4 -الصيام و التقـــــوى
يعتبر الصيام أفضل مدرسة تعالج هذه القضية الروحية معالجة نفسية ميدانية يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فإن غاية الصوم هي التقوى وإستشعار رقابة الله والإحساس بمعيته سبحانه وتعالى
ويجب أن يعلم كل واحد منا أن الغاية من الصيام إراحة المعدة مدة من الزمن أو تخليص الجسد من سموم التغذية الكثيرة التي تفسد الخلايا والأنسجة ، وليس تنشيط الدورة الدموية وتقوية عضلات القلب وليست الغاية من الصيام إزالة الشحوم الضارة التي تراكمت على العضلات وكل ما ذكرناه مجرد نتائج مادية جسمية فزيولوجية تترتب على الصيام ولكن الغاية الحقيقية والأساسية من الصيام هي التقوى هذه الفائدة الجامعة لكل القيم الرفيعة والفضائل النفسية والروحية القيمة
يجب أن نفهم حقيقة الصيام وندرك أبعاده الروحية فالشيطان له دور خطير قد ينجح في إضعاف التعبد وحصره في الأعضاء الجسدية واضعا دونه سدودا منيعة وحواجز نفسية كثيرة ، فالشيطان ينتصر على ضعاف الإيمان ، بيد أنه ضعيف منهزم صغير حين يلقى مقاومة إيمانية عنيفة يشنها عليه إيمان المؤمن الصالح التقي
هذه هي حقيقة الصيام وأبعاده إنها أبعاد روحية من خلالها يقي إيمانه بالله تعالى ويعمق مشاعره الروحية لايأبه لأعراض الدنيا ومنازل الناس فيها من شهوات وأهواء
والمسلم الذي يقبل على الصيام يرضخ لأوامر الله تعالى ، وهو يعلم علم اليقين أن مخالفة ذلك تؤدي إلى غضب الله تعالى وسخطه والتقوى هي العامل الروحي الأساسي الكبير الذي يحولدون العصيان أو مجرد التفكير فيه ،فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) رواه المسلم
والصيام يعمل على تصحيح مسار التقوى فقد تعلق به بعض شوائب الدنيا : كخوف من فلان أو خوف عن مال ، أو خوف على رزق والصيام الحقيقي المبني على التقوى الصادقة يعلم صاحبه أن لا خوف إلا من العلي القدير ولا يخاف فقرا ولا فوات رزق والصيام يتطلب زيادة التعبد لا الإطمئنان إلى ما يقدم من عبادات وطاعات فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ره عز وجل أنه قال : ( وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنيين إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة وإذا امنني في الدنيا أخفته في الآخرة ) رواه ابن حبان
إن الصائم الحقيقي يجب أن يتقي ربه ويخافه حتى في صغائر الذنوب فعن أنس رضي الله عنه قال : ( إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات أي المهلكات ) رواه البخاري
الروابط المفضلة