أم عماد تحسنت حالتها ، افاقت من الغيبوبة ... لكن ضربة على الرأس لا بد أن يكون لها مضاعفات مؤلمة .. أصيبت أم عماد بشلل في ساقيها ، ولم تعد لها ذاكرتها تماماً ، لم تكن تذكر من حياتها سوى عماد وعبير ، تنادي اسمهما في كل لحظة ...
في احد الايام ، كانت عبير تسير في رواق المستشفى المؤدي إلى غرفة امها ... وما ان فتحت باب غرفة امها حتى دفعها رجل ملثم يمسك بيده سكينا ....
صرخت ... نادت الأمن ... كان هذا الرجل المجهول يحاول القضاء على أم عماد ... كان هذا اكبر دليل على براءة عماد ... استمرت المحاكمة ضد عماد فترة طويلة ... تأجلت مرات عدة ، اكتشف فيها القاضي مدى حقارة عناصر الشرطة التي استلمت القضية .. اكتشف تزويرهم وتعذيبهم وكذبهم ...
وفي النهاية كان الحكم ببراءة عماد المسكين ... أما القاتل فظل حتى يومنا هذا .. لا يعلم من هو غير الله ...
عماد ذهب لفلسطين ليرى بناته ... مسكين ، حتى هذه اللحظة لم يعرف جميلة على حقيقتها ولم يعرف أن بناته مثلها ... رفضوا رؤيته .. فذهب كسير الخاطر إلى منزل صديق عمره اسماعيل .. شكا له وطلب منه العون ... حاول وصديقه لكنه لم يفلح في تليين رأس جميلة العنيد وقلبها القاسي ... بناته سرين ورنا كانتا واعيتين لكن رباب وهدير كانت صغيرتين ... لكن رفضن جميعا رؤيته ، الكبيرات تربية أمهن والصغيرات يلبين رغبتها ...
قرر عماد الزواج ... امرأة صالحة تقف معه في وجه المآسي والمصائب .. لجأ مرة اخرى إلى صديقه اسماعيل آملا أن تدله زوجة صديقه على بنت الحلال ...
زوجة اسماعيل هذه لم تكن سوى صديقة سهى التي حضرت معها حفل خطوبة نعمة ... وفي نفس الوقت كانت أخت زوجة أخ نعمة ( معقدة هاي اه .... أخو نعمة عبد كان متزوج أخت زوجة اسماعيل ) ..
زوجة صديقه فكرت قليلا قبل أن تقول له عن نعمة ... ( بنت حلوة وفهمانة ، حنونة وطيبة ... وقصت عليه قصة نعمة بعد وفاة امها وأبيها ....
عماد أعجب بنعمة قبل ان يراها ... فتاة مثلها رائعة يصعب إيجادها في هذا الزمن ... أعجب عماد باخلاقها وأدبها ... وعندما عرف عماد ابنة من هي ... تمنى في قرارة نفسه أن تكون زوجته ... ابنة رجل طيب ... هدا كلو قبل ما يشوفها ...
ذهب وصديقه إلى اخو نعمة ( عبد ) وطلبوا يدها ...
نعمة في هذا الوقت كانت قد وصلت سن ال30 ، لكنها كما ذكرت من قبل لا زالت جميلة وتظهر أصغر من سنها ... عندما تقدم لها عماد كان هناك رجل آخر قد تقدم لها ... وكان عريس لقطة ... جميع من بالعائلة شجعوها على القبول به .. فهو أعزب لم يسبق له الزواج ، ليس له أولاد ، غني ... بينما العريس الثاني ( عماد ) كان فقيرا ، سبق له الزواج وله 4 بنات ....
نعمة كانت ترى في عماد الزوج المناسب ... الفقر والغنى ليس مقياسا ، وكونه لم يوفق في زواجه فهذا ليس خطأه ... قبلت بعماد ... وتم الزواج ... زواج بسيط راااااااائع ، يذكره الناس ويذكرون كم كان العريسان جميلان ..
أما أم عماد فكان من الصعب ان تعيش مع عماد فهي بحاجة إلى رعاية طبية خاصة ... بقيت في المستشفى ، يزورها عماد وعبير كل يوم عدة مرات ويقضون معها ساعات طويلة ، تصحو أم عماد دقائق وتدرك وجودهم ثم تعود فيتشتت ذهنها ولا تذكر شيئا ....
عماد انتقل للسكن في الأردن بالقرب من أمه المريضة ... أخذ معه زوجته نعمة ... لم يكن له منزل يعيش فيه ... فسكن في منزل أمه الذي حصلت فيه الجريمة ...
كانت اول مرة يدخل فيها على البيت بعد الجريمة ... كان يرتجف وهو يتذكر منظر امه ممدة تحت السرير ... تذكر أيامه السعيدة معها ، تذكر جلساتها ، كلامها .. سالت على خده دموع حارة ... واخذ يدعو لام عماد بالشفاء والأجر و و و ....
لكنه ما ان فتح الباب حتى فاحت رائحة كريهة ... دخل عتبة الباب فكاد يقع .. كان امامه جسم ... أشعل الضوء ليرى امامه شاة مقطوعة الرأس ... بدون رأسها وقد بدأت تتعفن ...
بهت عماد .. من فعل هذا ... وما الغرض من هذا ... ظل هذا لغزا آخر لا يعلمه الا الله .. لكن عماد اخذ هذا تحديا من المجرم الذي تسبب بمأساة ام عماد .. سال الجيران ... تحرى عن الوضع لكنه لم يعرف الفاعل .. والشرطة طبعا .... ما الها بالموضوع ... ومر الموضوع زي ما حكيت بدون حل ...
عاشت نعمة في البيت القديم مع عماد ... خوفها من المكان المهجور لم تبح به أمام عماد ... كانت له أملا جديدا في حياته ... أعانته على نوائب الدهر ... كانت نعمة فعلا نعمة منحها الله الكريم لعماد ...
عماد استلم عملا كأمين مستودع في إحدى الشركات الحكومية في الأردن ... راتبه قليل جدا على عكس ما كان أيام كانت جميلة زوجته ، لكن السعادة التي لا تشتريها الأموال كانت مع نعمة ... نعمة الأصيلة ..
جميلة جن جنونها عندما علمت بزواج عماد .. حاولت بلا امل أن تعود اليه ... لكن عماد لم يكن بحاجة لها ... عنده نعمة ... نعمة من الله ...
جميلة رفعت دعوى قضائية على عماد تطالبه بالنفقة الزوجية ... عماد لم يكن لينتظر هذا لولا ضيق حاله ، راتبه كان ضئييييلا جدا ... فهو موظف حكومي جديد (حيث انتقل للاردن كما ذكرت سابقا وبعد حبسه وفعل جميلة الذي فعلته مع الشركة التي كان يديرها لم يعد له عمل ) ، ومع هذا كان يبعث لجميلة والبنات ثلاثة ارباعه ...
نعمة لم تعارض ... حتى لو دفع عماد كل المبلغ ... فهم بناته وجميلة كانت في يوم من الأيام زوجته ...
في أحد الأعياد طلب عماد من بناته ان يصحبهم معه وان يوافقوا على رؤيته ... كان كلامه طبعا مع الابنتان الكبيرتان ( سرين ورنا ) وكان الاتفاق أن يذهب ليأخذهم في نزهة ويوم يقضينه معه ...
كل من يملك قلبا يدرك ما كان يحس به عماد .. أب وافق بناته أن يروه!!! ... كان يعد الأيام ، ينتظر الساعات لتمضي ويأتي العيد .. كان شوقه شديدا لبناته ... وجاء العيد ... حمل كيسا كبيرا مليئا بالألعاب ، ذهب عندهم باكرا ... دق الباب .. دق و دق ... لم يجبه احد ... انتظر وقتا طويلا .. رق قلب أحد الجيران له وقال له أن البنات خرجن مع أمهن وقالوا أنهم لا يريدون رؤيتك ....
صدم عماد ، وقف دون ان ينطق بكلمة ، لم فعلوا هذا ، انا أحبهم ، لا أستحق منهم هذه المعاملة ...
أما بناته فكانوا سعيدين بما فعلوه ، همهم ان يهينوا اباهم لأنه ترك أمهم ، لم يفكروا في الأسباب ...
مضى عماد كئيبا إلى منزل صديقه اسماعيل ، فتحت ابنة اسماعيل الباب ، كانت فتاة جميلة ذكية ... قالت له : عمو مالك زعلان ... قالها لا يا عمو ولا اشي بناتي ما بدهم اياني!!!! ... قالت له : ولو يا عمو هم اللي خسرانين عندهم اب متلك وما بدهم ياه ،بس احنا كمان بناتك يا عمو ولا شو ...
تخيلوا موقف عماد ، خانته عبراته ، ضم البنت الصغيرة الى صدره وقال لها ، الله يسعدك يا عمو ويخليلك ابوكي وامك .. ومضى إلى حيث يقف صديقه يشكو له الامه ...
سهى لم تسلم أيضا من جميلة وبناتها ... تلقت رسالات تهديد ، خطتها سرين وجميلة ، سرين ادعت أن عمتها سهى كسرت يدها ....
لكن هيهات ان يصدق الكاذب الحقير ... سرين هذه الفتاة الحقيرة كانت في المدرسة ، معلماتها كن صديقات سهى حيث كانت سهى تعمل معلمة ... استغربت المعلمات ان تفعل سهى مثل ذلك العمل مع ابنة اخيها !!
استغرب الجميع ما تقوله سرين ... انتشر الخبر بين المعلمات بأن سرين كاذبة ... حيث انها جائت بالصباح تلف يدها متهمة عمتها بكسرها وفي نهاية اليوم تفكها وتلعب هي والبنات وتحكرها بحرية !!!
مرت الأيام ، عماد يعيش اجمل أيام حياته مع نعمة ... يحبان بعضهما ... لكن ماذا نقول فيمن يتدخل فيما لا يعنيه ...
كان لنعمة اقرباء في الأردن ، كانوا يذهبون لزيارتها فيفتحون الفريزر – مبرد الثلاجة ليروا ان كانت تضع فيه اللحم والخضار ... يفتحون الثلاجة ليروا إن كان هناك طعام وما هو هذا الطعام ... ناس بعيدة عن الزوق
لم تكن نعمة لتعبأ بهم لولا انهم كانوا يتفننون في الكلام ... شكله ما بجيبلك أكل ... وما بدير باله عليكي وهالحكي الفاضي ... نعمة كانت ما تسكتلهم بس بالنهاية وتحسبا لحكيهم الفاضي صارت نعمة تحط حجار في اكياس نايلون سوداء وتحطهم في الفريزر على أساس انهم لحم وخضار مفرزين .... كانت تكره ان يذكر عماد بسوء أمامها ، أقاربها كبار في السن ولا تريد إهانتهم .. وعماد كان في نظرها اغنى الاغنياء بأخلاقه وتعامله ... خاصة بعد أن التزم حقا بدينه ..
عماد كان يرفض فكرة الانجاب ، كان حزينا لحال بناته ...صار عنده عقدة من الخلفة لم يكن يريد أن ينجب ..
لكنه عندما فكر بالامر أدرك ان نعمة ليست جميلة ... شتااااااان بين الاثنتين ، فلم يحرم نعمة من حقها بالأمومة ... وما ان مضت سنة أو أكثر قليلا كانت نعمة تحمل ابنة جميلة أطلقت عليها عمتها سهى اسم صفاء ...
صفاء أنست عماد الدنيا وما فيها ، كانت طفلة جميلة تشبه أمها ، ظهرت عليها آثار الذكاء مذ كانت طفلة صغيرة ...
بدأت حياة عماد تحلو ... فهل تتوقعون ان تسمح جميلة اللئيمة بهذا ..... ؟؟؟؟
في المرة القادمة إن شاء الله ...
مواقف لبنات عماد ....
الروابط المفضلة