كنا في إحدى مدن المملكة , وهنك تعرفت على سيدة سورية متزوجة من سنوات طوييييلة ولم ترزق بأطفال .
بعد سنة من تعرفي عليها تزوج زوجها وبموافقتها من مدرسة سورية استقدمها من سوريا , وأسكنهما في بيت واحد .
أنجبت الثانية ابنة , وابتدأت المشاكل , وابتدأ مسلسل الظلم : الأولى تؤلب الزوج على الثانية وهو
مستسلم لها كالخاتم في إصبعها . ثم اتخذت الامور منحى آخر : الأولى تقول لضرتها : نحن
ننتظرك أن تنجبي لنا ولدا ً ولولا ذلك ما آويناك ِ !!!!!!!!
وهنا بدأت فصول المؤامرة تنكشف . وبدأت أفهم السر الغريب المحير الذي لم أفهمه في البداية وراء
قبولها بالضرة ! وأنا التي أعرف عنها ما أعرف من طباع !
أراد الله أن تنجب الثانية ابنة أخرى . فكان على الزوج وزوجته أن ينهيا المسرحية . بدأ الضغط على
المسكينة وتحميلها مالا تطيق من مشاكل وهي صابرة , حتى أنهما كانا يخرجانها عن طورها أحيانا
بطريقة استفزازية , وبدأت عمليات التشويه والتشويش عليها .
صارا يقولان أنها فقدت عقلها . ويعلم الله أنها كانت أعقل من زوجها وضرتها . وتخاف الله أكثر منهما .
وتم إنهاء المسـألة بأن نُقِلَت الابنتان لتضافا إلى إقامة الأولى , ثم يطلق الأب أمهما ويرسلها إلى سوريا !!
بعد ذلك انتقلت أنا من تلك المدينة ولم أعد أرى الخالة أو الابنتين .
وصرت أتابع أخبار الأم وأسأل عنها من يعرفها ويراها في سوريا .. وسمعت ُ أنها عادت للتدريس
وأن نفسيتها متعبة .
وظن الظالم أنه خرج من مؤامرته فائزا ً : فقد أحضر مَنْ تُفرّخ ُ له الصغار ثم رماها وأعطاهم للخالة
تربيهم !!
وظنت الظالمة أنها كسبت ابنتين تسكت بهما زوجها !!
ظن هو ....................... وظنت هي
نام هو ...................... ونامت هي
ولكن عين الله لم تنم ِ
ينام الظالم ويصحو المظلوم يدعو على ظاله . ويسأل ربا ً عادلا ً منتقما ً أن ينتقم له .
يرفع يده إلى السماء فتفتح أبوابها لترتفع الدعوة إلى رب منتقم متجبر
يضحك الظالم مزهوا بفعلته .. ويبكي المظلوم منكسرا ً شاكيا ً لله شكوته .
والله سبحانه يرى هذا وذاك فيقول قولته : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين .
وكيف لا ينصر الله مظلوما ً خرج من حوله وقوته إلى حول المتجبر القهار وإلى
قوة القادر الجبار ؟
لو يعلم الظالم أن له ربا ً سينتقم منه لما ظلم . ولذلك قالوا : من أمِن َ
العقاب َ أساء الأدب ! ولكنها المطامع والأهواء تعمي البصيرة والأبصار .
سبحانك يا الله !
مَن ْ لنا سواك ؟
يا خالقنا ومدبر أمرنا
لقد عذب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطائف . ولحقه الأطفال
والسفهاء يرمونه بالحجارة حتى سال دمه الشريف . فلجأ إلى الحصن
الحصبن , وإلى الحرز المكين :
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس
فهل يخذل الله عبدا دعاه ؟ ونبيا ً استجار به ؟
وبعد ذلك بأعوام لم يدخل أهل الطائف في الإسلام فقط بل دخل الناس كافة
في دين الله أفواجا .
ذو النون دعا ربه : فاستجبنا له ونجيناه من الغم
زكريا دعا ربه : فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه
وأيوب دعا ربه : فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر
سبحانه ما أرحمه !
أمن يجيب المضطر إذا دعاه حتى لو كان كافرا . فكيف إذا كان مؤمنا مظلوما ؟
إن الرب سبحانه قد يمهل الظالم ولكنه لا يهمله , حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه .
( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )
كانت تأتيني أخبار الأم باستمرار . وأنها في كل يوم بعد العصر تخرج إلى ظاهر البلد تجلس على تل
مرتفع ترنو إلى الأفق البعيد علّها ترى طفلتيها تركضان إليها . كانت في كل يوم تدعو من قلبها
المكلوم لا تكل ولا تنقطع .
عجبا ً لأمر المؤمن : ينقطع أمل الناس إذا انقطعت الأسباب ! بينما يزداد أمل المؤمن كلما انقطعت الأسباب .
بعد ثلاثة أعوام أقل أو أكثر لا أدري بالضيط :
كان الأب الفرح بعائلته الجديدة في طريق السفر إلى مكة المكرمة , وقف على جانب الطريق لأمر
قدره الله , وإذا يسيارة مسرعة أخذته في طريقها فطب ساكتا ً من ساعته .
عادت الخالة إلى سوريا مع الفتاتين . وسمعت ُ أن الأم التقتهما عند التلة التي كانت تدعو فوقها .. ..
التلة التي شهدت البكاء والتضرع هي نفسها التي شهدت رحمة الله وعدله واستجابته لدعاء المظلوم .
عادت الفتاتان إلى الحضن الدافئ والقلب الرؤوم .
"""""""""""""""""""""
عندما حُبِس َ الوزير خالد البرمكي . سأله ولده : يا أبتي ! أبعد العز الذي كنا فيه يكون مصيرنا في
القيد والحبس ؟؟ فقال له : يابني : لعلها دعوة مظلوم في جنح الليل والناس نيام غفلنا نحن عنها ولم
يغفل الله عنها .
قصة عجيبة نقف أمامها لنهتف : سبحانك ما أعدلك ... مليك كل من ملك
فيا أيها الظالم :
إياك والظلم ........ فالظلم نار ٌ وستحرقك ناره .
ويا أيها المظلوم :
عليك بالصبر ........ فالصبر برد وسلام وستأتيك ثماره .
كتبته : بُدور
الروابط المفضلة