انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 7 من 10 الأولىالأولى ... 345678910 الأخيرالأخير
عرض النتائج 61 الى 70 من 94

الموضوع: فـــــــاتن .. من وجع الحياة (بقلمى / رشا محمود)

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى

    15


    طوال الأيام الباقية فى المهلة التى حددوها لى .. لم يبد على أمى أى تغيير .. لقد كانت متماسكة وتدفعنى دفعاً لتجهيز نفسى وحقائبى وكل ما سأصطحبه معى فى رحلة المجهول هذه .. لقد فاجأتنى حقاً .. لم أتخيل أنها ستتخذ هذا الموقف القوى فى مواجهة تلك التغييرات الجذرية فى حياتنا .. لا أصدق أنها بتلك القوة .. لقد ظننت طوال عمرى أننى أشبهها بالتأكيد وكنت أُرجع ضعفى فى مواجهة الآخرين لكونها وراثة منها .. ربما لكونى لا أذكر أبى كثيراً .. فقد توفاه الله وأنا صغيرة جداً .. وتكفلت أمى بتربيتى وحدها .. لقد واجهت الحياة وحيدة .. فكيف ظننتها ضعيفة .. يالى من حمقاء

    تتوالى الوفود من الجيران وأهل الحى لتوديعى قبل السفر .. إن لى شعبية كاسحة بينهم دون شك .. وهم يحبوننى بصدق .. ترى هل سأقابل مثل تلك القلوب الطيبة هناك؟ .. لا أدرى لم أظن أن الطيبون قد جمعوهم جميعاً فى حيّنا بينما ينتشر الأشرار وخبيثى النفوس خارجه .. تفكير طفولى بحت .. حيث يتمثل الأمان فى البيت فقط .. بينما تنتظرنا كل الأشياء المخيفة ما أن نخطو بضعة خطوات إلى الخارج .. يبدو أننى لم أنضج بعد وأحتاج إلى من يدفعنى لأكبر وأنفصل عن تلك الطفلة التى تسكننى

    ودعت إحدى الجارات على عتبة بيتنا وما أن ابتعدت حتى ظهر وجه حنين وهى تبتسم لى وتلوح بيدها
    - حنين .. تعال يا حبيبتى
    تعلقت برقبتى بيد واحدة وهى تقبلنى وتمسك بحرص علبة بيدها الأخرى
    دعوتها للداخل وجلست معها فقد اشتقت للحديث معها
    - كيف حالكِ يا حنين؟
    - الحمد لله يا طنط فاتن .. وأنتِ؟
    - أنا .... نعم أنا بخير حبيبتى
    - هل ستسافرين غداً؟
    - نعم سأسافر
    - سأشتاق إليكِ
    - وأنا أيضاً
    مدت يدها بالعلبة نحوى وهى تبتسم
    - ما هذه؟
    - إنها هدية
    نظرت لها فهزت رأسها وهى تدفع بالهدية بين يدى .. فتحتها ووجدت أنها لعبة موسيقية ما أن تفتح العلبة حتى تخرج منها دمية رقيقة ترقص على النغمات التى تخرج من العلبة
    - إنها جميلة جداً
    - حتى تذكرينى بها
    - وهل يمكن أن أنساكِ يا حنين أنتِ صديقتى
    - وأنتِ صديقتى أيضا

    نظرت نحوها قليلا ثم توجهت لحجرتى وأنا أخبرها أن تنتظرنى .. ثم عدت لى وأنا أحمل عروستى المفضلة التى تلازمنى منذ طفولتى وأعطيتها لها
    - تفضلى يا حنين
    - ما هذه؟
    - إنها هدية لكِ
    - لى أنا .. لماذا؟
    - حتى تذكرينى بها
    ضحكت فى سعادة وهى تحتضن العروسة المكتنزة وتقول
    - شكراً لكِ
    قلت لها مداعبة
    - انظرى كم أن عروستى مكتنزة وسمينة .. ودميتكِ تلك رشيقة ورقيقة جداً .. هل تريدين إثارة غيظى بتلك الدمية
    - ربما عندما تكبر ستكون ...
    - لا يا حنين لا أريدها أن تكون سمينة .. لن يمكنها الرقص على نغمات اللعبة مرة أخرى .. ستشعر بالخجل من نفسها كثيراً .. لن ترقص ثانية أبدا
    - حسناً لن تكون سمينة
    - هذا أفضل
    قامت ومنحتنى حضن كبير وهى تقول
    - سأفتقدكِ كثيراً
    - وأنا أيضاً يا حنين
    أوصلتها للباب وقبل أن تذهب استوقفتها
    - حنين .. لا تنس زيارة أمى من وقت لآخر
    - بالطبع .. لا تقلقى

    لوّحت لها بيدى وأغلقت الباب .. حسنا لابد لى من النوم مبكراً كما فعلت أمى .. فلدى يوم طويل فى الغد .. نظرت بمقت لحقائب السفر التى تنتصب بجوار فراشى .. وتوجهت للحمام الذى يجاور غرفة أمى الموصدة .. كان من الممكن أن أصدق كل شىء تفعله أمى لو لم أسمع نحيبها الخافت من خلف الباب .. عدت لغرفتى واستلقيت فى فراشى وشاركتها وجبتنا الأخيرة من الدموع .. تلك التى تتناولها كلاً منا سراً وحدها

    يُتبع
    إن شاء الله

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى

    16


    المطار

    آخر مكان كنت أتخيل أن تطأه قدمىّ يوما ما .. هذا المكان العجيب الذى يماثل فى أسطوريته كل الحكايات الخيالية التى قرأتها فى طفولتى .. لم أزره من قبل حتى فى أحلامى .. لا أصدق أننى أقف على أرضه وأنتظر أن أتركها لأحلّق على متن احدى طائراته بعيداً عن وطنى وأهلى .. وأمى

    لا أحد معى .. ودعتنى أمى على عتبة بيتنا .. وزفنى الجيران حتى سيارة الأجرة .. وها أنا هنا وحيدة لا شىء معى سوى حقائبى .. خوفى .. ودموعى التى ما أن حانت لها الفرصة حتى انهمرت كالشلال وقد تغرق هذا المطار بمن فيه لو لم أسيطر عليها جيداً

    نداء الطائرة الخاصة بى .. وبقدمين مرتعشتين توجهت نحو ذلك المجهول الذى سأطير إليه بجناحين من معدن

    ألقيت نظرة خلفى رغم كون ذلك المكان لا يمثل الكثير لى لكنى أشعر أننى أنظر لكل سنوات عمرى الماضية .. لكل ذكرياتى .. لكل ما أحببته .. وكل ما كرهته أيضاً .. سأفتقد كل شىء بشدة .. وداعاً يا وطنى

    ما أن استويت فى مقعدى على الطائرة حتى انتابنى شعور بالنعاس .. أنا أريد النوم بعمق .. لا أريد أن أرى الأرض من النافذة التى تجاورنى .. لا أريد أن أرى المبانى وهى تتقلص والأشياء التى تتقزم بارتفاعى عنها .. لا أريد أن أرى قطع السحاب .. ولا زرقة المياة من تلك المسافة .. لا أريد الاحساس بكونى أطير فعلاً .. أنا أريد الهرب من هذا كله .. أريد الذهاب لعالمى المفضل .. لدنيا أحلامى أنا .. لابد أنها سترافقنى أينما ذهبت .. ستأتى إلىّ حتى ولو كنت أسبح بين الغيوم .. أو أغوص فى مياة المحيط .. أو أتبعثر فى الفضاء الخارجى .. لن تتخلى عنى أبداً

    لاحت منى نظرة ناعسة نحو النافذة .. هل كانت تلك السحابة تشبه وجه أمى .. وهل كانت تلك الدموع تتساقط من عينيها أم عله المطر .. مطر أسود يحمل لون كحل عينىّ أمى حين يسيل على وجنتها .. لم أره قط من قرب .. كان مطرها لا يهطل بحضورى أبدا .. لقد رأيته خلسة عدة مرات ولن تخدعنى عينى .. السماء لا تمطر مطر أسود!

    لا أدرى ماذا حل بى؟ .. أنا أهذى يا أمى .. أريد النوم يا أمى ..أنا ...... أشعر بالبرد

    تثاقلت رأسى فأسندتها على حافة النافذة .. شعرت بحبات المطر على وجنتى قبل أن أغيب فى سواده

    فى مكان بعيد امتدت تمسح دموع عينيها وهى تشهق وقد تلطخ خدها المكتنز بالكحل الأسود وعيونها الدامعة تنظر للوجه البرىء الذى يضحك داخل إطار الصورة .. ضمت الصورة لصدرها ولسانها يلهج بالدعاء لوحيدتها وقلبها يكاد يفر من بين ضلوعها ليلحق بمحبوبته تلك التى تحلّق وحدها فى السماء!

    يُتبع
    إن شاء الله

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Apr 2015
    الموقع
    اعيش هناك
    الردود
    780
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    1
    ياربي الفراق صعب والله :'(
    الله يصبرها ♥♥
    جميييلة رشو ♥♥♥♡♡
    ربي يحفظك♥♥

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة ج ـسـوؤر الـفـن عرض الرد
    ياربي الفراق صعب والله :'(
    الله يصبرها ♥♥
    جميييلة رشو ♥♥♥♡♡
    ربي يحفظك♥♥
    شكرا لكِ غاليتى جسور الفن
    تسعدنى متابعتكِ
    تحيتى

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة ج ـسـوؤر الـفـن عرض الرد
    ياربي الفراق صعب والله :'(
    الله يصبرها ♥♥
    جميييلة رشو ♥♥♥♡♡
    ربي يحفظك♥♥
    شكرا لكِ غاليتى جسور الفن
    تسعدنى متابعتكِ
    تحيتى

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    (17)


    ما هذا المكان؟

    الظلام يلف كل شىء .. أين أنا؟

    هناك بقعة ضوء .. ثم النور يغمر ما حولى .. أحاول أن أغمض عينى فلا أستطيع

    هناك ما يجذبنى لأنهض .. هناك موسيقى تنبعث من مكان ما .. وأنا بلا إرادة منى أدور معها .. أنا لا أملك السيطرة على جسدى .. فقط أتحرك تلقائياً مع نغمات الموسيقى .. أنا لا أفهم .. ما الذى يحدث؟

    هناك صوت ما يقترب .. أرى وجه أعرفه .. إنها حنين .. تنظر لى وتبتسم .. حاولت أن أسألها عما يحدث .. فلا يخرج صوتى .. يا إلهى .. أشعر بها تحملنى وتتحرك بى .. تضعنى أمام المرآة .. الموسيقى تنساب وأنا أدور بلا توقف .. لكنى رأيت صورتى فى المرآة .. إنها هى .. بل هى أنا .. كيف هذا؟

    أنا دمية صندوق الموسيقى ؟!!
    حنين .. إنه أنا فاتن .. ألا تعرفينى .. ما الذى جاء بى هنا .. حنين .. أنا لا أفهم شىء؟

    مدت حنين يدها لغطاء الصندوق .. وببطء الغطاء يقترب ويحجب وجه حنين .. والظلام يعود ليلفنى وليكتم صرخاتى الصماء .. حنين انتظرى لا تذهبى .. لا تتركينى هنا .. أنا .. أنا لست دمية .. أنا فاتن .. فاااااااتن

    وعاد الصندوق لينغلق ويدفننى داخله .. لقد حُبست روحى داخل دمية .. كيف هذا؟ .. أين أنا .. أين جسدى .. هل سأظل هنا للأبد .. صرخت بلا صوت

    حنين .. أخرجينى من هنا أرجوكِ .. أريد العودة لجسدى .. لا تتركينى هنا ... لااااااا

    - لاااااااااااااااا

    انتفض جسدى بشدة .. هناك يد تربت على كتفى .. فتحت عينى وأنا مازلت انتفض وكل خلية فىّ ترتعش .. طالعنى وجه رقيق .. لوهلة ظننتها حنين .. أمسكت بها وأنا أردد

    - أخرجينى من هنا يا حنين .. أرجوكِ أخرجينى من هنا
    - اهدئى يا آنسة

    نظرت لها فى بلاهة .. انها ليست حنين .. أين حنين؟ .. أين صندوق الموسيقى؟ .. لقد كانت حنين هنا .. وأنا كنت أرقص .. كنت دمية .. مجرد دمية صماء .. لقد اختفى جسدى .. أين فاتن .. كانت هنا معى .. من أخذها منى وحبسنى فى الدمية .. من؟

    - اهدئى .. لقد كان مجرد حلم

    ناولتنى كوب من الماء .. تناولته منها وأنا لا أستوعب .. نظرت ليدى .. لقد انصاعت لإرادتى .. إنها تتحرك بأمرى .. نظرت لجسدى .. إنه هنا .. تلك هى المرة الأولى التى أشعر فيها بالسعادة لرؤيته .. تحسسته فى شك .. إنه هنا بالفعل .. لقد كان حلم .. بل كابوس .. كابوس بشع

    جرعت كوب الماء .. وتمتمت بكلمات غير مفهومة للمضيفة الحسناء فيما معناه أننى أصبحت بخير الآن .. ربتت على كتفى وانصرفت .. لابد أننى أزعجت كل من بالطائرة .. ما الذى حدث؟ .. حتى أنتِ يا أحلامى .. تلك هى المرة الأولى التى تهدينى فيها كابوساً .. ماذا فعلت لكِ .. أنا لا أحتمل .. يكفى ما أنا فيه .. لا تقسى علىّ مجدداً

    أغمضت عينى وتنهدت فى راحة .. ربما نحن لا نقدر ما نحن فيه حتى نخسره .. نحن تغمرنا النعم دون أن نشعر بها .. يكفى أن نكون أحياء وبخير وبصحة جيدة .. أن ينصاع جسدك لأوامرك .. أن تطيعك يدك وقدمك وتتمتع بكل حواسك وأن يمكنك التعبير عن نفسك .. فالحمد لله على نعمه

    فتحت عينى ونظرت للنافذة .. ربما كان من الأفضل النظر من النافذة .. لكنى لم أحتمل .. نظرت أمامى كانت طفلة جميلة هناك تجلس فى مقعدها وهى تلهو بدمية صغيرة .. نظرت للدمية برعب .. لملامحها الجامدة الساكنة التى لا تشف عن شىء وقد لاح لى خاطر مخيف

    هل هناك من أحد يصرخ ويستنجد داخلها لنخلصه؟

    يُتبع
    إن شاء الله

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Apr 2015
    الموقع
    اعيش هناك
    الردود
    780
    الجنس
    أنثى
    التدوينات
    1
    هههههههههههههه ياقلبي عليها
    بس والله بدأ الحماس ^^
    ننتظر الباقي لا تتأخري علينا♥♥

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة ج ـسـوؤر الـفـن عرض الرد
    هههههههههههههه ياقلبي عليها
    بس والله بدأ الحماس ^^
    ننتظر الباقي لا تتأخري علينا♥♥
    تسلميلى حبيبتى جسور الفن
    ودمتى بكل الخير

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى

    18


    وصلت الطائرة أخيراً .. أظنها استغرقت أكثر من سنوات عمرى الماضية بالكامل .. المهم أننى هبطت أخيراً على أرض ثابتة .. بذات الخوف وذات رعشة الأطراف وربما ازدادت حالتى سوء وخشيت أن ينتبه الناس لكونى أرتجف كطفلة صغيرة أضاعت أمها فى الزحام .. المكان مزدحم بالفعل .. وأنا أشعر بالضياع .. لكنى للأسف لست طفلة يمكنها ببساطة أن تبكى وتصرخ فتمتد لها ألف يد لتساعدها .. ذلك الكيان الكبير بل الضخم الذى أسكنه لا يحق له أن يفعل ذلك أبداً .. أنهيت الإجراءات الروتينية بمعجزة ما دون أن أفقد وعيى من شدة التوتر .. وما أن ابتعدت خطوات حتى وقع نظرى على لافتة أنيقة تحمل حروف اسمى كاملة .. اقتربت منها وحملقت فيها للحظات قبل أن يظهر وجه فتاة رقيقة من خلف اللافتة وهى تبتسم لى وتقول
    - آنسة فاتن؟
    هززت رأسى بصمت
    - تفضلى معى
    تبعتها دون تفكير فقد بدت لى كطوق نجاة فى وسط أمواج ثائرة .. لم أكن أعرف كيف سأتصرف بعد وصولى إلى هنا .. فى الخارج كانت هناك سيارة أنيقة ولامعة .. بدت لى فاخرة ولم أكن أتخيل أننى سأركب مثلها فى حياتى كلها .. وهناك سائق مهندم أيضاً .. ركبت فى مقعدها الخلفى وأنا أحاول أن أخفى انبهارى .. كانت مريحة ومكيفة .. جلست الفتاة بجوارى والابتسامة لا تفارقها .. نظرت لأسنانها اللامعة كحبات اللؤلؤ وأنا أفكر كيف تبدو أسنانى أنا .. حسنا أنا لا أذكر أننى اهتممت بتفحصها من قبل لذا علىّ ألا أبتسم الآن .. لن أبتسم أبداً
    - حمد لله على سلامتك
    ابتسمت بتلقائية .. ثم تذكرت فابتلعت ابتسامتى وأنا أهز رأسى .. ستظننى بكماء إذا بقيت هكذا أرد عليها بالإيماءات .. علىّ أن أتحدث إليها على الأقل
    - سلّمك الله
    - أنا رانيا .. تشرفت بمعرفتكِ
    - أهلاً رانيا .. شكراً لكِ
    - سنذهب الآن لمقر الشركة حيث ستتسلمين عملكِ الجديد ثم سأصحبكِ بعدها لمكان السكن الملحق بالشركة .. أتمنى أن تجديه مريحاً
    - هل هناك الكثير من المغتربين هنا؟
    - نعم هناك أسر كاملة تسكن هناك .. لن تكونى وحدكِ اطمئنى

    تنهدت وأنا أفكر أن الراحة والاطمئنان أبعد ما يكونا عنى الآن .. التفت نحو النافذة وتأملت ذلك البلد البعيد عن وطنى .. كان متأنقاً بشدة .. الشوارع شديدة النظافة .. المحال تصطف فى أناقة .. لا تكاد تلمح كائن ما فى الطريق .. لا شىء سوى سيارات فارهة تشق الطرقات .. كل يعرف وجهته جيداً .. لن تجد أحد هنا يتوقف ويفتح زجاج سيارته ليسأل قائد سيارة مجاورة عن عنوان ما .. لن تجد طفلا يدق نافذتك ليبيعك مناديل ورقية .. أو أطواق من الفل والياسمين .. لن تجد رجلا بهتف بأسماء الجرائد اليومية والمجلات .. لن تجد حافلة ما تتوقف فى وسط الطريق لتُنزل راكباً فيصرخ قائد سيارة ما بسائق الحافلة لأنه كاد أن يصطدم به .. لن تجد عربات تبيع البطاطا الساخنة ولا الذرة المشوى .. لن تجد زحاماً .. البشر هم الحياة .. و البشرهنا لا يظهرون فى الطرقات عادة .. ربما كانت الحياة هنا أكثر هدوء وتنظيماً .. لكن لا يمكن أن تطلب ممن عاش حياته فى تلك الألفة وذلك التلاحم الغير عادى أن يتأقلم سريعاً هنا

    أخذتنى أفكارى ولم يقطعها اهتزاز السيارة اللطيف الذى اعتدته .. ذلك الذى كان يرطمنى بالسقف تارة .. وبزجاج النافذة تارة .. وربما أسقطنى على من يجاورنى تارة ثالثة .. اننى حتى لم أشعر بحركة السيارة من البداية .. فقط نبهتنى رانيا أننا وصلنا .. حقاً بتلك السلاسة وذلك الوقت القياسى .. كيف هذا؟ .. كيف يمكنكم الذهاب للعمل دون أن تشعروا بلذة العناء من أجل لقمة العيش .. ودون أن تسقط قطرة عرق واحدة على جبينكم .. ودون أن يفسد مظهركم وتتجعد ملابسكم وتتسخ أحذيتكم .. كيف تتحملون تلك الحياة الناعمة أكثر من اللازم

    ابتلعت أفكارى ونزلت من السيارة لأواجه ذلك المبنى الذى ادعوا كذباً أنه فرع من شركتنا .. ذلك المبنى الفاخر لا يمكن أن يكون سوى سفارة دولة أجنبية أو عله مبنى منظمة دولية عالمية .. أى شىء آخر سوى أن يكون مكان أعمل بداخله .. يالها من ورطة

    - هيا يا آنسة فاتن .. تفضلى
    التفت خلفى ونظرت لنفسى فى زجاج السيارة اللامع كالمرآة .. وجهى يبدو ممتقعاً بينما يظهر من خلف رأسى هذا المبنى الرائع متألقا بشدة .. المقارنة مؤسفة للغاية .. أغمضت عينى وازداد خفقان قلبى .. يا إلهى .. ما الذى أفعله هنا؟ .. أعيدونى لموطنى أرجوكم .. هذا المكان لا يناسبنى أبداً

    يُتبع
    إن شاء الله

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الموقع
    غزه الجريحه
    الردود
    2,747
    الجنس
    أنثى
    التكريم
    • (القاب)
      • نور الخيمة
      • نجمة الكروشية المبدعة
    (أوسمة)
    ايوه كده رشروشه
    حلو جدا الجزء والاحلى انه قريب من الي سبقه
    كتير بنشتاق لفاتن وما بنحبها تغيب
    تسلم ايدك
    وفي انتظار ما تخبئ لها الايام
    دمتي بود

مواضيع مشابهه

  1. (الــــــــــــوشم) رواية بقلمى .. رشا محمود
    بواسطة رشا محمود في فيض القلم
    الردود: 125
    اخر موضوع: 05-02-2016, 12:47 AM
  2. ( مسابقة مفاتيح سعادتنا في الحياة )(حكاية صديقة)بقلمى/نسخ
    بواسطة -بلسم الجروح- في مواضيع روضة السعداء المتميزة
    الردود: 66
    اخر موضوع: 03-04-2011, 06:56 PM
  3. الردود: 21
    اخر موضوع: 20-07-2010, 11:03 PM
  4. الردود: 4
    اخر موضوع: 27-06-2010, 09:11 AM
  5. علمتني الحياة ( بقلمي ) ..
    بواسطة قـمر الشـــــام في الملتقى الحواري
    الردود: 16
    اخر موضوع: 29-07-2009, 05:28 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ