الحديث السابع عشر: الرفق بالحيوان
عـن أبي يعـلى شـداد بـن أوس رضي الله عـنه، عـن الـرسـول صلى الله عـليه وسلم قـال: { إن الله كتب الإحـسـان عـلى كــل شيء، فـإذا قـتـلـتم فـأحسـنوا القـتـلة، وإذا ذبـحـتم فـأحسنوا الذبحة، وليحد أحـدكم شـفـرتـه، ولـيـرح ذبـيـحـته }.
[رواه مسلم:1955].
..الفـــــــــــــــوائد من الحديث..
{ الإحسان } ضد الإساءة وهو معروف. { كتب } بمعنى شرع، وقوله: { على كل شيء } الذي يظهر أنها بمعنى في كل شيء، يعني أن الإحسان ليس خاصاً في بني آدم بل هو عام في كل شيء { فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته } وهذا من الإحسان.
وقوله: { إذا قتلتم } هذا حين القتل من بني آدم أو مما يباح قتله أو يسنُ من الحيوانات من وحوش وغيرها.
وقوله: { فأحسنوا القتلة } أن يسلك أقرب الطرق إلى حصول المقصود بغيرأذية لكن يرد على هذا ما ثبت من رجم الزاني المحصن والجواب عنه أن قال: إنه مستثنى من الحديث وإما أن يقال: المراد { فأحسنوا القتلة } موافقة الشرع وقتل المحصن بالرجم موافق للشرع.
وأما قوله: { فأحسنوا الذبحة } والمراد به المذبوح من الحيوان الذي يكون ذبحه ذكاة له مثل الأنعام والصيد وغير ذلك .. فإن الإنسان يسلك أقرب الطرق التي يحصل بها المقصود الشرعي من الذكاة، ولهذا قال: { وليحد أحدكم شفرته } أي سكِّينه، { وليرح ذبيحته } أي يفعل ما به راحتها.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الله سبحانه وتعالى جعل الإحسان في كل شيء حتى إزهاق القتلة، وذلك بأن يسلك أسهل الطرق لإرهاق الروح ووجوب إحسان الذُبحة كذلك بأن يسلك أقرب الطرق لإزهاق الروح ولكن على الوجه المشروع.
ومن فوائد هذا الحديث:
طلب تفقد آلات الذبح لقوله عليه الصلاة والسلام: { وليحد أحدكم شفرته }.
ومن فوائد هذا الحديث: طلب راحة الذبيحة عند الذبح ومن ذلك أن يضجعها برفق دون أن تتعسف في إضجاعها ومن ذلك أيضاً أن يضع رجله على عُنقها ويدع قوائمها الأربعة اليدين والرجلين بدون إمساك، لأن ذلك أبلغ في إراحتها وحريتها في الحركة، ولأن ذلك أبلغ في خروج الدم عنها فكان أولى.
</B>
الحديث الثامن عشر: الخلق الحسن
عـن أبي ذر جـنـدب بـن جـنـادة، وأبي عـبد الـرحـمـن معـاذ بـن جـبـل رضي الله عـنهما، عـن الرسول صلى الله عـليه وسلم، قـال: { اتـق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخـلـق حـسـن }.
[رواه الترمذي:1987، وقال: حديث حسن، وفي بعض النسخ: حسن صحيح].
..الفـــــــــــــــوائد من الحديث..
قوله: { اتق الله } فعل أمر من التقوى وهو اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه فهذا هو التقوى وهذا هو أحسن حد قيل فيها.
وقوله: { اتق الله حيثما كنت } في أي مكان كنت، فلا تتقي الله في مكان يراك الناس فيه، ولا تتقيه في مكان لا يراك فيه أحد، فإن الله تعالى يراك حيثما كنت فاتقه حيثما كنت.
وقوله: { وأتبع السيئة الحسنة } يعني اعل الحسنة تتبع السيئة، فإذا فعلت سيئة فأتبعها بالحسنة ومن ذلك - أي إتباع السيئة بالحسنة - أن تتوب إلى الله من السيئة فإن التوبة حسنة.
وقوله: { تمحها } يعني الحسنة إذا جاءت بعد السيئة فإنها تمح السيئة ويشهد لهذا قوله تعالى: ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) [هود:114].
وفي هذا الحديث من الفوائد: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته بتوجيههم لما فيه الخير والصلاح، ومنها وجوب حرص تقوى الله عزوجل في أي مكان كان ومنها وجوب التقوى في السر والعلن، لقوله صلى الله عليه وسلم: { اتق الله حيثما كنت }.
ومن فوائد هذا الحديث: الإشارة إلى السيئة إذ اتبعها الحسنة إذا اتبعتها الحسنة فإنها تمحوها وتزيلها بالكلية، وهذا عام في كل حسنة وسيئة إذا كانت الحسنة هي التوبة، لأن التوبة تهدم ما قبلها، أما إذا كانت الحسنة غير التوبة وهو أن يعمل الإنسان عملاً سيئاً ثم يعمل عملاً صالحاً فإن هذا يكون بالموازنة فإذا رجح العمل السيئ زالأُره كما قال تعالى: ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) [الأنبياء:47] ثم قال: { وخالق الناس بخلق حسن } عاملهم بالأخلاق الحسنة بالقول والعمل، فإن ذلك خير وهذا الأمر، إما على سبيل الوجوب وإما على سبيل الاستحباب.
..الشـــــــــــــــرح..
الروابط المفضلة