مرحبا بك في منتديات لكِ النسائية. إذا كانت هذه هي زيارتك الأولى، فيمكنك الإطلاع على الأسئلة المتكررة بالضغط على الزر اعلاه. قد تحتاج للتسجيل من هنا
قبل أن تتمكن من كتابة مواضيع جديدة.
حاولت للمرة المائة التركيز فى صفحة الكتاب التى أحاول قراءتها منذ ساعة مضت دون فائدة .. كان عقلى يتجاوز الحروف ويسبح بعيدا عنها .. هناك أفكار عدة تتداخل فى عقلى مخلفة ضجيج يشق صمت المكان حولى .. أطلقت تنهيدة أفرغت كل توترى وأنا أتطلع لساعة الحائط وأتساءل فى نفسى عن سبب تأخر ......
- أمى .. أمى لقد عدت
انبعثت موجات من الفرح مع نبرات صوت ابنتى الحبيبة وهى تُحدث جلبتها المعهودة فور دخولها إلى البيت
ابتسمت لها وهى تقترب منى وتنحنى نحوى لتطبع قبلتها على جبينى .. نظرت فى عينيها وأنا أحاول النفاذ لعقلها لأستشف منه ما بإمكانه أن يبطئ دقات قلبى المتسارعة قبل أن أهتف بها
- طمنينى يا ريم
نظرت نحوى بشقاوة ولم تجب
قلت بنفاذ صبر
- ريم .. لا وقت لدعاباتكِ السخيفة الآن .. أخبرينى
قالت لى بمكر
- وكم ستدفعين مقابل إخباركِ؟
لوحت بالكتاب الذى بين يدى وأنا أقول بتهديد
- ماذا عن ضربة محكمة فى الرأس مباشرة؟
أشاحت بيديها وهى تضحك ثم قالت
- حسنا لا داع لذلك .. سأخبركِ
رفعت رأسها بزهو وهى تقول
- الآن فقط يمكنكِ أن تنادينى بالمهندسة ريم حسام
خفق قلبى بقوة وأنا أردد
- حقا يا ريم
احتضنتنى بقوة وهى تقول
- نعم يا أمى .. فلم أكن لأخذلكِ وأبى أبدا
ربت على رأسها بحنان وأنا أقول من بين دموعى
- مبارك يا ابنتى .. لقد حققتِ لى أغلى أمنية يا حبيبتى
رفعت رأسها ونظرت لى وهى تقول
- أتدرين ما هى أمنيتى أنا يا أمى؟
نظرت لها بعينين متسائلتين
نظرت لى بصمت للحظات قبل أن تقول برجاء
- أتمنى أن تتركى هذا المقعد ولو قليلا
تحسست مقعدى بصمت وأنا أهز رأسى نفيا
انقضت علىّ فجأة وهى تجذب يدى وتقول
- بل ستفعلين يا أمى .. وحالا
أطلقت شهقتى وأنا أراها تنتزعنى من مقعدى وتحتله فى انتصار وهى تهتف كالأطفال
- وأخيرا تمكنت من الجلوس على عرش الملكة
نظرت لها بشرود وعقلى يسبح بعيدا .. ليوم ابتاع فيه حسام ذلك المقعد الباهظ الثمن الذى يشبه العرش الملكى وأصر على ألا أجلس على مقعد سواه فهو ما يليق بالملكة
قالت هى بسعادة
- ياااه ما أجمل الجلوس على العرش وكأننى ملكة
وضعت يدى على خاصرتى وأنا أقول
- عندما تذهبين لمملكتكِ ستكونين ملكة وقتها أما الآن .....
جذبتها من فوق عرشى وأنا أضيف
- فأنتِ فقط أميرة ولا يحق لكِ إعتلاء عرشى
دقت الأرض بغضب طفولى وهى تقول
- سأطلب من أبى أن أجلس عليه أنا
أجبتها بثقة وأنا أعود لمكانى
- لن يسمح لكِ .. فلتحلمى كما تشائين
تنهدت وهى تقول
- نعم يا أمى أنا أحلم .. أحلم بأن أكون ملكة وأن يعاملنى زوجى مثلما يعاملكِ أبى .. يا إلهى لم أر أبدا رجل مثله يملك رقة وحنان الكون ويحبكِ بجنون .. أكاد أقسم أنه لم يغضبكِ يوما طيلة حياتكما معا
تدفقت الذكريات بعقلى لكل لحظاتى مع حسام وارتسمت ابتسامة واهنة على شفتى وأنا أردد بشرود
- نعم .. لم يغضبنى أبدا .. لم يمنحنى لحظة حزن .. ولم يسكب بعينى دمعة واحدة .. ولم يظلمنى يوما
اقتربت منى وهى تهمس
- أليس أبى أروع رجل على وجه الأرض
ابتسمت لها وأنا أجيب
- هو كذلك وأكثر يا ريم
أجبتها بصدق وعقلى يرحل بعيدا لتلك الأيام الطويلة المؤلمة التى أعقبت الحادث .. كان إحساسه العميق بالذنب تجاهى يقتله .. لم يكن يعرف كيف يمكنه أن يمحو عنى لحظات الألم ويبعث الأمل فى نفسى من جديد .. كم من مرة استيقظت فيها ليلا لأجده يجلس على مقعدى المتحرك وينتحب بشدة وهو يقول أن هذا يفترض أن يكون مكانه هو لا أنا .. كنت أشفق عليه بشدة فقد كاد الحزن أن يذهب بعقله .. كنت أراه على حافة الجنون وكنت على استعداد لعمل أى شىء ليخفف عنه آلامه
وقد تمسكت بذلك الأمل الواهن فى أن تعود قدمىّ للحياة من جديد وتشبثت به بقوة .. ومرت شهور طويلة عانيت فيها بشدة من العلاج المرهق والتدريبات الشاقة وقد ساندنى حسام بكل قوته حتى حقق الله لنا أملنا وعادت الحياة شيئا فشيئا إلى قدمىّ وإلى حسام نفسه الذى بدأ يستعيد توازنه من جديد
الحمد لله أن ثبتنا فى تلك المحنة وذلك الابتلاء والذى خرجت منه أكثر قوة وأيمانا ورضا بقضاء الله تعالى وقد منّ الله علينا بعدها بريم التى ملأت علينا حياتنا وزادتها فرحا وبهجة
وها هى اليوم تنهى دراستها وتصبح مهندسة مثلما حلمت طوال حياتها وحلمنا معها .. حمدا لك يا إلهى
والآن لم يتبق الكثير ليتحقق حلمى الجميل بأن أرى ابنتى فى أجمل أيام حياتها وحياتى .. يوم تكون هى الملكة وأرسلها مع مليكها إلى حيث مملكتها الجديدة والتى أتمنى أن تحمل لها كل سعادة الكون
- لماذا تبكين يا أمى؟
أفقت على ملمس أناملها الرقيقة وهى تمسح دمعة فرت من عينى دون أن أشعر
ابتسمت لها وأنا أقول
- إنها دموع فرح
قامت فجأة وهى تهتف بسعادة
- سأتصل بوالدى لأخبره .. سيسعد كثيرا لأجلى هو أيضا
تابعتها وهى تخطو بخفة كفراشة ربيع .. كم تذكرنى بشبابى تلك الريم
ياااه لقد مر العمر أسرع مما ظننت .. كبرتِ يا شهد وعما قريب ستكونين جدة .. أطلقت ضحكة خافتة وأنا أتخيل أحفادى يلهون حولى ويكملوا سعادتى برؤيتهم .. عدلت من وضع نظارتى الطبية على عينى وأنا أرفعها لتلامس الصورة العزيزة التى تحتل الحائط منذ سنوات طويلة وابتسمت لتلك الملكة السعيدة التى تجلس بشموخ على عرشها داخل الإطـــار
****************** تمت بحمد الله ******************
تعليق