السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هِي نَفْس مُؤْمِنَة مُطْمَئِنَّة نَفْس رَحْبَة تَعِيْش فِي نُوُر يُهْدِيْهَا تَتَلَمَّس سُبُل
الْخَيْر وَتَسْلِكَهَا وَعَلَى قَدْر النَّوْر الَّذِي يَحْيَا بِه تَجِد الْعُيُوْن تَلْتَف حَوْلَه تَكَاد مِن
شِدَّة نَظَرَاتُهَا وَكَأَنَّهَا وَحْش يَنْقُض عَلَى فَرِيْسَتِه فَلَا يَلْبَث إِلَا قَلِيْلا لِيُشْعِر بَعْدَهَا
هَذَا الْمُنِيْر الْمُطْمَئِن بِأَن الْدُّنْيَا مَقْفَلَه عَلَيْه وَكَأَنَّه يَعِيْش مُنْعَزِلا كَأَنَّه غَرِيْق أَو بَقِيَّه
سَفِيْنَه ابْتَلَعَهَا الْيَم وَرَمَت بِهَا الْأَمْوَاج فِي جَزِيْرَة صَغِيْرَة مُوْحِشَة يَسْكُنُهَا
وَحْدَه لَايَرَى فِيْهَا إِلَا زُرْقَة الْبَحْر وَالْسَّمَاء وَلَايَسْمَع الاصَفِيّر الْرِّيَاح وَهَدِير الْأَمْوَاج
وَأَي عَالِم أَشَد عَلَى الْإِنْسَان مِن هَذَا الْعَالَم وَأَي احْسَاس أَشَد عَلَى الْنَّفْس مِن هَذَا الْإِحْسَاس
إِن أَقْصَى مَايَفْعَلُه السَّجَّان بِالسِجَين أَن يَحْبِسُه فِي سِجْن انْفِرَادِي لِيُحَرِّمَه مِن لَذَّة الْإِجْتِمَاع وَأُنْس الْمُشَارَكَة وَالَّإِخْتِلاط هَذَا مَا أَتَصُوُره عَن الْحَاسِد الَّذِي يُحَرِّم
الْقُلُوْب لِذَاتِهَا وَيَعْصِر الْقُلُوْب بِمَا يُصِيْبُهَا بَالَهُم وَالْحَزَن
فَيُسْحَب الْنُّوْر مِن الْقُلُوْب وَالْسَكِيّنَه وَالطُّمَأَنِينِه مِن الْنُّفُوْس فَيُزَلْزِل الْقُلُوْب بَل هُو أَشَد قَسْوَة مِن السَّجَّان
وَيَالَه مِن خُلُق ذَمِيْم يَسْتَحِق أَن يُسْتَأْصَل مِن قَلْب الْمُؤْمِن وَحَسْبُنَا أَن الْقُرْان
حُذِّرْنَا مِن صَاحِبِه " وَمِن شَر حَاسِد إِذَا حَسَد "
هُو صِفَة مِن صِفَات ابْلِيْس فَلَوْلَا حَسَدَه وَغَيْرَتَه مِن ادَم لِمَا خَرَج مِن الْجَنَّة وَالْتَصَق
بِاسْمِه الْرَّجِيْم مِثْلُه كَمَثَل الْحَاسِد الَّذِي اعْتَرَض عَلَى أَقْدَار الْلَّه الَّتِي قَدَّرَهَا عَلَى عِبَادِه فَتَبَلَّد حِسَّه وَفَتْح عَيْنَيْه عَلَى كُل صَغِيْر وَكَبِيْر، فَلَا يَهُمُّه إِلَا زَوَال الْخَيْر عَن الْغَيْر، فَلَا هُو قَانِع بِمَا قَسَم الْلَّه لَه وَلَا هُو رَاض بِمَا قَسَم الْلَّه لِغَيْرِه: «الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل الْنَّار الْحَطَب» فَذَهَب بِحَسَنَاتِه كَمَا تُذْهِب الْنِّيْرَان بِالْحَطَب
وَدَارَيْت كُل الْنَّاس لَكِن حَاسِدِي مُدَارَاتُه عَزَّت وَعَز مَنَالُهَا
وَكَيْف يُدَارِي الْمَرْء حَاسِد نِعْمَة إِذَا كَان لَا يُرْضِيْه إِلَا زَوَالُهَا
وَلِهَؤُلَاء أَقُوْل ارْحَمُوْا أَصْحَاب الْقُلُوُب الْبَيْضَاء مِن عُيُوْنِكُم نَعْلَم تَمَام الْعِلْم أَنَّكُم لَن تَضِرُوْهَا بِشَىْء الَا قَد كَتَبَه الْلَّه "مَا أَصَاب مِن مُصِيَبَة إِلَا بِإِذْن الْلَّه وَمَن يُؤْمِن بِالْلَّه يَهْد قَلْبَه وَالْلَّه بِكُل شَىْء عَلِيِّم "
لَكِن دَعُوْنَا نَتَنَفَّس بِنَقَاء وَاتْرُكُوْا الْحَيَاة طَاهِرَة كَمَا خَلَقَهَا الْلَّه لاتُلَوثُوْهَا بَغَلَكُم وَحِقْدُكُم اتْرُكُوْا أَصْحَاب
الْقُلُوْب الْبَيْضَاء تَحْيَا حَيَاة خَيْر لَايَمتزِج مَعَهَا شَر عَدْل
لَايُخَالِطُه ظَلَم حَق لَا يُلَوِّثُه بَاطِل لَذَّة لايُصَاحِبِهَا أَلَم
انْزِعُوا الْأُسُوُد الَّذِي يَمْلَأ قُلُوْبِكُم وَدَعُوَا الْخَلْق لِلْخَالِق
اصْلِحُوْا الْلَّبِنَات الْأُوْلَى الَّتِي أَقَامَهَا دِيْنِنَا الَاسَلامِي
وَكُوْنُوْا كَمَا أَمَرَنَا رَسُوْلُنَا الْكَرِيم "لَا تَحَاسَدَوْا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضَوْا، وَكُوْنُوْا عِبَاد الْلَّه إِخْوَانَا"
وَأَنْت يَامَن أَصَابَتْك عَيْن الْحَسُود اصْبِر عَلَى كَيْدِه فَاللَّه قَادِر أَن يَرُد كَيْدُهُم فِي نُحُوْرِهِم فَهِي فَتَنَه يَنْبَغِي الْصَّبْر حِيَالِهَا حَتَّى نُتَخُطَاهَا بِسَلَام وَأَمِن
أَحَسِب الْنَّاس أَن يُتْرَكُوَا أَن يَقُوْلُوْا آَمَنَّا وَهُم لَا يُفْتَنُوْن وَلَقَد فَتَنَّا الَّذِيْن مِن قَبْلِهِم فَلَيَعْلَمَن الْلَّه الَّذِيْن صَدَقُوْا وَلَيَعْلَمَن الْكَاذِبِيْن}
اصْبِر عَلَى كَيْد الْحَسُوْد فَإِن صَبْرَك قَاتِلُه
كَالْنَّار تَأْكُل بَعْضَهَا إِن لَم تَجِد مَا تَأْكُلُه
أَوَمَا رَأَيْت الْنَّار تَأْكُل نَفْسِهَا حَتَّى تَعُوْد إِلَى الْرَّمَاد الْهَامِد
تَضْفُو عَلَى الْمَحْسُود نِعْمَة رَبِّه وَيَذُوْب مِن كَمَد فُؤَاد الْحَاسِد
وَسَيَرِد الْحِقْد الَّذِي يَمْلَأ قَلْب الْحَاسِد عَلَيْه وَعَلَى أَهْلِه
وَلَا يَحِيْق الْمَكْر الْسَّيِّئ إِلَّا بِأَهْلِه} [فَاطِر:43].
"أَم يَحْسُدُوْن الْنَّاس عَلَى مَا آُتَاهُم الْلَّه مِن فَضْلِه "
حَسْبُنَا الْلَّه وَنِعْم الْوَكِيْل
قَد تَبْدُو كَلِمَاتِي هَزِيْلَة الْمَعَانِي فَقَد كَتَبْتُهَا عَلَى عُجَالَة
لَا أَطْلُب عَنْهَا ثَنَاء أَو وِسَام
كُل مَا أَرْجُوْه دَعْوَة مِن الْقَلْب وَإِن كُنْت أَطْمَع أَن تَكُوْن فِي جَوْف الْلَّيْل أَن يُبْعِد الْلَّه عَن صَاحِب الْقَلْب الطّاهِّرِقَلّب شَرِيْك حَيَاتِي عَيْن الْحَاسِدِيْن فَمَا كَتَبْت الَا مِن اجَلِه وَلَا أَطْمَع الَا فِي دَعَوَات مِنْكُم أَن يُبْعِد الْلَّه عَنْه الْهَم وَالْحَسَد وَالْعَيْن وَيَرُدُّه لِقَلْب لايَنَبض الَا بِاسْمِه
اللهم ياودود ياذا العرش المجيد يافعال لما يريد - أسالك بعزك الذي لا يرام وملكك الذي لا يضام ونورك ونور وجهك الذي ملأ أركان عرشك أن تغيثه وتصرف عنه كل سوء -- ياحي ياقيوم
رجَاااء لَاتَنْسَوْا الْدَّعَوَات لَه وَلِكُل الْمُسْلِمِيْن
بقلم قلب يئن
الروابط المفضلة