(11)
عودة للعمل
كنت فى مكتبى أحاول إنهاء كم الأوراق التى تراكمت أمامى .. ولا يشق صمت المكان حولى سوى تكتكات (الكيبورد) الرتيبة التى تمنع عقلى من الشرود فى سخافاته حول أشياء لا وجود لها و ......
قاطع أفكارى دخول شخص ما يحمل لفافة كبيرة ووضعها بعناية على مكتبى وابتسم فى وجهى وغادر من دون كلمة وقبل أن أسأله من يكون وما ذلك الشىء الذى وضعه أمامى
قمت أبحث عنه بالخارج لكنه قد تبخر .. عدت لمكتبى ونظرت بحيرة لتلك اللفافة قبل أن أقرر أن أرى ما بها .. قمت بفتحها فقط لأشهق عجباً .. لقد كانت نسخة مطابقة لطبق المخبوزات والفطائر الذى التهمته منذ أيام فى مكتب المدير .. ما هذا؟ .. كنت أحملق ببلاهة فى الطبق قبل أن يتناهى صوتاً كتغريد البلابل من خلف ظهرى يقول
- صباح الخير
أربكنى الصوت وجعلنى التفت بحدة لا تتناسب مع حجمى وبسرعة قادرة على جعلى أنكفىء على وجهى كما هى العادة .. لكنى تماسكت فى اللحظة الأخيرة وتشبثت بحافة المكتب .. وأنا أطالع بذهول وجه من يحدثنى
- عفواً لم أقصد إزعاجك يا ... فاتن على ما أذكر أليس كذلك؟
- .........
- لقد كانت مقابلة قصيرة تلك التى كانت فى مكتب المدير ولكنك أثرتى قلقى حين غبتى عن الوعى فجأة بلا مقدمات .. هل أنتِ بخير الآن؟
- ..........
- حسناً يبدو أنكِ مازلتى متعبة .. أتمنى أن أراكِ بحال أفضل المرة القادمة
- .........
هم بالمغادرة قبل أن يلتفت باسماً وهو يشير لطبق المخبوزات ويقول
- أظن أنها أعجبتكِ كثيراً فى المرة الماضية
- ......
- ؟؟؟؟؟؟؟
- !!!!!!!!!!
*********
لا ليست إغماءة ثانية بل هى أكثر سوء
كنت فى حالة من الذهول المختلط بالذهول ومضاف إليه بعض من الذهول أيضاً
لقد كان هنا من جديد .. الغريب الطيب زائر الأحلام والواقع أيضاً .. كان هنا يتحدث إلىّ وينطق حروف اسمى ويبتسم لى .. بل وأحضر لى هدية أيضاً .. أى خيال رائع هذا .. بل أى جنون هذا .. يبدو أننى أهلوس حقاً .. لكن هذا الطبق الشهى البهى يخبرنى أن الخيال لا يترك خلفه شيئاً ملموساً وبتلك الروعة .. كان عقلى يكاد يجن من التفكير .. أنا لا أفهم .. حقاً لا أفهم شيئاً أبداً
حاولت الخروج للبحث عن هذا الحلم المجسد لكنى جبنت .. من هذا؟ .. كيف .. ولماذا .. عشرات الأسئلة تنهش عقلى بلا توقف .. من يمكنه مساعدتى فى إيجاد أجابة ما .. من؟
كنت أجلس بمكتب وكالة أنباء الشركة .. الذى يلجأ إليه كل من يرغب فى معرفة معلومة ما .. حتى لو أراد أحدهم معرفة مقاس حذاء المدير سيخبره الأستاذ مجدى بذلك .. وحين سألته بترقب عن الزائر الغريب الذى ظهر فى شركتنا فجأة .. اعتدل فى جلسته لخطورة المعلومات التى يملكها بشأن الرجل الغامض وبدأ يتكلم
كنت أستمع له وقلبى يرتجف .. لقد تمنيت حقاً أن يقول لى باستنكار .. عن ماذا تتحدثين .. أى رجل هذا .. لم يظهر وجه جديد فى شركتنا منذ سنوات .. نحن نحفظ بعضنا بعضاً ولا يمكن أن يكون هناك جديد ما لم أعرفه ..
كنت أريده أن يظل هناك فى عالمى الخاص .. حيث كل شىء هناك بالغ الروعة .. لم خرجت منه؟ .. ما الذى يغريك فى واقعى؟ .. إنه بشع بما يكفى لجعل حتى وجودك به أمر قاس .. لن ترانى الأن بعينىّ الغريب الطيب .. لن ترى فىّ سوى تلك الموظفة البائسة .. تلك التى التهمت إفطارك بشراهة .. تلك التى تكومت تحت قدميك حين وقعت عيناها عليك للمرة الأولى .. لن ترانى سوى هكذا
.. هذا لو اهتممت بالنظر لى ثانية !
لقد هربت سندريلا من الأمير حتى لا يرى صورتها الحقيقية المزرية .. لقد تيقنت أن عينيه ستكرهان النظر لمظهرها الرث وأنه سينصرف عنها ولن يتحقق حلم سندريلا الجميل الساحر أبداً
لقد دقت الساعة الثانية عشر .. انتصف اللليل وانشطر الحلم ورأى الأمير الجميل حقيقتى البشعة .. أى عذاب هذا؟ .. أى عذاب
لقد خسرت أجمل ما كنت أملك حتى لو كان حلماً .. مجرد حلم .. ياللحياة القاسية .. لقد أخذت منى الزائر الطيب صانع السعادة ومنحتنى بدلاً منه مديراً لامعاً من الشركة الأم جاء ليقيّم أداء موظفيه .. لماذا يحدث لى هذا .. ليخبرنى أحدكم ماذا فعلت فاتن لتعاقبها الحياة دون توقف ولتسرق منها حتى أحلامها!!!
يُتيع
إن شاء الله
الروابط المفضلة