من روائع الكاتبة قماشة العليان....(( عفواً.. إنه خطئي ))

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Mo0oha
    عضو
    • Jun 2007
    • 74

    من روائع الكاتبة قماشة العليان....(( عفواً.. إنه خطئي ))

    انا سأنتحر ... سأقتل نفسي .. وإليكم السبب...
    انا شاب في الثامنة عشرة من العمر ... في الثانوية العامة ... قوي البنية... مفتول العضلات ومن اسرة غنية ... ادرس في ارقى المدارس الخاصة واغلاها ..لدي سيارة جميلة آخر موديل , ومن أغلى نوع...واذهب كل يوم إلى النادي العب الكرة واركب الخيل ..أي ان حياتي كاملة ..لاشيء ينقصها
    بل قد تفوق حد الكمال..
    كل شاب في الدنيا يتمنى ان يعيش حياتي كما اعيشها انا واحياها ..لكن لا
    لم تعرفوا السبب بعد ..
    أنا ضعيف الشخصية ... وإلى ابعد الحدود ,, ضعيف إلى درجة انني لا استطيع أن آخذ حقي ..
    الجميع يستهزئون بي لضعف شخصيتي ولا استطيع ان اضع حداً لاستهزائهم وسخريتهم .. لانني ضعيف ضعيف جداً .. واكثر مما يتصور البعض وسبب ضعفي هو أمي ... نعم هي السبب الاول والاخير رغم حبي لها ... منذ كنت في الثالثة من عمري وهي تبكي امامي ..ودائماً تبكي .. ودوماً تشكوا أبي... ودائماً تحكي لي قصتها ... حتى اصبحت في العاشرة من عمري وأنا احفظ قصتها عن ظهر قلب ...

    زوّجها اهلها وهي في الخامسة عشرة من عمرها الى ابي وهو رجل كبير في السن .. في سن ابيها .. ولديه من النساء ثلاث غيرها .. وكانت تتعذب ..تتعذب بقسوته وغيرته ..لم تنجب غيري
    كنت آخر العنقود من اولاد ابي وكنت انا المدلل رغم كثرة اولاد ابي فهم كثيرون جداً لا ادري
    كم عددهم ...ربما خمسة عشر او اكثر ...لا ادري ... وكلهم متزوجون ... بعضهم آباء
    ..والبعض الاخر اجداد ..نعم اجداد
    ولهم احفاد في مثل عمري ...وهم لايعرفونني ... وانا لا أراهم الا لماماً ولكنني لا اشعر حتى
    بوجودهم ...
    حتى مرض ابي ..مرضاً اقعده الفراش ... وتنقل بين بيوت زوجاته الثلاث ثم استقر في بيت امي
    ..اختار بيتنا ليرقد فيه ... فاحسست بالاختناق
    لم اتعود ان ارى ابي في كل وقت .كنت اراه في بعض الوقت ...احياناً بالليل واحيانا بالنهار ..
    ولكنني الان اراه بالليل والنهار ,,,اشعر بانه يجثم على صدري ..يضيق علي الخناق يعد خطواتي
    يحسب علي انفاسي....
    كان هذا طبيعيا بالنسبة لي ولكن امي ..امي يحدث لها ماحدث لي !!! غير معقول!!!
    بل انه مستحيل ,,انه زوجها ..انها تحبه ..لا.. اني لا اجزم بهذا
    فلم احاول مرة في حياتي ان افكر في طبيعة العلاقة بين ابي وامي ..كنت اعتقد بانها كأي علاقة بين
    اي زوج وزوجته رغم تعدد زوجات ابي ...كنت اعتقد انها تحبه كأي زوجه تحب زوحها رغم بكائها
    الدائم امامي ..كنت اعتقد بانها ستطير من شدة الفرح لاختياره لها بالذات دون نسائه الاخريات ليقضي
    فترة نقاهته .. ولكن لا..

    انها تعيسة مثلي واكثر .. انها تغضب لاي سبب .. تبكي لاي هفوه ..لا انها لم تكن هكذا ..صحيح
    انها دائمة البكاء ولكن ليس الى هذه الدرجة المأساوية ..
    في هذه الفتره كنت اراها دائماً غاضبة ...دائماً حزينة .. ودائماً تبكي ..اكثر من الاول
    احوالها تغيرت بدرجة غير معقوله ..لدرجة انها اصبحت لاتحكي لي قصة حياتها كل يوم
    كالعادة....
    ومضيت افكر ..نعم افكر ..انا الشاب المدلل الذي لايهتم حتى لدروسه افكر .. حالة امي حيرتني
    إنني اعرفها جيداً لذلك لفت نظري تغيرها الشديد وحزنها الاشد..وعزمت على ان اعرف السبب
    مهما يكن الامر ...انني لم اسألها قط عن مدى علاقتها مع ابي ..هل تحبة ام تكرهه؟
    هل تعيش راضية سعيدة ام هي مكرهة على العيش معة؟

    وفي يوم ما فوجئت بنفسي اسألها هذا السؤال وعيناي وعلقتان تماما بوجهها
    لارى مدى ردة الفعل لديها
    .. دهشت .. تفرجت وجنتاها احمرارا وهي تنظر لي باضطراب ..انها تبدو كفتاة بريئه تواجه بهذا
    السؤال لاول مرة في حياتها ..لاكزوجة وام لشاب وربة بيت ..نظرت اليها مرة اخرى
    واذا هي مطرقة راسها برأسها تنظر الى لاشيء ..اعدت عليها السؤال مرة اخرى..ولكن..
    وكأنها تحولت الى انسانة اخرى .. متوحشة .. ضربتني وطردتني من الغرفة
    دون ان تجيب على سؤالي .. ومضيت افكر وانا اسمع صوت بكائها ونحيبها
    ..لماذا لاترد على سؤالي ؟؟ ترى هل ابدوا لها طفلا لا افهم شيئا مما يدور حولي
    ؟؟ ولكن لا .. سأثبت لها رجولتي ..سأثبت لها بانني افهم كل شيء واكثر مما كانت تعتقد..

    ولكن لاول مرة في حياتي بدأت ارى ماحولي على الوجه الصحيح
    لانني اول مرة ادقق فيما اراه ولا تخدعني المظاهر الكاذبة ..اراقبها هي وابي وهما يتناولان طعام
    الغداء ..انه ياكل بطريقة سيئه ..وهي تنظر اليه باشمئزاز واحتقار..لاحديث يدور بينهما
    ..ولا حتى كلمة واحدة
    يتجشأ ابي بعد الاكل بطريقة مقززه .. اراها وهي تقاوم الغثيان الذي اصابها...
    يقوم الى الحجرة لينام ..انه يمشي ببطء وظهره منحني الى الامام ..انه كبير في السن
    كبير جدا ..وهي صغيرة شابه الى جواره كأنها ابنته ...طويله ,, ممشوقه القوام ,, وجميله
    لاول مرة اعرف ان امي جميله ..طوال عمري انظر الى وجهها ولكنني لم ارى جمالها الا اليوم
    ربما لانني تفحصتها بعيني الخبير ..

    احدق فيها النظرعن بعد ..انهما لايناسبان بعضهما ابدا ..اذهلتني هذه الحقيقة رغم
    انني كنت اعيشها منذ زمن طويل .. ولكنني لم افهمها الا الان ..

    صدمت بها وكانني اعرفها لاول مرة ...صدمتي جعلتني افيق الى اشياء اخرى كثيرة تدور من حولي
    ان امي تتحدث كثيرا في الهاتف بصوت هامس ... ويطول حديثها كثيرا .. وهنا بدأت اشك
    .. وبدأت اراقبها .. واكثف عليها المراقبة اكثر واكثر ويدي على قلبي ..
    ابحث عن شيء لا اريد معرفتة
    ابحث عن المجهول الذي يخيفني .. ابحث عن المارد الذي يسكن اعماقي ويزلزلني

    رايتها تخرج كثيرا ولم اتبعها في كل مرة .. كنت اخاف ان اكتشف شيئا لا اريد ان
    اكتشفه ...كنت اخاف ان ارى شيئا لا اريد ان اراه... تصورت كل شيء بعين خيالي
    شابه..جميله..وحيده..حزينه.. و .. وهناك آخر .. لابد ان هناك آخر
    والنهاية معروفه بالطبع ... بالتأكيد هذا مايحدث... ولكنني جبان .. ضعيف ...
    اضعف من ان اراقبها حتى النهاية ... واضعف من النهاية نفسها .. لذلك لجأت الى ابي
    حاولت ان افهمه مايدور حوله بطريقة غير مباشره...

    دخلت عليه حجرته .. فوجيء بي .. فنظر الي متسائلا دون ان يتكلم ...
    أنه يعتقد انني اتيت اليه لاطلب نقودا .. او ان سيارتي معطله ..او انني اريد ان اغير مدرستي
    ...
    نعم ..هو معذور في تفكيره ..فلم نجلس انا وهو يوماً لنتحدث سويا كما يتحدث الاب الى ابنه .. ابداً
    .. انني لا اعرفه الا اذا احتجت لشيء .. ونادراً ما احتاج .. ونادراً ما اراه .. انه لايعلم انني اريد
    ان انقذه ...ان انقذ شرف العائله الذي القت به امي في الاوحال .. لم اتردد .. ولم اتلعثم وانا اقول له..
    - ابي هل تحب امي ؟؟
    ذهل ابي في بادء الامر ... ثم نظر الي نظرة صاعقة .. وكانني قلت شيئاً حراماً .. وكانني كفرت بالدين
    بل كأنني كفرت بالاديان السماوية جميعها
    ولم يفعل شيئا اكثر من ان بصق في وجهي وطردني من الغرفه وهو يردد بصوت مرتعش...
    - ولد فاسد .. افسدته بتدليلها ... انه لايصلح لشيء
    وصدمت هذا الاب المتخلف بعقليته الرجعيه .. انه لن يفهم ... انه لن يفهم ابداً .. حتى ولو امضيت الدهر كله وانا احاول ان افهمه .. ان المرأة برأيه ليست انساناً يحس ويشعر ويفكر ويحب
    ويكره ... انه لايفهم شيئاص ابداً

    وفكرت .. فكرت كثيراً ... واخيراً قررت .. قررت ان اراقب امي بدقة
    وسأتحمل نتيجة قراري مهما كانت النتيجه .. ومهما كان الامر ...وفعلا بدات في تنفيذ قراري ...فبدات اتغيب عن المدرسه لاراقبها ولكنها لم تخرج .. لافي اليوم الاول ولا الثاني ولا الثالث .. ومضى اسبوع
    وانا على هذه الحاله وغضبي منها يشتد .. لم لاتخرج وتريحني ؟؟ كنت اخاف ان تكتشف المدرسه
    غيابي عن بعض الحصص فيكون نصيبي العقاب الشديد ...
    ولكنها خرجت .. نعم خرجت في اليوم التاسع من مراقبتي لها ... ركبت السيارة مع السائق
    .. فتبعتها بسيارتي .. واخذت ادقق بشدة حتى لايراني سائقنا وانا اتبعه ..
    واخذت اسبه والعنه في سري ... هذا السائق الملعون لابد انه متواطيء معها
    ولا استبعد ان يكون هو رجلها المنشود .. ولاكن لا ان امي لاتتنازل الى هذه الدرجة
    انها ارقى من ذلك بكثير .. لابد ان من اختارته رجلا مرموقا بمعنى الكلمه ... وجززت على اسناني
    وانا اتخيله ... فشددت عضلاتي بقوه وانا اهمس لنفسي
    -سأحطم اضلاعه .. وسأغرز انفه في الارض ..بل سأقتله

    ولكن يالدهشتي .. لم ارى احداً .. لم ارى اي كائن ... رأيتها تدخل الى مبنى البنك .. وخرجت بعد فتره
    ...ثم توجهت الى مبنى احدى السفارات .. والدهشة تاخذ مني كل ماخذ ..
    ويالعجبي .. لقد تكرر نفس المشوار بعد ايام قليلة .. وبعد عدة ايام اخرى
    رأيتها تتوجه الى مبنى الطيران ... وذهولي يشتد وحيرتي تزداد ... لايوجد في حياتها رجل على الاطلاق
    ... اذاً ما معنى هذا ؟؟؟
    البنك والسفارة ومبنى الطيران ... بل مامعتى تصرفاتها الحزينه ودموعها الكثيرة
    ومكالماتها الهاتفيه الهامسه.. ترى هل تنوي ان تسافر وتتركني ..
    لم اواجهها ابدا بما اعرفه .. ولم اسألها فلابد انها ستثور وتغضب وربما تعدل خطتها فلا اعرف منها شيئاً .. فقررت امراً جديداً ... قررت ان اتنصت على مكالماتها الهاتفيه لعلني اعرف
    منها مالم اعرفه من مراقبتي لها في الشارع .. وفعلاً عرفت كل شيء...

    عرفت انني انسان
    حقير .. سافل .. نذل ... ضعيف ... لايقدر المعروف ..
    عرفت ان امي الحبيبه كانت تعد لي المفاجئه التي لطالما حلمت بها في صحوي ومنامي ... امنية عمري ...

    كانت تحضر لي هدية نجاحي .. وهي سفري الى الخارج لاتمام تعليمي هناك .. كانت تعرف بان الامر كفيل بإسعادي رغم تعاستها لفراقي ...
    لذلك كانت تتحرك بأسرع مايمكن ليكون توقيت المفاجئة مع موعد نجاحي ... سمعت من حديثها الهامس مع خالتي على الهاتف ... كانت لاتريدني ان اعرف لتكتمل المفاجئة الساره ...
    وكرهت نفسي ... كرهت نفسي بقدر ما احببتها هي .. بقدر ماظلمتها
    أنها اشرف انسانه على وجه الارض ...
    ترى اي شيطان دفع الي بكل تلك الاوهام عن امي الحبيبه لذلك انا استحق القتل
    بل اكثر من هذا .. ان مافعلته بها من سوء الظن يعد جريمة يعاقب عليها القانون ... وقانوني يبيح القتل .. لذلك سأنتحر لاكفر عن ذنوبي تجاهها ..
    ولكنني لن اسعدها اذا انتحرت بل ستموت غماً وحزناً علي .. اذا سأحاول ان انسى..
    وسأحاول أن اكفر عن خطيئتي بحقها ...
    وعفواً .. عفواً امي الحبيبه ... انه خطئي


    ( تمـــــــــــــــت )

    تحياتي
    Mo0oha
  • قلم حرة
    عضو
    • Jun 2007
    • 50

    #2
    انشديت بصراحه مع القصة ،لكن الحمدلله الخاتمه حلوه،

    تعليق

    • khowla
      كبار الشخصيات " ضياء الفيض 2"
      • Dec 2004
      • 5380

      #3


      قصة رااائعة ..

      أختي تمتلك نسخة منها ..

      وفقكِ الله و رعاكِ


      ...




      وداعاً .. هكذا الدنيا ؛ لقاءٌ ثم نفترق ... !!


      تعليق

      • Mo0oha
        عضو
        • Jun 2007
        • 74

        #4
        مشكورات خواتي على المرور العطر والحلو بحلاوة نهاية القصة
        انشاالله اقدر انزل كم قصة من نفس الكتاب بالقريب العاجل

        دمتم بحمى الرحمن

        تعليق

        يعمل...