3- الصيام والإخـــــــلاص
لا يستقيم عمل المرء ولايقبل إذا كان الإخلاص مهزوزا تعتريه زوابع الرياء وعواصف حب الظهور والتعالي على الناس
فأعمال المرء يجب أن تكون خالصة لله تعالى لاشوب فيها ولا رياء ولا شرك والصائم الحقيقي يهدف دوما إلى إكتساب الأجر الجزيل والثواب العميم ولن يكون هذا إلا إذا أخلص عبادته عامة وصيامه خاصة لله وحده لاشريك له وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم كافة الصائمين بأن يدعوا الله تعالى وأن يجعل لهم شهر رمضان شهر تقوية لإيمانهم وإخلاصهم وإسلامهم فعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال : ( اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله هلال رشد وخير ) رواه الترمذي
ويجب أن نعلم أن الصيام ليس مجرد عملية بيولوجية جسدية تتحدد في الإنقطاع عن الطعام والشراب والعلاقة الزوجية مدة من الزمن وإنما هو عملية سمو الروح المرتكزة على الإخلاص
وهناك نصوص نبوية صريحة تبين أن الصيام الذي يسعد صاحبه في الآخرة هو الذي ينهض على الإيمان والإحتساب وإنتظار الأجر من الله سبحانه وتعالى والإخلاص لا غير ، أما الذي يريد أن يجعل من صيامه وسيلة من وسائل كسب إحدى القيم الدنيوية الزائلة ولن يلقى يوم القيامة من صيامه هذا إلا السراب
والصيام الحقيقي هو الذي يعتمد النية الشرعية المطلوبة في الإعتقاد القلبي والتصوير النفسي بأن صيامي هذا هو لله تعالى وحده مبتغيا رضوانه ورحمته الواسعة وجزاءه الكبير ، فعن سلمة بن قيصر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام يوما إبتغاء وجه الله باعده الله من جهنم كبعد غراب طار وهو فرخ حتى مات هرما ) رواه أحمد والبزار
والصيام الحقيقي هو الذي يجعلك متوجها إلى الله تعالى بإخلاص ترجو دوما التخلص من أثقال سيئاتك وذنوبك السابقة لتصير خفيفا تحلق في أجواء الصفاء والنقاء
الصيام الحقيقي لا يجعلك تفكر في مائدة الإفطار وأصناف الطعام أكثر مما تفكر في أمر القبول فتعد نفسك من المقربين السعداء أو من المطرودين ، نسأ الله العفو والعافية
والذي لا يصوم صوما حقيقيا يخلص فيه النية لله تعالى يظل دوما يتمرغ في طين الشهوات وبرك المادية المظلة لأنه نظر إلى الصيام من وجهة بطنه وشهوته لا من جهة الروح ومقاييس الطهر النفسي
ولهذا فإن جزاء الصيام العظيم لا يعلم حدوده إلا الله تعالى والصائم لا يجد فرصة من فرص الرياء إلا إذا تحدث إلى غيره مفتخرا بصمه مبينا صبره وتحمله مشاق الجوع والعطش
ونحاول أن نصحح عبادتنا عامة وصيامنا خاصة على ضوء الإخلاص ومعاييره حتى نرقى شيئا فشيئا في مدارج الرفعة والقبول
الروابط المفضلة