أعذار من لا ترتدي الحجاب
وبيان تهافتها
بقلم: د.هويدا إسماعيل
اركبي ـ يا أختاه ـ قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك.
تأملي ـ يا أختاه ـ في هذا العرض اليوم قبل الغد.
فكري فيه ـ يا أختاه ـ من الآن.
أحمد الله (تعالى) كما ينبغي لجلال وجـهــــــه وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم الذي رسم الطريق إلى رضوان الله وجنته.
فكان ذلك الطريق مستقيماً، تحف جنباته الفضيلة، ويحفَلُ بطيب الأخلاق، ويزدان بزينة الطهر والستر والعفاف.
وكان طريقاً يقود شِقّي المجتمع الإنساني ـ الرجــل والمرأة ـ إلى مرافئ الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة.
فـكــان مـــن ذلــك: أن أوجـب المولى (تبارك وتعالى) على المرأة الحجاب؛ صوناً لعفافها، وحفاظاً على شرفها، وعنواناً لإيمانها.
من أجل ذلك كان المجتمع الـــذي يبتعد عن منهج الله ويتنكّبُ طريقه المستقيم: مجتمعاً مريضاً يحتاج إلى العلاج الذي يقوده إلى الشفاء والسعادة.
ومن الصور التي تدل على ابتـعــاد المجـتـمــع عن ذلك الطريق، وتوضح ـ بدقة ـ مقدار انحرافه وتحلله: تفشي ظاهرة السّفور والتبرج بين الفتيات.
وهذه الظاهرة نجد أنها أصبحت ـ للأسف ـ مـن سمـات المجـتـمع الإسلامي، رغم انتشار الزي الإسلامي فيه، فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانحراف؟.
للإجابة على هذا السؤال الذي طرحناه على فئات مختلفة من الفـتـيات كانت الحصيلة: عشرة أعذار رئيسة، وعند الفحص والتمحيص بدى لنا كم هي واهية تـلـك الأعذار.
معاً أختي المسلمة نتصفح هذه السطور؛ لنتعرف ـ من خلالها ـ على أسباب الإعراض عن الحجاب، ونناقشها كلاّ على حدة:
العذر الأول:
قالت الأولى: (أنا لم أقتنع بعد بالحجاب).
نسأل هذه الأخت سؤالين:
الأول: هل هي مقتنعة أصلاً بصحة دين الإسلام؟.
إجابتها بالطبع: نعم مقتنعة؛ فهي تقول: (لا إله إلا الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالعقيدة، وهي تقول (محمد رسول الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالشريعة، فهي مقـتـنـعــــة بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهجاً للحياة.
الثاني: هل الحجاب من شريعة الإسلام وواجباته؟.
لو أخلصت هذه الأخت وبحثت في الأمر بحث من يريد الحقيقة لقالت: نعم.
فالله (تعالى) الذي تؤمن بألوهيته أمر بالحجاب في كتابه، والرسول الكريم الــــذي تـؤمــن برسالته أمر بالحجاب في سنته . وهو لعن المتبرجات السافرات.
فماذا نسمي من يقتنع بصحة الإسلام ولا يفعل ما أمره الله (تعالى) به ورسوله الكريم؟، هو عـلـى أي حـــال لا يدخل مع الذين قال الله فيهم: ((إنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) [النور: 51].
خلاصة الأمر: إذا كانت هذه الأخت مقتنعة بالإسلام، فكيف لا تقتنع بأوامره؟.
العذر الثاني:
قالت الثانية: (أنــا مـقـتـنـعـة بوجوب الزي الشرعي، ولكن والدتي تمنعني لبسه، وإذا عصيتها دخلت النار).
يجـيـب على عذر هذه الأخت أكرم خلق الله، رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بقول وجيز حكيم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله)(1).
مكانة الــوالــدين في الإسلام ـ وبخاصة الأم ـ سامية رفيعة، بل الله (تعالى) قرنها بأعظم الأمور ـ وهي عبادته وتوحيده ـ في كثير من الآيات، كما قال (تعالى): ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً)) [النساء: 36].
فطاعة الوالدين لا يحد منها إلا أمر واحد هو: أمرهما بمعصية الله، قال (تعالى): ((وَإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا)) [لقمان: 15].
ولا يمنع عدم طاعتهما في المعصية من الإحسان إليهما وبرهما؛ قال (تعالى): ((وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)).
خلاصة الأمر: كيف تطيعين أمك وتعصين الله الذي خلقك وخلق أمك؟.
العذر الثالث:
أما الثالثة فتقول: (إمكانياتي المادية لا تكفي لاستبدال ملابسي بأخرى شرعية).
أختنا هذه إحدى اثنتين:
إما صادقة مخلصة، وإما كاذبة متملصة تريد حجاباً متبرجاً صارخ الألوان، يجاري موضة العصر، غالي الثمن.
نبدأ بأختنا الصادقة المخلصة:
هل تعلمين يا أختاه أن المرأة المسلمة لا يجوز لها الخروج من المنزل بأي حال من الأحوال حتى يستوفي لـبـاسـهـــــا الشروط المعتبرة في الحجاب الشرعي والواجب على كل مسلمة تعلمها، وإذا كنت تتعلمين أمور الدنيا فكيف لا تتعلمين الأمور التي تنجيك من عذاب الله وغضبه بعد الموت..؟!، ألم يـقـل الله (تعالى): ((فَاسْأََلُوا أََهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) [النحل: 43]، فتعلمي يا أختي شروط الحجاب.
فإذا كان لا بد من خروجك فــلا تخرجي إلا بالحجاب الشرعي؛ إرضاءً للرحمن، وإذلالاً للشيطان؛ وذلك لأن مفسدة خروجك سافرة متبرجة أكبر من مصلحة خروجك للضرورة.
يا أختي لو صَدَقَتْ نيّتُك وصـحّـــتْ عـزيـمـتُـك لامتدت إليك ألف يدٍ خيِّرة، ولسهل الله (تعالى) لك الأمور!، أليس هو القائل: ((وَمَن يـَـتَّـقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)) [الطلاق: 2، 3]؟.
****
الموضوع له تتمـــــــــــــــــــه
***