قصص للفتيان والفتيات ... صديقي فاتح ...-7-

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حقائق إيمانية
    النجم الفضي
    • Aug 2007
    • 3069

    قصص للفتيان والفتيات ... صديقي فاتح ...-7-

    قصص للفتيان والفتيات
    عبد الكريم عبد الله رفعت

    -7-




    صديقي فاتح



    انتهت العطلة الربيعية وعاد الطلاب إلى مدارسهم ، كــان الطقس بارداً بسبب سقوط الثلوج . كنا مجتمعين داخل قاعة المدرسة ، وكنا مسرورين بلقيا بعضنا البعض مرة ثانية بعد أكثر من أسبوع .
    كان كل واحد منا يصافح صديقه بحرارة ويسأل عن حاله . وقف الطلاب جماعات جماعات ، كل واحد مع أصدقائه . ووقفت أنا مع أصدقائي نتحدث : كيف قضينا عطلتنا .

    لقد سافر "جميل" مع عائلته إلى جبال "سفين" ، وذهب "محمد" إلى "الموصل" لزيارة خالته هناك ، أما "كامل" فقد سافر إلى "البصرة" وجاء دوري وسئلت :
    - وكيف قضيت العطلة أنت ؟
    - قضيتها في البيت ، أطالع دروسي ، وكنت أخرج أحياناً إلى المحلة وألعب مع أبناء الجيران ، نظروا إليَّ باحتقار وازدراء ، وكانت نظراتهم تجمع كل معاني الاستصغار و الإستذلال .
    وقال لي (أحمد) بلهجة لا تخلو من الاستهزاء :
    - بقيت عشرة أيام ملازما للبيت ، لا تكاد تغادره ... في هذه الأثناء جاء صديقنا "فاتح" ووقف معنا . التف الجميع حوله وبدأوا يسألونه :
    الأول – أين قضيت العطلة ؟ أفي روما ؟
    الثاني – أظن أنه سافر إلى لندن ؟!
    الثالث – إن جو لندن بارد جداً ، أرجو أن لا تكون قد تعرضت لبرده !
    كانت ملابسنا جميلة ونظيفة – حتى أنا رغم كوني أبن أحد حراس الشرطة .. كانت ملابسي لا بأس بهـا .


    أما "فاتح" فقد كانت ملابسه رثة عتيقة . كان ينتعل حذاءً قديماً وقد غيرت الأيام لونه فلا تعرف لونه الأصلي ، أكان أسود أم كان قهوائياً . وكان سرواله قصيراً لا يكاد يغطي جواريبه الممزقة .
    أما سترته فلم تلمسها المكواة قط ، فضلا عن أن بعض أطرافها كان ملطخاً بالجص .
    كنت أعلم أن والد "فاتح" جصاص يعمل في البناء وهو "أي فاتح" يساعد أباه متى استطاع ذلك ، ولم يكن هذا بعيب في نظري ، بل أنه شيء يستحق التقدير .
    كان "فاتح" يتفحص وجوهنا بعينين كسيرتين يبدو عليهما شيء من الحرمان .




    قالوا له :
    - هيا أخبرنا كيف قضيت عطلتك ؟ وإلى أين ذهبت .
    كان يعلم أنهم يسخرون منه ولكنه لم يبال بهم ولا بسخريتهم ، فقال :
    - كنت أساعد والدي لكثرة أشغاله .
    - انفجروا من الضحك ودوت عاصفة من الضحك . أخفى "فاتح" وجهه براحتي كفيه وابتعد عنا مسرعاً ، وبدأ الأولاد يرشقونه بشتى ألفاظ السخرية والاستهزاء ، وهنا نفد صبري فأصبحت لا أرضى بما يفعلون ، فقلت :
    - أنتم مخطئون في هذا يا أصدقاء ! كيف يعاب المرء على فقره .
    ومرة أخرى أثاروا ضجة من الضحك . وقال أحدهم وهو يشير إلي بإصبعه :
    - انظروا إليه كيف يدافع عنه لأنه فقير مثله .
    ابتعدت عنهم أنا الآخر ولم أقل لهم شيئاً ، إن استهزاءهم بالفقراء دليل على عدم تربيتهم تربية حسنة ، لذا فلست بحاجة إلى مثل هؤلاء الأصدقاء .
    تعقبت أثر "فاتح" وكان قد دخل الصف وجلس في مكانه وقد وضع رأسه على الرحلة وضمه بكلتا يديه .
    ومن حركة كتفيه المتعاقبة صعودا ونزولا عرفت أنه يبكي ، أقتربت منه وربت على كتفه وقلت له :
    - لا تحزن "يا فاتح" إن الأمر لا يستحق البكاء ، فهم أبناء أغنياء ولا يعلمون ما يقولون ، رفع رأسه ونظر إليَّ ، وكانت عيناه قد احمرتا من البكاء ، فقال :
    - أنا لا تهمني سخريتهم ، ولكني أبكي لأمي التي دفناها صباح هذا اليوم ، قلت :
    - أهي ماتت ؟
    أومأ برأسه أن "نعم"
    - إنا لله و إنا إليه راجعون .. غفر الله لها .



    هذا كل ما قلته ولم أستطع قول أي شئ آخر
    نعم الآن أدركت سبب حزنه .. إن فقدان الأم ليس بالشيء الهين .
    لقد اضطربت عائلتي كلها عندما مرضت والدتي ولازمت الفراش ثلاثة أيام ، فكيف به وقد فقدها مدى حياته .
    وقفت معه قليلا ، ثم رجعت إليهم وكانوا لا يزالون يضحكون ويصخبون . قلت لهم بشيء من الحدة والغضب الممزوجين بالعتاب .
    أن أم "فاتح" قد توفيت صباح هذا اليوم !
    وفي الحال تبدلت صيحاتهم إلى سكوت عميق تغيرت ملامح وجوههم وبات الحزن واضحاً عليهم ، وبعد قليل قطع "جميل" الصمت وقال :
    - لم نكن نعلم ذلك و إلا فما كنا نسخر منه هكذا .
    فعلق "محمد" قائلا:
    - بل نحن أطفال وقحون - كان علينا أن لا نسخر منه هكذا - حتى لو لم نكن نعرف ذلك ، لذا نطلب منك المعذرة ...
    قلت :
    - لم تعتذرون مني ، بل عليكم أن تعتذروا من "فاتح" نفسه ، ذهبوا إلى "فاتح" وطلبوا منه المعذرة ، وعزوه عزاءً رقيقا ً.
    " كم كنت مخطئاً إذاً عندما ضننت أنه لا خير فيهم ، فهم ليسوا وقحين مثلما كنت أضن إنهم على الأقل اعترفوا بخطئهم وحاولوا إصلاحه" .
    كان المعلم طول الدرس يتحدث عن قيمة الوالدين في حياتنا ، وفي نهاية الدرس أجرينا مسابقة بعنوان :
    " أنفع الأولاد لعائلته" .
    فكان الفوز من نصيب "فاتح" باختيارنا كلنا ، لأنه حقاً أنفعنا لعائلته ، وهكذا عادت البسمة على شفاه صديقي "فاتح" .













    .
  • sara17
    زهرة لا تنسى
    • Jun 2007
    • 6960

    #2
    ما شاء الله
    شكرا لك اخي الفاضل بأنتقاء هذه القصص المعبرة
    ونتمنى قراءة ابداع قلمك
    وفقك الله
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ان مع العسر يسرا

    تعليق

    • بنــ مصرــت
      عضو نشيط
      • Aug 2007
      • 237

      #3
      شكراً اخي قصة جميلة وكلها موعظة جزاك الله بها كل خير .

      تعليق

      • حقائق إيمانية
        النجم الفضي
        • Aug 2007
        • 3069

        #4
        شكرا جزيلا على المرور
        بارك الله فيكم
        وجزاكم الله خير

        تعليق

        • ديالا ياسر
          عضو نشيط
          • Apr 2007
          • 118

          #5
          جزالك الله خيرا اخى الكريم ووفقك الله لما يحبه ويرضاه
          فعلا يجب ان ننمى لدى اولادنا احساسهم بالاخرين وخاصة من اخوانهم المسلمين
          اللهم اجمع شمل امتنا ...ووحد كلمتنا...وارنا فى اليهود عجائب قدرتك
          اللهم قل الناصر والمعين فاعنا يالله

          تعليق

          • mersa
            عضو نشيط
            • Feb 2008
            • 192

            #6
            نشكرك على هذه القصه الرائعه
            ماشاء الله عليك

            جزاك الله خيرا
            ويارب نستطيع تعليم اولادنا على هذه الخلق
            ن حال الدنيا غير زمان

            تعليق

            يعمل...