نور الهداية

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نسيبه
    عضو نشيط
    • Oct 2002
    • 226

    نور الهداية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    { وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ }

    نور الهداية


    كنت عائداً من سفر طويل، وقدّر الله تعالى أن يكون مكاني في مقعد الطائرة بجوار ثُلّة من الشباب العابث اللاهي الذين تعالت ضحكاتهم، وكثرت جَلَبتهم، وامتلأ المكان بسحاب متراكم من دخان سجائرهم، ومن حكمة الله تعالى أن الطائرة كانت ممتلئة تماماً بالرّكاب فلم أتمكن من تغيير المقعد.

    حاولت أن أهرب من هذا المأزق بالفرار إلى النوم، ولكن هيهات هيهاب.. فلمّا ضجرت من تلك الضوضاء أخرجت المصحف ورحت أقرأ ما تسير من القرآن الكريم بصوت منخفض، وما هي إلا لحظات حتى هدأ بعض هؤلاء الشباب، وراح بعضهم يقرأ جريدة كانت بيده، ومنهم من استسلم للنوم.

    وفجأة قال لي أحدهم بصوت مرتفع- وكان بجواري تماماً: يكفي، يكفي..!.

    فظننت أني أثقلت عليه برفع الصوت، فاعتذرت إليه، ثم عدت للقراءة بصوت هامس لا أُسمعُ به إلا نفسي، فرأيته يضم رأسه بين يديه، ثم يتململ في جلسته، ويتحرك كثيراً، ثم رفع رأسه إليَّ وقال بانفعال شديد: أرجوك يكفي... يكفي.. لا أستطيع الصبر..!!

    ثم قام من مقعده، وغاب عني فترة من الزمن، ثم عاد ثانية، وسلّم عليَّ معتذراً متأسفاً. وسكت وأنا لا أدري ما الذي يجري! ولكنه بعد قليل من الصمت التفت إليَّ وقد اغروقت عيناه بالدموع، وقال لي هامساً: ثلاث سنوات أو أكثر لم أضع فيها جبهتي على الأرض، ولم أقرأ فيها آية واحدة قط..! وها هو ذا شهر كامل قضيته في هذا السفر ما عرفت منكراً إلا ولغت فيه، ثم رأيتك تقرأ، فاسودَّت الدنيا في وجهي، وانقبض صدري، وأحسست بالاختناق، نعم.. أحسست أن كل آية تقرؤها تنزل على جسدي كالسوط..!

    فقلت في نفسي: إلى متى هذه الغفلة؟ وإلى أين أسير في هذا الطريق ؟

    وماذا بعد كل هذا العبث واللهو ؟

    ثم ذهب إلى دورة المياه، أ تدري لماذا ؟

    أحسست برغبة شديدة في البكاء، ولم أجد مكاناً أستتر فيه عن أعين الناس إلا ذلك المكان!!!

    فكلمته كلاماً عاماً عن التوبة والإنابة والرجوع إلى الله.. ثم سكت.

    لما نزلت الطائرة على أرض المطار، استوقفني وكأنه يريد أن يبتعد عن أصحابه، وسألني وعلامات الجدّ بادية على وجهه: أتظن أن الله يتوب عليَّ ؟ فقلت له: إن كنت صادقاً في توبتك عازماً على العودة فإن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً.

    فقال: ولكني فعلت أشياء عظيمة.. عظيمة جداً..!!

    فقلت له: ألم تسمع قول الله تعالى: " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ". ( الزمر: الآية 53).

    فرأيته يبتسم ابتسامة السعادة، وعيناه مليئتان بالدموع، ثم ودَّعني ومضى..!

    سبحان الله العظيم..!

    إن الإنسان مهما بلغ فساده وطغيانه في المعاصي فإن في قلبه بذرة من خير، إذا استطعنا الوصول إليها ثم قمنا باستنباتها ورعايتها أثمرت وأينعت بإذن الله تعالى.

    إن بذرة الخير تظلُّ تصارع في نفس الإنسان وإن علتها غشاوة الهوى، فإذا أراد الله بعبده خيراً أشرقت في قلبه أنوار الهداية، وسلكه في سبيل المهتدين. قال الله تعالى: " فمن يُرد الله أن يهديه يشرحْ صدره للإسلام ومَنْ يردْ أن يضلّه يجعلْ صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصَّعد في السماء ". ( الأنعام: الآية 125).



    ---------------------------------------
    المراجع أحمد بن عبد الرحمن الصويان، في البناء الدعوى
  • - asma -
    كبار الشخصيات
    • Jul 2002
    • 14041

    #2



    نقل رائع..
    بارك المولى فيك غاليتي

    you know where you can find me
    التوقيع مخالف به صور نسائية

    تعليق

    • عزيزه بإسلامي
      :: إشراقة لكِ :: زهرة لا تنسى
      • Nov 2003
      • 3652

      #3
      جزاك الله خيرا أختي ( نسيبه ) على هذه القصه ،

      ومن كان نبته حسن فسيرجع بإذن الله إلى فطرته التي فطر الله الناس عليها .

      فنحمد ربنا على نعمة الإيمان والتمسك بأوامره ،
      وعسى الله يحفظنا ويحفظك من فتنة الدنيا وفتنة النساء .

      -------------------
      لا عز لنا إلا بالإسلام
      -------------------
      *** لطفا الرد من النساء فقط
      -------------

      تعليق

      يعمل...