الفصل الخامس والعشرين:
يضعُ (ضياء) خدَّهُ على كفِّهِ مُتَّكئاً على نافذة زجاج الباصِ الذي يُقلُّهُ على صنعاء عبر هذه الرحلة الطويلة، ومُفكِّراً في آلت إليه أحوال (ساورو) في بلد الإيمان والحكمة..
يُقلِّبُ في ذاته أفكاراً كثيرةً، وآمالاً أكبر منها:
- تُرى كيف حالُ (ساورو)؟!
- ما الذي حدث له يا تُرى؟!
- هل يعيش حياتهُ بطمأنينةٍ الآن؟! أم أن المشاكل لاشكَّ تلحقُهُ؟!
- أعتقد أن بقائه في اليمن شيءٌ مؤقتٌ ولا شك..فماذا سيفعل في إجازة الصيف؟! هل سيعودُ إلى (رنا)؟! عجباً لها من فتاة!! تُرى ما هو حالُها الآن!!
- لابد أن يُرتِّب لي سمهر موعداً لأرى (ساورو) في أقرب فُرصة..
وصل (ضياء) إلى صنعاء أخيراً، وتوجَّه على مقر دراسته في مستشفى الكويت يسألُ عن أخبار صديقهٍ (سمهر) وأخبار دراسته التي تغيّبَ عنها قهراً، وأخبار (ساورو) أيضاً.. أجاب (سمهر) عن كُلِّ ما طلب صديقُهُ، وأمّا أخبارُ (ساورو) فأجاب:
- إنه بخيرٍ ويُهديكَ السلام، ويتأقّلمُ مع الجوِّ بسُرعةٍ، وتعرّف على العديد من الأصدقاء..
ابتسم (ضياء) ابتسامة رضاً.. وقال:
- إذن لا تنسَ أن تُرتِّبَ لي يا (سمهرُ) موعداً؛ فهناك الكثيرُ لديَّ أقولهُ له، كما أن حلَّ مُشكلته قد يبدو وشيكاً بإذن الله.
هزَّ (سمهرُ) رأسهُ:
- إذن لابد من عمل ذلك سريعاً..سأبذُلُ قُصارى جُهدي.
وانشغل الجميعُ بأهوال الدوام، وأهوال المُعاملات وأهوال الحياة، ونُسيَ أمرُ (ساورو) من التنفيذ لكثرة من زُحمَ به الجميع من المشاغل، غير أنه كان يتربَّعُ على الخاطرِ دوماًـ وتصلهُ رسائل الترحيب والتحايا دوماً..
ومضى شهرٌ لم يرَ (سمهرُ) فيه (ساورو) أيضاً لانشغاله، فيما كان (ضياء) يحزمُ حقائبهُ مرةً أخرى للعودة إلى ديار الحرمين لطارئٍ المَّ بأمره، ووجب إنجازُهُ. لكنه كان مُصمماً هذه المرة على رؤية (ساورو) مهما كان الانشغال؛ فالوقتُ لا يحتملُ التأخير..
ومرةً أخرى تتأجلُ المواعيدُ لأمرٍ يُقدِّرهُ الله لا سُلطة للبشر تجاههُ.
وبعدٍ جُهدٍ وترتيبٍ تم الاتفاق على زيارة..
اليوم هو السابع والعشرين من شهر فبراير للعام السابع في الألفية الميلادية. اتصل (سمهر) بـ (ضياء) للتأكُّدِ من زمان السفر، فأجاب الأخيرُ:
- غداً عصراً بإذن الله سأكونُ في طريق العودة.
- (سمهر): جيدٌ جداً.. لابُدَّ من رؤيتك إذن..
- (ضياء): بالطبع.. هل ستأتي؟!
- (سمهر): أجل، لكن لن آتي لوحدي، فلقد هاتفتُ (ساورو) للتوِّ واتفقنا على زيارتك..
- (ضياء): أهلاً وسهلاً بكما. أنتظرُ ذلك.
- (سمهر): الأهم الآن: هل أنت مُتفرغٌ للزيارة..
- (ضياء): شبه مُتفرِّغٍ، بيد أن لديَّ أمراً يجبُ إنجازُهُ في شارع "ستة عشر"، وبعدها أعودُ إلى المنزل..لكن بما أنكما اثنين وأنا واحدٌ فمن الأجدر أن أقوم أنا بزيارتكما.
- (سمهر): يُشرِّفُني ذلك... وعلى أية حال فقد اتفقتُ مع (ساورو) أن يأتي أولاً ثم نذهب لزيارتك فعليه تكونُ أنت قد أتيت.
- (ضياء): جيدٌ جداً.. نختصرُ بذلك الوقت... موعدنا إذن التاسعةً مساءً.
- (سمهر): وهو كذلك.
غادر (ضياء) منزلهُ يُتمِّمُ أمور سفره، وكذلك يستعدُ للقاء أخيه في الله.. (ساورو).
الساعة التاسعةُ كانت تدقُّ أجراسها مع طرق (ضياء) باب منزل (ساورو) على أمل اللقاء:
- (سمهر): أهلاً وسهلاً ضياء.. هل أتممتَ شؤونك؟!
- (ضياء): الحمدُ لله.. أنهيتُ كافَّة شؤوني وأنا الآن جاهزٌ للسفر. ألم يأتِ (ساورو)؟!
حرّك (سمهرُ) رأسهُ مُستغرباً.. أنا أنتظرهُ الآن.. علّه في الطريق، ولكنني كُنتُ أحاولُ الاتصال به مُنذُ رُبعِ ساعةٍ وهاتفهُ مشغولٌ منذ ذلك الوقت وإلى الآن!!
- (ضياء): لعلهُ قريبٌ ولذلك كرهَ أن يُكلِّفكَ اتصالاً..
- (سمهر): آملُ ذلك.. ريثما يأتي، ما رأيكَ أن نُنجز بعض الأمور المُتعلّقة بالمجموعة الطبية؟!
- (ضياء): لا بأس بذلك..
قالها (ضياءُ) وهو يقومُ من مجلسهِ مُتَّهجاً إلى غُرفة (سمهر) لإنجاز ما اتفقا عليه فيما كان (سمهر) يلتفتُ إلى (ضياء) قائلاً:
- ألم أُخبركَ ماذا صنع (ساورو) اليوم؟!
نظر (ضياءُ) إلى صديقهِ قائلاً:
- لا ! لم تُخبرني! هل حدث مكروهٌ؟!
ابتسم (سمهرُ) نافياً:
- لا شيء من ذلك، ولكنه أعلن اليومَ في اليمن إسلامهُ رسمياً!! وكهديةٍ متواضعةٍ من شركته فإنها قررت منحهُ رحلة عُمرةٍ إلى بيت الله الحرام على حسابها مدفوعة التكاليف.
أمسك (ضياءُ) على فمهِ قائلاً:
- أيعرفُ (ساورو) تبعاتِ هذا العمل؟! ثمَّ ألم يكن يخشى من مكر قريبهِ (أصلانيان)؟!... ماذا لو اكتشف أمره؟!
- (سمهر): لستُ مُتأكِّداً..لكن يبدو أن وضعهُ الأمني أصبح مُستقراًً.. ولذلك كان الإشهار.
- (ضياء): لا أدري ماذا أقول.. لكنني أعتقدُ أنه يريدُ أن يتحدَّى أهلهُ بشكلٍ علنيٍّ وواضح، وأخشى عليه ذلك.
- (سمهر): ليس بيدنا الكثير، وأظنُّهُ يفهمُ تماماً ما يُقدمُ عليه.
وبعد ساعةٍ من الانهماك في العمل، لاحظ الصديقين تأخر (ساورو) عن الوصول.. فحثَّ (ضياء) صديقهُ على الاتصال بهِ مُجدداً، غير أنه لم يكن يُجيبُ على هاتفهِ هذه المرة.
رمى (سمهر) سمّاعة الهاتف مُغضباً من (ساورو):
- تباً لإبليسه! لابد أن يكون لي معه تصرفٌ آخر على إخلاف موعده، وثُم عدم الإجابة على هاتفه!
- (ضياء): رويدك يا (سمهر)! فلعله غلبهُ النوم لشدة الجهد بعمله.
- (سمهر): قد يكونُ ذلك... سأحادثهُ غداً بإذن الله.
بات الصديقين ليلتهما دون أن يريا (ساورو)، وفيما كان الأملُ يحدو (ضياء) أن يراه قبل مُغادرته لصنعاء، ولذلك اتصل بـ(سمهر) قبل المغادرة، ولكن (سمهر) نفى مقدرتهُ الاتصال بـ (ساورو)، وغادر (ضياء) مرةً أخرى على رؤية (ساورو) ثانيةً؛ وهذا اليوم شهد وقائع جديدةً أخرى في حياة (ساورو) المثيرة!
يتبع
يضعُ (ضياء) خدَّهُ على كفِّهِ مُتَّكئاً على نافذة زجاج الباصِ الذي يُقلُّهُ على صنعاء عبر هذه الرحلة الطويلة، ومُفكِّراً في آلت إليه أحوال (ساورو) في بلد الإيمان والحكمة..
يُقلِّبُ في ذاته أفكاراً كثيرةً، وآمالاً أكبر منها:
- تُرى كيف حالُ (ساورو)؟!
- ما الذي حدث له يا تُرى؟!
- هل يعيش حياتهُ بطمأنينةٍ الآن؟! أم أن المشاكل لاشكَّ تلحقُهُ؟!
- أعتقد أن بقائه في اليمن شيءٌ مؤقتٌ ولا شك..فماذا سيفعل في إجازة الصيف؟! هل سيعودُ إلى (رنا)؟! عجباً لها من فتاة!! تُرى ما هو حالُها الآن!!
- لابد أن يُرتِّب لي سمهر موعداً لأرى (ساورو) في أقرب فُرصة..
وصل (ضياء) إلى صنعاء أخيراً، وتوجَّه على مقر دراسته في مستشفى الكويت يسألُ عن أخبار صديقهٍ (سمهر) وأخبار دراسته التي تغيّبَ عنها قهراً، وأخبار (ساورو) أيضاً.. أجاب (سمهر) عن كُلِّ ما طلب صديقُهُ، وأمّا أخبارُ (ساورو) فأجاب:
- إنه بخيرٍ ويُهديكَ السلام، ويتأقّلمُ مع الجوِّ بسُرعةٍ، وتعرّف على العديد من الأصدقاء..
ابتسم (ضياء) ابتسامة رضاً.. وقال:
- إذن لا تنسَ أن تُرتِّبَ لي يا (سمهرُ) موعداً؛ فهناك الكثيرُ لديَّ أقولهُ له، كما أن حلَّ مُشكلته قد يبدو وشيكاً بإذن الله.
هزَّ (سمهرُ) رأسهُ:
- إذن لابد من عمل ذلك سريعاً..سأبذُلُ قُصارى جُهدي.
وانشغل الجميعُ بأهوال الدوام، وأهوال المُعاملات وأهوال الحياة، ونُسيَ أمرُ (ساورو) من التنفيذ لكثرة من زُحمَ به الجميع من المشاغل، غير أنه كان يتربَّعُ على الخاطرِ دوماًـ وتصلهُ رسائل الترحيب والتحايا دوماً..
ومضى شهرٌ لم يرَ (سمهرُ) فيه (ساورو) أيضاً لانشغاله، فيما كان (ضياء) يحزمُ حقائبهُ مرةً أخرى للعودة إلى ديار الحرمين لطارئٍ المَّ بأمره، ووجب إنجازُهُ. لكنه كان مُصمماً هذه المرة على رؤية (ساورو) مهما كان الانشغال؛ فالوقتُ لا يحتملُ التأخير..
ومرةً أخرى تتأجلُ المواعيدُ لأمرٍ يُقدِّرهُ الله لا سُلطة للبشر تجاههُ.
وبعدٍ جُهدٍ وترتيبٍ تم الاتفاق على زيارة..
اليوم هو السابع والعشرين من شهر فبراير للعام السابع في الألفية الميلادية. اتصل (سمهر) بـ (ضياء) للتأكُّدِ من زمان السفر، فأجاب الأخيرُ:
- غداً عصراً بإذن الله سأكونُ في طريق العودة.
- (سمهر): جيدٌ جداً.. لابُدَّ من رؤيتك إذن..
- (ضياء): بالطبع.. هل ستأتي؟!
- (سمهر): أجل، لكن لن آتي لوحدي، فلقد هاتفتُ (ساورو) للتوِّ واتفقنا على زيارتك..
- (ضياء): أهلاً وسهلاً بكما. أنتظرُ ذلك.
- (سمهر): الأهم الآن: هل أنت مُتفرغٌ للزيارة..
- (ضياء): شبه مُتفرِّغٍ، بيد أن لديَّ أمراً يجبُ إنجازُهُ في شارع "ستة عشر"، وبعدها أعودُ إلى المنزل..لكن بما أنكما اثنين وأنا واحدٌ فمن الأجدر أن أقوم أنا بزيارتكما.
- (سمهر): يُشرِّفُني ذلك... وعلى أية حال فقد اتفقتُ مع (ساورو) أن يأتي أولاً ثم نذهب لزيارتك فعليه تكونُ أنت قد أتيت.
- (ضياء): جيدٌ جداً.. نختصرُ بذلك الوقت... موعدنا إذن التاسعةً مساءً.
- (سمهر): وهو كذلك.
غادر (ضياء) منزلهُ يُتمِّمُ أمور سفره، وكذلك يستعدُ للقاء أخيه في الله.. (ساورو).
الساعة التاسعةُ كانت تدقُّ أجراسها مع طرق (ضياء) باب منزل (ساورو) على أمل اللقاء:
- (سمهر): أهلاً وسهلاً ضياء.. هل أتممتَ شؤونك؟!
- (ضياء): الحمدُ لله.. أنهيتُ كافَّة شؤوني وأنا الآن جاهزٌ للسفر. ألم يأتِ (ساورو)؟!
حرّك (سمهرُ) رأسهُ مُستغرباً.. أنا أنتظرهُ الآن.. علّه في الطريق، ولكنني كُنتُ أحاولُ الاتصال به مُنذُ رُبعِ ساعةٍ وهاتفهُ مشغولٌ منذ ذلك الوقت وإلى الآن!!
- (ضياء): لعلهُ قريبٌ ولذلك كرهَ أن يُكلِّفكَ اتصالاً..
- (سمهر): آملُ ذلك.. ريثما يأتي، ما رأيكَ أن نُنجز بعض الأمور المُتعلّقة بالمجموعة الطبية؟!
- (ضياء): لا بأس بذلك..
قالها (ضياءُ) وهو يقومُ من مجلسهِ مُتَّهجاً إلى غُرفة (سمهر) لإنجاز ما اتفقا عليه فيما كان (سمهر) يلتفتُ إلى (ضياء) قائلاً:
- ألم أُخبركَ ماذا صنع (ساورو) اليوم؟!
نظر (ضياءُ) إلى صديقهِ قائلاً:
- لا ! لم تُخبرني! هل حدث مكروهٌ؟!
ابتسم (سمهرُ) نافياً:
- لا شيء من ذلك، ولكنه أعلن اليومَ في اليمن إسلامهُ رسمياً!! وكهديةٍ متواضعةٍ من شركته فإنها قررت منحهُ رحلة عُمرةٍ إلى بيت الله الحرام على حسابها مدفوعة التكاليف.
أمسك (ضياءُ) على فمهِ قائلاً:
- أيعرفُ (ساورو) تبعاتِ هذا العمل؟! ثمَّ ألم يكن يخشى من مكر قريبهِ (أصلانيان)؟!... ماذا لو اكتشف أمره؟!
- (سمهر): لستُ مُتأكِّداً..لكن يبدو أن وضعهُ الأمني أصبح مُستقراًً.. ولذلك كان الإشهار.
- (ضياء): لا أدري ماذا أقول.. لكنني أعتقدُ أنه يريدُ أن يتحدَّى أهلهُ بشكلٍ علنيٍّ وواضح، وأخشى عليه ذلك.
- (سمهر): ليس بيدنا الكثير، وأظنُّهُ يفهمُ تماماً ما يُقدمُ عليه.
وبعد ساعةٍ من الانهماك في العمل، لاحظ الصديقين تأخر (ساورو) عن الوصول.. فحثَّ (ضياء) صديقهُ على الاتصال بهِ مُجدداً، غير أنه لم يكن يُجيبُ على هاتفهِ هذه المرة.
رمى (سمهر) سمّاعة الهاتف مُغضباً من (ساورو):
- تباً لإبليسه! لابد أن يكون لي معه تصرفٌ آخر على إخلاف موعده، وثُم عدم الإجابة على هاتفه!
- (ضياء): رويدك يا (سمهر)! فلعله غلبهُ النوم لشدة الجهد بعمله.
- (سمهر): قد يكونُ ذلك... سأحادثهُ غداً بإذن الله.
بات الصديقين ليلتهما دون أن يريا (ساورو)، وفيما كان الأملُ يحدو (ضياء) أن يراه قبل مُغادرته لصنعاء، ولذلك اتصل بـ(سمهر) قبل المغادرة، ولكن (سمهر) نفى مقدرتهُ الاتصال بـ (ساورو)، وغادر (ضياء) مرةً أخرى على رؤية (ساورو) ثانيةً؛ وهذا اليوم شهد وقائع جديدةً أخرى في حياة (ساورو) المثيرة!
يتبع
تعليق