(20)
***
مطبوعة أنا
فوق قلبك
بين ثنايا عقلك
على صفحة عينيك
يتلون جلدك
فيصطبغ بى
شئت أم أبيت
أنا وشمك الأبدى
***
صوت ضحكات طفولية يعلو وتلك الصغيرة ذات الضفائر الطويلة التى تتطاير خلف ظهرها تعدو وخلفها يظهر عادل وهو يعدو ورائها قائلاً
- سأمسك بكِ يا شقية
- لن تستطيع يا عمو
- حسناً سترين
يواصل الركض خلفها وهى تراوغه ببراعة وتضحك .. يعلو صوت عاصم القادم من الخارج
- ما تلك الضجة؟ ماذا بكما؟
- اسأل ابنتك الشقية هذه .. لا تتوقف عن عمل المقالب .. يا إلهى لكم تشبه أمها لقد أشبعتنى مقالب هى الأخرى .. ألا يوجد سواى فى هذا البيت؟
نظر عاصم للطفلة مبتسما ثم تصنع الجدية وهو يقول
- ورد .. اعتذرى من عمك عادل الآن
اقتربت ورد بحياء وقالت وهى تنظر للأرض
- أعتذر يا عمو
سألها عادل
- حسنا .. هل ستتوقفين عن عمل المقالب؟
نظرت له بشقاوة وهى تقول
- بل سأجعلها أخف قليلاً فى المرات القادمة
وانطلقت تعدو من أمامه وكاد أن يلحق بها قبل أن يوقفه عاصم قائلاً
- دعك منها أيها الطفل الكبير .. ألم تكبر بعد يا دكتور؟ .. كيف يمكنك أن تُدرس لطلبة الجامعة إذن؟!
أجابه ضاحكاً
- لقد تركت لك الوقار يا أخى .. لا يوجد أجمل من أن تكون طفل أبدى
- لا فائدة منك .. أين زوجتك وابنك؟
- ندى بالداخل تساعد وشم فى تحضير الطعام ومروان لا بد وأنه نائم ما دمت لا أسمع ضجته المعتادة .. يكفينى ضجيج ورد ومقالبها .. عن إذنك سأذهب لأنال من تلك الشقية
نظر له عاصم وهو يركض ليلحق بورد فى الحديقة ثم هز رأسه بابتسامة وهو يقول
- وكأنى أرى عادل وهو طفلاً يلهو مع وشم
قاطعه صوت رقيق يقول
- وأنت تقف بعيداً ترمقهم بكبريائك المعهود
نظر لصاحبة الصوت مبتسماً فاسترسلت قائلة
- ألم تفكر يا عاصم أنك لم تكن طفلاً أبداً ولم تعش لحظات حماقة مثل هذه .. لقد فاتك الكثير
أجابها مبتسماً
- لقد مارست الحماقة بالكامل حين تزوجت بكِ
ضربت صدره بقبضتها وهى تقول
- يا لك من غليظ
ضحك بصوت عالى وهو يمسك بيدها وينظر فى عينيها
- كم أحب أن أثير غيظك .. فتلمع عينيكِ بغضب .. كم أعشقكِ يا وشم فى كل حالاتكِ
أجابته برقة
- وأنا قد تجاوزت مرحلة العشق يا عاصم إلى تلك التى لا أعرف لها اسم
ابتسم لها بحب وقال
- كيف استطعتى أن تنجبى لنا وشم جديدة تماثلكِ فى كل شىء
- بل هى ورد
- لم أسألكِ من قبل .. لم اسميتها ورد؟
نظرت له بصمت قبل أن تجيب
- ورد كانت داخلى يوماً ما .. كانت ضعيفة وضائعة وتثير الشفقة .. كانت تختصر كل ألمى ومخاوفى وهواجسى .. كانت الجانب المظلم الذى اخترت بحماقة أن أعيش فيه يوماً ما بعيداً عنكم .. فأردت أن أجعل منها صورة مختلفة تماماً فلا تعود تثير وجعى كما كانت تفعل .. انظر إليها الآن لكم تشبه وشم التى أعرفها والتى أتمنى أن تظل كذلك طوال العمر
- حقاً لكم تذكرنى بطفولتكِ المشاغبة
ضحكا سوياً قبل أن يرتفع صوت ندى وهى تخبرهم أن الطعام جاهز .. فتوجه عاصم للحديقة لينادى على عادل وورد .. كانت الصغيرة تعدو بخفة وشرائطها الملونة تتطاير خلفها ..
لمعت عينىّ وشم بسعادة وهى تتابعها فترى نفسها طفلة تركض فى ذات الحديقة وابتسمت بشرود لوجه أبيها الذى يلوح لها فى الأفق
*** تمت بحمد الله ***
الروابط المفضلة