :
" وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض
كما استخلف الذين من قبلهم
وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم
وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا
يعبدونني لا يشركون بي شيئا
ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون "
.
.
يتبع بإذن الله ؛
.
.
الروابط المفضلة