بسم الله الرحمن الرحيم
-الحلقة السابعة -
= أمثلة على الصحابيات الأرامل اللواتي تزوّجن أربعة أزواج =
1- الأرملة :
= أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها =
وأمها هي أروى بنت كريز ، وأروى أيضا هي أم عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، فأمّ كلثوم بنت عقبة هي أخت عثمان لأمه رضي الله عنهم جميعا . وأروى هي أيضا بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد أسلمت وهاجرت الى المدينة وعاشت فيها حتى ماتت في خلافة ابنها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ولها من العمر تسعون عاما ودفنت بالبقيع . أما والد أمّ كلثوم فهو الكافر عقبة بن أبي معيط ، كان من كبار أعداء الاسلام ولم يدع وسيلة لايذاء الرسول الا استخدمها ، ومن ذلك محاولته خنق الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث التالي :-
حديث عروة بن الزبير قال : ( سألت ابن عمرو بن العاص : أخبرني بِأشدِّ شيْءٍ صنعه المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم . قال : بَيْنَا النبي صلى الله عليه وسلم ، يصلي في حِجْرِ الكعبة إِذْ أقبل عُقْبة بن أبي مُعَيْطٍ ، فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بِمَنْكِبِهِودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : [ أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله] . الآيَةَ [ غافر : 28 ] ) . البخاري – كتاب مناقب الأنصار– باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة – ( 3856 ) .
إسلامها:- عارضت أم كلثوم أباها كل المعارضة في كفره وأسلمت رضي الله عنها في مكة ، في بداية البعثة النبوية الشريفة بعد أخيها لأمها عثمان بن عفان رضي الله عنه . ورأت النبي صلى الله عليه وسلم ، وتحدثت معه ، وصلت معه الى القبلة الأولى والثانية ، فهي من الصحابيات السابقات الى الاسلام .
هجرتها:- اغتنمت أم كلثوم رضي الله عنها ، أول فرصة سنحت لها للهجرة وهاجرت الى المدينة المنورة . وكانت أول من هاجر من النساء من مكة الى المدينة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك بعد صلح الحديبية ، وكانت فتاة جريئة وشجاعة ، وقوية الإيمان بحيث خرجت من مكة مهاجرة لوحدها باتجاه المدينة سيرا على الأقدام وهي فتاة شابة . وفي الطريق التقت رجلا من بني خزاعة وهو أيضا مهاجر الى الرسول عليه السلام ، فسارا سويا ووصلا الى المدينة في فترة الهدنة بين الرسول عليه الصلاة والسلام وبين قريش . وبسببها نزلت آيات من القرآن الكريم . وما كادت تصل المدينة حتى لحق بها أخواها الوليد وعمارة ليردّاها وقابلا الرسول عليه السلام ، الذي امتحنها ونجحت في الامتحان فرفض تسليمها لهما . فأمّ كلثوم رضي الله عنها من أوائل المهاجرات . وقد روى البخاري ذلك في صحيحه كما يلي :-
( عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير : أنه سمع مروان والمسور بن مَخْرَمةَ ، رضي الله عنهما ، يُخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لَمَّا كاتب سُهَيْلُ بن عمرو يومئذ ، كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ لا يأتيك منا أحد وان كان على دينك إلا رددته إلينا ، وخَلَّيْتَ بيننا وبينه ، فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه ، وأبى سهيل إلا ذلك ، فكاتبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك . فرَدَّ يومئذ أبا جندل الى أبيه سُهيل بن عمرو ، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة ، وإن كان مسلما ، وجاءت المؤمنات مهاجرات ، وكانت أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيطٍ ممن خرج الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ، وهي عاتق ، فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أَن يرجعها إليهم ، فلم يرجعها إليهم ، لِمَا أنزل فيهن :]إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ [إِلَى قَوْلِه]وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ[ … ) . كتاب الشروط – باب ما يجوز من الشروط في الإسلام .
= قال ابن حجر :- ( قوله " سورة الممتحنة " ... والمشهور فيها أنها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وقيل سعيدة بنت الحارث … ) . فتح الباري – كتاب التفسير – باب سورة الممتحنة .
وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث منها الحديث التالي :-
( عن ابن شهاب : أَنَّ حُمَيْدَ بن عبد الرحمن أخبره : أَنَّ أُمهُ أُمَّ كلثوم بنت عقبة أخبرته : أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فَيَنْمي خيرا أو يقول خيرا) . صحيح البخاري – كتاب الصلح – باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس ، " 2692 " . وصحيح مسلم – كتاب البر والصلة والآداب – باب تحريم الكذب وبيان المباح منه ، " 2605 " .
عمرها :- لا نعلم على وجه التحديد متى ولدت أم كلثوم رضي الله عنها ، ولكنها عندما هاجرت في بداية السنة السابعة للهجرة كانت شابة في بداية البلوغ . بدليل قول البخاري في حديث ابن شهاب الذي ذكرناه قبل قليل :- ( … وكانت أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعيطٍ ممن خرج الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يومئذ ، وهي عاتق... ) . والعاتق هي الفتاة في أول بلوغها .
قال ابن الأثير : ( العاتق : الشابة أول ما تدرك ) . النهاية في غريب الحديث والأثر : 3 / 178 – 179 - حرف العين – باب العين مع التاء .
وعليه يمكن القول أنها كانت في بداية شبابها عند هجرتها الى المدينة المنورة وفي بداية الاربعينات من عمرها عند وفاتها على وجه التقريب .= وفاتها :- ماتت أم كلثوم في خلافة علي وهي عند زوجها الرابع عمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعا .
- أزواجها -
1- تزوّجت زيد بن حارثة رضي الله عنه ، وولدت له زيدا ورقية ، ثم طلقها بعد أن عاشت معه قرابة عام ونصف تقريبا . فتزوّجها
2- عبد الرحمن بن عوف ، رضي الله عنه ، فولدت له محمدا وبه كان يكنى ، وإبراهيم ، واسماعيل ، وحميدا ، وأمة الرحمن . وبعد وفاته في سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة ، عن عمر اثنتين وسبعين عاما ، قامت أمّ كلثوم رضي الله عنها
3- بالزّواج من الزبير بن العوام ، رضي الله عنه ، وولدت له بنتا واحدة اسمها زينب . ثم طلقها الزبير ، وبعد انتهاء عدّتها ،
4- تزوّجت من عمرو بن العاص رضي الله عنه . وماتت عنده . كان عمرو قصير القامة ، وكان شجاعا وداهية من دواهي العرب وقريش ، وبه يضرب المثل في الفطنة والدهاء والحزم ، وكان ماهرا بفنون الحروب . وقاتل بشجاعة في معركة اليرموك . أمّره الرسول عليه السلام على الجيش في غزوة ذات السلاسل .
( عن أبي عثمان : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل ، قال : فأتيته فقلت : أيّ الناس أحبّ إليك ؟ قال : عائشة . قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها ... ) . [ البخاري – كتاب المغازي – باب غزوة ذات السلاسل ] . ورواه مسلم .
ولاه عمر بن الخطاب على مصر بعد أن فتحها ، وبقي واليا عليها زمن عمر وفترة من خلافة عثمان بن عفان . سكن مصر ومات فيها . رضي الله عنه وأرضاه .
- ملاحظة : هناك من يقول أن الزوج الثاني لها هو الزبير بن العوام ، والثالث هو عبد الرحمن بن عوف والله أعلم بالصواب .
2- الارملة :
= سهلة بنت سهيل رضي الله عنها =
أسلمت بمكة في بداية البعثة النبوية ، فهي من السابقات الى الاسلام . وأبوها هو سهيل بن عمرو بن عبد شمس القرشي العامري ، خطيب قريش ، لم يسلم حتى فتح مكة . وهو الذي تولى مفاوضة الرسول في عقد صلح الحديبية . وقد هاجرت سهلة الهجرتين مع
1- زوجها الصحابي الجليل أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، وولدت له هناك في الحبشة محمدا . واستشهد أبو حذيفة في حروب الردّة باليمامة سنة 12 هـ . وهو أخو هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان وأم معاوية . وبعد استشهاده تزوّجت سهلة ، رضي الله عنها ،
2- عبد الله بن الاسود بن عمرو ، وولدت له سليط . ثم بعد وفاته
3- تزوّجها شماخ بن سعيد فولدت له عامرا . ثم
4- تزوّجها عبد الرحمن بن عوف ، رضي الله عنه ، وولدت له ابنه سالم .
يتبع ان شاء الله
الروابط المفضلة