۞۞۞۞۞۞۞۞۞
سورة مريم
محور مواضيع السورة
قدرة الله سبحانه وتعالى على خلق ما يشاء وقت ما يشاء
۞۞۞۞
تؤكد السورة أن الله سبحانه له الكمال المطلق في الخلق يخلق ما يشاء كيفما يشاء وقت ما يشاء فقد
خلق آدم من تراب بلا أب ولا أم
وخلق حواء من ضلع آدم من أب بلا أم
و جعل نسل بني آدم من أب وأم
و خلق عيسى من أم بلا أب
فسبحان الخلاق العليم
وتخليداً لمعجزة خلق إنسان بلا أب ولأن الأم التي تمثلت في مريم عليها السلام
وهي تمثل نموذجاً لتحمل المصاعب والمحن التي واجهتها منذ أن ولدت المسيح
و الهروب به من اورشليم إلى مصر ثم العودة لنشر الدين وتطهير الديانة اليهودية مما ألم بها
حتى رفعه إلى السماء وهى على قيد الحياة
هي بذلك تستحق أن تكون سيدة نساء العالمين الطاهرة العذراء البتول
التى قال عنها سبحانه وتعالى :
(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)
التحريم :12
۞۞۞۞۞
و السورة الكريمة توضح أهمية توريث الدين للأبناء
سورة مريم مكية وغرضها تقرير التوحيد وتنزيه الله جل وعلا عما لا يليق به
وتثبيت عقيدة الإيمان بالبعث والجزاء ومحور هذه السورة يدور حول التوحيد والإيمان
بوجود الله ووحدانيته وبيان منهج المهتدين ومنهج الضالين
فطر الله تعالى الخلق على حب الأبناء ولكنه كما في كل الرزق الذي يرزقنا به
يحب أن نستعمله في طاعة الله ومرضاته
والله تعالى يريد من عباده أن يجعلوا أولادهم حفظة للدين حتى تتوارثه الأجيال
فكما نورث أبناءنا المال من بعدنا يجب أن نورثهم حب الدين وفهمه والعمل به
فحب الأبناء أمر فطري ولكن للذرية هدف أسمى من المتعة الفطرية بهم ألا وهو حفظ الدين للأجيال
ولذا فإن أكثر كلمتين تكررتا في السورة هما (الولد والوراثة)
۞۞۞۞
وراثة الدين:
تبدأ هذه السورة بالنمازج عن وراثة الدين التي تمثلت في دعوة سيدنا زكريا
فالنموذج الاول في السورة هو يحيي عليه السلام:
قال تعالى:
(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا*
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) 6:5
إلى قوله تعالى:
(يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) 12
والسبب الذي من أجله طلب زكريا الولد هو يريد ابنا يروثه الرسالة والكتاب
كما هي الحال في آل عمران فزوجة عمران وهبت ما في بطنها لله
وزكريا يريد ابناً يرث الدين
من بعده ومريم وعيسى ثم ابراهيم واسحق ويعقوب ثم اسماعيل وأولاده
فكل هؤلاء آباء تورث أبناءهم هذا الدين
صدق سيدنا زكريا ربه بدعائه وعلم الهدف حقاُ فاستجاب له تعالى
بأن وهبه سيدنا يحيى الذي آتاه الحكم صبيا
۞۞۞۞
النموذج الثاني في السورة هو عيسى عليه السلام :
(قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) 30
وهكذا نتبين أن فى خلق عيسي سبب لوراثة الكتاب أى الدين اليهودى الذى كان قد
إستهان به الاحبار والرهبان فبدلوا وحرفوا فاختلفوا ثم أعرضوا
۞۞۞۞
النموذج الثالث في السورة هو ابراهيم عليه السلام:
قصة ابراهيم الخليل هي نموذج عكسي لما سبق إذ أن ابراهيم هو الذي كان ينصح أباه المشرك برفق وأدب ورقة
(تمررت كلمة با أبت اربع مرات)
ولمّا لم يستجب له أبوه واعتزلهم وهب الله تعالى له اسحق ويعقوب ليكونوا من ورثة دينه الحنيف
قال تعالى:
(فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا) 49 .
۞۞۞۞
النموذج الرابع في السورة هو سيدنا اسماعيل عليه السلام:
قال تعالى:
(وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ) 55
وكانت النتيجة الحتمية لهؤلاء الذين ورثوا الدين الحق عن أباءهم هى الهداية
والقرب من الله فى أعلى عليين
قال تعالى:
(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ
وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) 58
هنا سجدة لله للحمد على كل نعمه
إن الذرية الصالحة هم الذين يتوارثون الدين والرسالة جيلاً وراء جيل
ولكن للاسف يوجد ذرية تضيع الدين فى سبيل شهوات الدنيا الفانية
وهذا لأنهم لم يتربوا على حب الله والدين وهؤلاء عقابهم عند الله كبير
قال تعالى:
(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) 59
ونرى بديع سياق الآيات القرآنية ووكأنها بناء متماسك
يطلب توريث الأبناء الرسالة والمنهج الحق ويعرض عقوبة الذي يخالف هذا المنهج
و نلاحظ أن ثلاثة أرباع السورة تقريباً تحدثت عن حاجة البشر للولد
ونماذج مختلفة بأسلوب رقيق فجاءت فواصل الآيات رقيقة عذبة لأن الولد نفسه يمثل الرقة والحنو والعطف
۞۞۞۞
وردت كلمة الرحمن في السورة 16 مرة
أما الربع الأخير من السورة فجاءت الآيات تنفي حاجة الله تعالى للولد
وهو خالق الخلق كلهم وجاء أسلوب الآيات قاسياً وفواصل الآيات شديدة
لأن هذا الأمر تخر الجبال له وتكاد السموات يتفطرن وتنشق الأرض منه
فالله تعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد لا إله إلا هو لا شريك له وما اتخذ صاحبة ولا ولدا
سبحانه وتعالى عما يقولون ويفترون
وهذا تقبيح وتشنيع لقول المعاندين الجاحدين الذين زعموا أن الرحمن اتخذ ولدا
كقول النصارى" المسيح ابن الله "
وقول واليهود " عزير ابن الله "
وقول المشركين " الملائكة بنات الله "
تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ولشدة ما يقول هؤلاء يصف الله قولهم فى الايات التالية
قال تعالى :
(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا , لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا , تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا
أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا , وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ,إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا
لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا , وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)95:88
يتبع
۞۞۞۞۞۞۞۞
الروابط المفضلة