بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى .. وصلاة وسلاماً على نبيه المُصطفى ..
كنت أتوقع أنك ستناقش ما مرَّ من رد .. ولكني أجدك تأتي بالشبهات تترى ..
كما وأستغرب هذا الأسلوب الهجومي والعدواني من قبلك !!! .. يُمكنك أن تطرح ما تُريد ولكن بشيء من التحلى بالأخلاق !!!
على كل حال .. سأقف مع ما أتيت به في ردك أعلاه .. وأبدأ بهذا التمهيد :
من أحكام القرآن عند أهل السنة النسخ ، والنسخ لغة بمعنى الازالة وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
النوع الأول :
نسخ التلاوة والحكم معا .
النوع الثاني :
نسخ الحكم وبقاء التلاوة .
النوع الثالث :
نسخ التلاوة مع بقاء الحكم .
والدليل على جواز النسخ عقلا ووقوعه شرعا لأدلة :
1 - لأن أفعال الله لا تعلل بالأغراض ، فله أن يأمر بشيء في وقت وينسخه بالنهي عنه في وقت ، وهو أعلم بمصالح العباد .
2 - ولأن نصوص الكتاب والسنة دالة على جواز النسخ ووقوعه :
قال تعالى : ( وإذا بدلنا آية مكان آية 101 - النحل) ..
وقال تعالى ( ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها 106 - البقرة) ..
وقال تعالى ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )
وقال تعالى ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) .
وهذه الآيات تدل على النسخ بأنواعه أي نسخ التلاوة ونسخ الحكم ونسخ الحكم مع التلاوة .
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه : قال : قال عمر رضي الله عنه : أقرؤنا أبي ، وأقضانا ، وأنا لندع من قول أبي ، وذاك أن أبياً يقول : لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلىالله عليه وسلم ، وقد قال الله عزل وجل : (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )
والآن نقف مع ما أوردته من شُبه :
روى زر . قال : قال أبي بن كعب يازر : " كأين تقرأ سورة الأحزاب قلت : ثلاث وسبعين آية . قال : إن كانت لتضاهي سورة البقرة ، أو هي أطول من سورة البقرة ..." .
نقول :
أوردها السيوطي في الاتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه "الإتقان جـ2 ص 718 "..
وقد اعترف بهذا النسخ عُلماؤك !!! :
1 - الشيخ ابو علي الطبرسي :
إذ قال : ... ثالثا ان يكون معنى التأخير ان ينزل القرآن فيعمل به ويتلى ، ثم يأخر بعد ذلك بأن ينسخ فيرفع تلاوته البتة ويمحى فلا تنسأ ولا يعمل بتأويله مثل ما روي عن زر بن حبيش ان ابياً قال له كم تقرأون الأحزاب ؟ قال بضعاً وسبعين آية ، قال قد قرأتها ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أطول من سورة البقرة (مجمع البيان جـ 1 ص 409 شرح آية 106 من سورة البقرة) .
2 - أبو جعفر الطوسي :
إذ قال : وقد جاءت أخبار متظافره بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها وعددها وذكر منها ان سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة في الطول (- التبيان جـ 1 ص 394 شرح آية 106 من سورة البقرة ).
أما رواية :
عن أنس في قصة أصحاب بئر معونه الذين قتلوا ، وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على قاتليهم - قال أنس : ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع : " أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا "
نقول :
هذه الرواية أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان ما نسخ تلاوته دون حكمه (- الإتقان جـ2 ص 720) ..
ونقول كما قال علماء المسلمين أن المقصود في كلمة" حتى رفع " أي حتى نسخ تلاوته .
وقد قال بالنسخ هنا كبار علماء الشيعة منهم :
1 - ابو علي الطبرسي .
إذ قال : جاءت أخبار كثيرة بأن آشياء في القرآن فنسخ تلاوتها منها عن أنس ان السبعين من الأنصار الذين قتلوا ببئر معونه قرأنا فيهم كتابا بلغوا عنا قومنا إنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا ، ثم إن ذلك رفع (مجمع البيان جـ 1 ص 406 شرح آية 106 من سورة البقرة).
2 - أبو جعفر الطوسي :
إذ قال : كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها ، ومنها (عن أنس بن مالك ان السبعين من الانصار الذين قتلوا ببئر معونة : قرأنا فيهم كتابا - بلغوا عنا قومنا أن لقينا ربنا ، فرضا عنا وأرضانا ، ثم أن ذلك رفع (التبيان جـ1 ص 394 شرح اية 106 سورة البقرة) .
أما هذه الرواية :
أخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعا : " القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف ".
نقول :
هذه الرواية مكذوبة .. (ضعيف الجامع لألبانى رقم الرواية 4133) .!!!
أما هذه الرواية :
أخبرنا عبد الرازق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال : سمعت بجالة التميمي قال : وجد عمر بن الخطاب مصحفا في حجر غلام في المسجد فيه : " النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو ابوهم"
فنقول :
إن كلمة " وهو أبوهم " هي نسخ تلاوة وتعتبر من القراءات الشاذة ..
وقد اعترف بهذه القراءة الشاذه كبار علماء الشيعه ومنهم :-
1 - محسن الملقب بالفيض الكاشاني : في كتابه تفسير الصافي :
إذ قال " عن الباقر والصادق عليهما السلام انهما قرءا وازواجه امهاتهم وهو أب لهم (تفسير الصافي جـ4 ص 164 تفسير آية " النبي أولى...." سورة الأحزاب).
2 - العالم الشيعي محمد الجنابذي الملقب بسلطان علي شاه عندما فسر آية " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه وأمهاتهم "
قال قرأ الصادق ( هاهنا : وهو أب لهم )(بيان السعادة في مقامات العباده جـ3 ص 230) .
3 - المفسر الكبير علي بن ابراهيم القمي في تفسيره الآية " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه وأمهاتهم "
قال نزلت وهو أب لهم وازواجه وأمهاتهم" الأحزاب(تفسير القمي جـ2 ص 176) .
أما هذه الرواية :
عن ابن مسعود انه حذف المعوذتين من مصحفه وقال انهما ليستا من كتاب الله .
فنقول :
أولاً : لم ينكر ابن مسعود كون المعوذتين من القرآن وإنما أنكر اثباتهما في المصحف لأنه يرى أن لا يكتب في المصحف الا ما أذن به رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ورسول الله لم يأذن بهما .
ثانياً : المعوذتان أنكرهما ابن مسعود قبل التواتر لان التواتر لم يثبت عنده .
ثالثاً : إن ابن مسعود إنما أنكر المعوذتين أن يكونا من القرآن قبل علمه بذلك فلما علم رجع عن إنكاره بدليل أن القرأن الكريم الموجود بين أيدينا من رواية أربعة من الصحابة هم : عثمان وعلي وأبي بن كعب وابن مسعود وفيه المعوذتان ..
رابعاً : كان أبن مسعود يرى أن المعوذتين رقية يرقى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين مثل قوله أعوذ بكلمات الله التامات ، وغيرها من المعوذات ولم يكن يظن أنهما من القرآن .
والحمد لله رب العالمين ..
الروابط المفضلة