أبغض الحلال.........
الطلاق ابغض الحلال عند الله
يهتز عرش الرحمن بكلمة يطلقها الرجل
قد يكون اهلا لها و قد لا يكون
قد يطلقها في لحظة غضب او انتقام او استهتار
و عرش الرحمن بعظمته و قدره و مقداره يهتز
و نحن بابسط ما عندنا نقول ان الطلاق حلال...
فأصبح كلمة تتأرجح لها الاسر و المنازل.. فتصبح اوهن من بيت العنكبوت
هو حلال في وقته ليس تبعا لموج اهوائنا.. و لا عثرات السنتنا..
الطلاق يعني هدم لبنة مهمة من لبنات المجتمع
الاسرة تصبح مجموعة مشردين في الحياة
سواء الرجل او المرأة.. و طبعا الاطفال ان وجدوا
كيف يتحول الحب الى كراهية.. كيف تتحول الابتسامات الى عبرات..
و كيف تتحول اللمسات الى.. صفعات..!!
حل المساء و بدأت الشمس تلملم ما تبقى من اشعتها
بعد نهار طويل قضته سمر بين المحاكم..
يناقش محاميها من اجل النفقة تارة و من اجل حضانة طفلها تارة اخرى
و اخيرا تحقق طلاقها ووقع...
( هي طلقت من احمد لانه لا يملك المال الكثير الذي يحقق لها احلامها
فلماذا تركض الان على اقل القليل... نفقة لا تتعدى بضع دراهم او دنانير...! سبحان الله.. )
الحقيقة انه في عصر الفتن و المخاطر المحيطة بنا
فإن المجتمع المسلم في اشد الحاجة الى الاسرة القوية السليمة
لكن للاسف فالحالة المادية اضحت من اهم اسباب الطلاق في وقتنا الحالي
مع الغلاء الفاحش و ضيق ذات اليد و الطموحات الخيالية لكثير من الزوجات
الزواج ميثاق غليظ لا يسهل نقضه... هو مصير .. و مفترق طرق...
فكيف يمكننا التسرع.. و الحكم بتغيير مجرى حياتنا
من خلال سنة او اثنتين قضيناها مع هذا الشخص
نحن نعيش 20 سنة على الاقل مع والدينا..
على تربيتهم و طريقتهم في الحياة..
و حتى اخر لحظة تبقى بيننا خلافات و اختلافات مهما احببناهم...
لماذا لا نعطي انفسنا فرصة...
لماذا لا نمنح الطرف الاخر بعض الثقة..
و لماذا قبل كل شيء.. نختار الطريق السهل و المؤلم مند البداية
يعتقد كثير من الازواج رجالا و نساء
ان الطلاق هو سبيل الراحة و الخلاص من الهموم و الخلافات
حين تطلق المرأة و حين يطلق الرجل
كيف تتغير حياتهما.....
على الرغم من اعتقاد المرأة احيانا انها حصلت بورقة طلاقها على حريتها
الا انها تدرك فيما بعد انها تدخل سجنا من نوع جديد....
كانت سمر تنظر من خلال النافذة الى الافق الواسع
سارحة في الوان الشفق الخلابة
حتى طرق مسامعها فجأة صوت والدها عاليا مفاجئا:
لماذا تقفين وراء النافذة !
و الى ماذا تنظرين !
ادخلي يا ابنتي لا يليق بك
الانظار عليك من كل جانب..
شعرت سمر باختناق غريب :
ها قد بدأت سلسلة الممنوعات
حتى من قبل ان يبدأ يومي الاول مع لقبي الجديد... مطلقة....
دائما نقول و نردد ان الرجل رب الاسرة و ربان سفينتها..
هو حكيمها و قائدها.. الا ان احمد اصر على العند و التصلب بموقفه:
هي باعتني فلم اشتريها انا..!
يدخل احمد منزله متعبا مرهقا
فيجده هادئا على غير العادة
اين صوت كهكهات الصغير و هرولة سمر اليه تحتضنه و تستقبله بابتسامة
مازحة : اين حلواي المفضلة اياك ان تكون قد نسيتها
يستيقظ احمد من تخيلاته على صوت الهاتف يرن:
احمد: اه ..امي انت المتصلة ..نعم لقد تم الطلاق..
امه : لا تقلق يا بني ساجد لك افضل منها بالف مرة..
انت الف بنت تتمناك !
في الواقع كثير من حالات الطلاق تقع في لحظة غضب
لاسباب تافهة جدا.. ناتجة عن اخطاء عميقة جدا في ادارة الحياة الزوجية
و تداخلاتها مع المحيط الخارجي من الاهل او الاصدقاء
يدعمه صغر سن الزوجين او عدم نضوج شخصياتهما بالشكل الكافي
و محاولة هذه الاطراف فرض اشياء معينة على الزوجين لا تتناسب مع ظروفهما او وضعهما
ليندا ( صديقة سمر تحدثها على الهاتف) : سمر كيف حالك الف مبروك على الطلاق ( مبروك!!!)
سمر : شكرا لك ....
ليندا : لقد فعلت عين الصواب انا اصلا لا اتخيل كيف انك بقيت معه سنتين في مثل هذه الظروف
سمر : نعم صدقت نقود قليلة و بيت صغير ناقص حتى من اقل الاحتياجات من ( تحف) و ستائر !
ليندا : اجل كان المفروض ان يوفر لك كل شي
سمر : نعم حتى امي قالت لي نفس الشيء!!!!
لا يخلو الامر من مقارنات بين الصديقات او القريبات
فهذه عندها... و هذه لبست ...و هذه زوجها اهداها
و تعتقد الفتاة انه ان لم يتوفر لها ما يتوفر لصديقاتها
فهذا يعني ان حياتها الزوجية فاشلة على كل المستويات
فهي تعترض لعدم قدرتها على شراء تحفة او فستان الا انها تنسى
انه عند طلاقها تخسر حياتها كلها بالاضافة الى التحف و الملابس وووو...
هناك جانب اخر مهم
في كثير من الاحيان يفتح الرجل الباب للمرأة في التفكير في الطلاق
و جعل هذه الكلمة كلمة عادية في قاموس حياتهما
يتذكر احمد مشاجرة حصلت بينه و بين سمر يوما :
سمر : نحتاج الى الكثير من الاشياء
احمد: همممم
سمر : لماذا لا ترد علي الا يكفي انك مقصر وووو
احمد: اذا لم يعجبك الوضع.. فالباب امامك يفوت جمل !!
سمر : حسنا سنرى........!
الحقيقة ان احمد اكتشف ان الامر لم يكن بالسهولة التي تخيلها...
كثير من الفتيات تعتقد ان حياة الرفاهية التي كانت تعيشها في منزل والديها
و تفتقدها بشدة بعد الزواج..
يمكن ان تعود لها ان حصلت على الطلاق
لكن ما يحدث هو ان شيئا لا يعود كما كان
فالزجاج انكسر.. و الحبر جف.. و المشاعر جرحت..
في منزل سمر بعد ان تناول الجميع طعام المساء
بدأ طفلها الرضيع بالبكاء كباقي الاطفال
و ما ان سمعت ام سمر صوت حفيدها
حتى هرعت اليها تقول: شششششششش والدك تناول علاجه و نام الان
لا نريد اي ازعاج....
شعرت سمر بالاحراج لاول مرة من اهلها
الاحراج !! غريب حقا
اين ايام ان كانت مدللة العائلة
اين ايام ماكان الجميع يحتفي بها
حين تاتيهم للزيارة مع احمد ...
يقولون العقل زينة...
فعلا هو زينة الانسان و ميزته عن بقية الكائنات
و من اوتي الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا...
سمر : اخاف ان اندم على طلاقي
ليندا: ماذا تقولين لست اول و لا اخر مطلقة
ثم هل تذكرين هالة.. هالة اخت سلمى...
سمر : نعم نعم هالة تذكرتها
ليندا:لقد طلقت هي الاخرى من زوجها و بعد عشرة سنين من الزواج !!
هذا يثبت لك ان وضغك افضل
سمر : معقول بعد عشر سنين! و لماذا طلقت ...
ليندا : لانها اكتشفت انه يخونها و ان له عشيقة !
بالله عليكم هل طلاق سمر طلاق ..و طلاق هالة طلاق..
هل هذا سبب و ذاك سبب !!
الخيانة الزوجية سبب مهم جدا في ازدياد نسبة الطلاق في المجتمع
و مع تباين ردود الفعل من الزوجات
من صابرة على هذا البلاء.. و اخرى طلبت الطلاق..
و اخيرة اجبرت على الطلاق خوفا على نفسها و اولادها..
فالخيانة من اصعب الاسباب التي تودي بالاسرة الى الهاوية
و حتى لو اعتقد الزوج انه قادر على ايجاد زوجة في اي وقت
فإن من يقضي وقته بين الرذيلة و اطلاق البصر في الحرام
فلن يوفقه الله الى خير ابدا.......
بطبيعة الحال المرأة ليست المتضرر الوحيد من الطلاق
حتى الرجل ( و ان لم يكن يدرك) يتأثر الشيء الكثير نتيجة الانفصال
احمد: بيته مقلوب لا يفلح في اعداد شيء بنفسه
ملابسه متسخة او ضائعة
البيت موحش و هو وحيد:
ماذا حدث لك يا احمد كم من السنين عشت بمفردك
لم تشعر بما شعرت به الان......
(سبق ان قلنا ان لا شيء يعود كما كان)
لقد اشتقت الى طفلي
يتنهد و يتحسس مكان شريكة فراشه و عمره السابق
اتراه اشتاق لها ايضا !!
ما الذي ادى الى كل تلك المآسي
ما واجبنا كأهل و اسرة و اصدقاء و مجتمع...
واجبنا هو تجنب كل مافات من اسباب ادت الى طلاق مبكر دون سبب يرضي رب العالمين...
اين دور الاهل في اعطاء الابناء التربية الاسلامية الصحيحة منذ صغرهم ..
و اختتامها بتهيئتهم لزواج ناجح و نصحهم و ارشادهم الطريق الصحيح !!
اين الام التي تبحث لابنتها عن اي زوج حتي لا تكتب مع العوانس.. حتى لو كانت نتيجة هذا الزواج كارثة !!
اين الاب الذي يجلس مع ابنه يعلمه ان زوجته امانة عليه ان يحفظها !
اين ايماننا القوي بالله ..و تمسكنا بسنة نبينا في كل حياتنا و تعاملاتنا !
اين تقوى الله في معاملة الرجل لزوجته و المرأة لزوجها..!
اين الصبر و الدعاء و الاستغفار و الاحتساب !!
اين اللجوء الى الله لتفريج الهموم و فتح ابواب الرزق و طلب الستر و السعادة !
اين الحب و الاخلاص الذان يجعلان الزوج و الزوجة توآم لا يفترقان ..
روح واحدة في جسدين.. و اين معرفة كل منهما لحقوقه وواجباته جيدا !
اين الخوف على الابناء من التشرد و الحرص على توفير الجو المناسب لهم
لينشئوا نافعين للامة و لانفسهم ..و الحرص على حسن اختيار الام و الاب لهم !!
هذه هي الخطوات التي يمكنها حقا اعادة ترتيب حساباتنا و اوضاعنا...
ما هي الا نسائم رقيقة.. تقينا حر الوحدة و النار و الطلاق ...
الا يستحق الامر من سمر و احمد.. ان يعيدا النظر في حياتهما من جديد!
الروابط المفضلة