1- ضمَّةُ القبرِ أوَّلُ ما يلاقيه الميتُ في عالم البرزخ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ )رواه أحمد وقال الألباني في "السلسلةالصحيحة
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن سعد بن معاذ رضي الله عنه حين توفي : ( هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ ) رواه النسائي
قال أبو القاسم السعدي رحمه الله : " لا ينجو من ضغطة القبر صالح ولا طالح غير أن الفرق بين المسلم والكافر فيها دوام الضغط للكافر وحصول هذه الحالة للمؤمن في أول نزوله إلى قبره ثم يعود إلى الانفساح له " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :" هذا الحديث – يعني حديث ( لقد ضم القبر سعدا ضمة..) - مشهور عند العلماء ، وعلى تقدير صحته : فإن ضمة الأرض للمؤمن ضمة رحمة وشفقة ، كالأم تضم ولدها إلى صدرها ، أما ضمتها للكافر فهي ضمة عذاب والعياذ بالله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإنسان إذا دفن أتاه ملكان يسألانه عن ثلاثة أصول : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فالمؤمن يقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ، أسأل الله أن يجعل جوابي وجوابكم هذا ، أما المنافق أو المرتد - أعاذنا الله وإياكم من هذا – فيقول : هاه هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون قولاً فقلته ، فيضيق عليه القبر حتى تختلف أضلاعه والعياذ بالله ، يدخل بعضه في بعض من شدة الضم ، ففرق بين ضم الأرض للكافر أو المرتد وضمها للمؤمن ." انتهى باختصار .
2- سؤال الملكين :
عن أنس t قال : قال النبي r :
" إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ e ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا .
قَالَ قَتَادَةُ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ
قَالَ r : وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ " متفق عليه
الثلاثة الأخر من أهوال القبور :
3- دخول الجليس .
4- رؤية مقعده من الجنة أو النار .
5- العذاب أو النعيم .
وهذه الثلاثة مجتمعة دليلها تفصيلاً في الحديث الطويل الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وأهل السنن وصححه جماعة من العلماء والشيخ الألباني في أحكام الجنائز وغيره عن البراء بن عازب t أنه قال :
" خرجنا مع النبي r في جنازة رجل من الأنصار ، فانهينا إلى القبر ولما يُلحد ، فجلس رسول الله r مستقبل القبلة ، وجلسنا حوله ، وكأن على رؤوسنا الطير ، وفى يده عود ينكت في الأرض ، فجعل ينظر إلى السماء ،وينظر إلى الأرض ، وجعل يرفع بصره ويخفضه ، ثلاثاً ، فقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر ، مرتين ، أو ثلاثاً ثم قال : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثاً ، ثم قال :
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء ، بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجئ ملك الموت ـ عليه السلام ـ حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة (وفى رواية : المطمئنة) ، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ، قال : فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ، فيأخذها ، (وفى رواية : حتى إذا خرجت روحه صلي عليه كل ملك بين السماء والأرض ، وكل ملك في السماء ، وفتحت له أبواب السماء ، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يُعرج بروحه من قِبَلهم) ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الحنوط ، فذلك قوله تعالى : " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " [ الأنعام /61] ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض ، قال : فيصعدون بها فلا يمرون – يعني – بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون : فلان ابن فلان – بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له ، فيفتح لهم ، فيشيعه من كل سماء مقربوها ، إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح لهم ، فيشيعه من كل سماء مقربوها ، إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة ، فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، " وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون " [ المطففين /19-21] فيكتب كتابه في عليين ، ثم يقال : أعيدوه إلى الأرض ، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ، قال: فيرد إلى الأرض ، وتعاد روحه في جسده ، قال : فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه مدبرين ، فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ، ويجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله r ، فيقولان له : وما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله ، فآمنت به ، وصدقت. فينادى مناد في السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له باباً إلى الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره ، قال : ويأتيه (وفى رواية : يمثل له) رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، أبشر برضوان من الله ، وجنات فيها نعيم مقيم ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول له : وأنت فبشرك الله بخير من أنت ؟ فوجهك الوجه يجئ بالخير ، فيقول : أنا عملك الصالح فوالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في طاعة الله ، بطيئاً في معصية الله ، فجزاك الله خيراً ، ثم يفتح له باب من الجنة ، وباب من النار ، فيقال : هذا منزلك لو عصيت الله ، أبدلك الله به هذا ، فإذا رأى ما في الجنة قال : رب عجل قيام الساعة ، كيما أرجع إلى أهلي ومالي ، فيقال له : اسكن.
قال : وإن العبد الكافر (وفى رواية : الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة غلاظ شداد ، سود الوجوه معهم المسوح من النار ، فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ، قال : فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول ، فتقطع معها العروق والعصب ، فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض ، وكل ملك في السماء ، وتعلق أبواب السماء ، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم ، فيأخذها ، فإذا أخذها ، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض ، فيصعدون بها ، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان ابن فلان – بأقبح أسمائه التي كان يسمي بها في الدنيا ، حتى ينتهي به إلى المساء الدنيا فيستفتح له ، فلا يفتح له، ، ثم قرأ رسول الله r : " لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة ، حتى يلج الجمل في سم الخياط " [الأعراف /40] فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتابه في سجين ، في الأرض السفلى ، ( ثم يقال : أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أنى منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى) ، فتطرح روحه من السماء طرحاً حتى تقع في جسده ثم قرأ : " ومن يشرك بالله ، فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق " [ الحج/31 ] فتعاد روحه في جسده ، قال : فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه.
ويأتيه ملكان شديدا الانتهار ، فينتهرانه ، ويجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هَاه هَاه لا أدري ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاهٍ هاهٍ لا أدري ، فيقولان : فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يهتدي لاسمه ، فيقال : محمدُ ! فيقول : هاهٍ هاهٍ لا أدري سمعت الناس يقولون ذاك ! قال : فيقال : لا دريت ، ولا تلوت ، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي ، فأفرشوه من النار ، وافتحوا له باباً إلى النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، ويأتيه (وفى رواية : ويمثل له) رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : وأنت فبشرك الله بالشر من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر ! فيقول : أنا عملك الخبيث ، فوالله ما علمت إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله ، سريعاً إلى معصية الله ، فجزاك الله شراً ، ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضُرب بها جبل كان تراباً فيضربه ضربة حتى يصير بها تراباً ، ثم يعيده الله كما كان ، فيضربه ضربة أخرى ، فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين ، ثم يفتح له باب من النار ، ويُمهد من فُرش النار ، فيقول : رب لا تقم الساعةأخرجه أبو داود والحاكم وصححه الشيخ الألباني في أحكام الجنائز
الروابط المفضلة