،










الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ،
سيدنا محمد وعلى آلهِ وصحبه أجمعين ..







خلق وأدب رفيع ..~
وعلامة الإيمان ، وسخاء النفس ، وبذل المعروف .. وتفضيل رآحة الآخرين على الذات ،
وهو من سمات المؤمن وصِفاتهِ الكُبرى ،
فلا يصل إليه إلا مؤمن رفيع الأخلاق سخيُّ النّفس كثيرالعطاء
به يزول الشُح ، ويُعدم البخل ، وينشرح الصدر ، وتزول القسوة والأنانية والتشفي وحب الذات ..

نتحدث اليوم إخواتي عن خلق عظيم ؛ لا يتخلق به إلا أصحاب القلوب
التي عرفت دينها والتقرب من الله ، إنه خلق الإيثار الذي تكلم الحق عنه بقوله تعالى:
( .. وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"..) الحشر9







لماذا يجب على المؤمن التحلى بالإيثار..؟؟

أولاً : لأنه خلق تحلى به جميع الأنبياء والمرسلين عليهم أفضل الصلوات والتسليم
ونبينا الكريم ، حيثُ كان كل همه وعزمه مقصور على إيثار مرضاة الله فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، حتى أتاه اليقين ،
فلم ينل أحد من درجة هذا الإيثار ما ناله ..

ثانياً : لأن الأيثار يُكسب صاحبه رفعة ومنزلة ومحبة في الدنيا والآخرة ،
فهو يعلم عن يقين أن ما يقدمه اليوم يجده غداً عند الله خيراً وأعظم أجراً
(.. وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ..) المزمل 20

ثالثاً : هوأعلى درجات السخاء والجود ، فلا يكون إيثار النفس والمال وبذلها
للغير مع الحاجة إليها والضرورة إلا من قلب زكي نقي سخي تقي ، قدم
حقارة الدنيا وشهوات النفس وملذاتها ليكون يوم الدين من المفلحين
(.. وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ..): الحشر9

رابعاً : لأنه علامة الإيمان الصادق تجاه الآخرين ، حيث التضحية والبذل والعطاء من أجل الله تعالى .
والبعد عن البخل الذي هو ثمرة الشح ، وأساس الظلم والحسد ، والإنحراف ..
وقد حذر من الشح الذي يصاحبه نقص العمل الصالح وكثرة القتل فقال : عن أبي هريرة قال :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( .. يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ ..)
قَالُوا : وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ : ( الْقَتْلُ الْقَتْلُ )" رواه البخاري ".

خامساً: لأنه سلوكُ على كَرَم النّفس ، وحُسن الوَفاء ، ودعم للأخوة في الله
واسمى درجات الصداقة الذي قل فيه الإيثار في زمننا هذا..
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي قال:
( ..لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه .. )" رواه البخاري "




أقسام الإيثار..
ينقسم الإيثار إلى قسمين..


1- إيثار فطري كأن يؤثر الإنسان على نفسه وراحته ، من أجل من يحب ، لحبه الشديد له وتعلقه به ..
جاءت امرأة عائشة رضي الله عنها تحمل ابنتين لها ، فأطعمتها ثلاث ثمرات ، فأعطت كل واحدة منها تمرة ،
ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها ، فاستطعمتها ابنتاها ، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما ، فأعجبني شأنها ،
فذكرت الذي صنعت لرسول الله ، فقال :
(.. إِنَّ اللّه قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ. أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ ..) "رواه مسلم"
2- إيثار إيماني شاق ونادر قلّ أن نجد في الدنيا له نظيرا ، لانه لايصل إليه إلا
أولو العزائم من أهل الإيمان ، والتقوى ، كإيثار الأنصار إخوانهم المهاجرين في أموالهم وزوجاتهم..


فوائد الإيثار..
إذا نظرنا لفوائد الإيثار سنجد أنه ..
1- مرضاة للخالق سبحانه وتعالى ؛ وسبب في دخول الجنة والنجاة من النار .
2- أثرهُ عظيم في حفظ الدين ، وصيانة الأعراض ..
3- وائتلاف القلوب ، وتأكيد رابطة الإخاء ..
ويقضي على كثير من الأخلاق الغير حميدة كالشح والبخل والحسد والكبر.