"أول ما ينبغي عليك أن تعرفه هو أن الشعر كأي إبداعٍ فني أو أدبي هو موهبة.. والدراسة والاطلاع والخبرة عوامل تُصْقِل هذه الموهبة وتنميها، ولكنها لا تخلقها..
ثم عليك أن تعلم أن المادة الخام التي يرسم بها الشاعر لوحاته هي اللغة، فعليك أن تتقن اللغة العربية وتستوعب قواعدها النحوية وفنونها البلاغية، واعْرِفْ ما استطعت من مفرداتها الثَّرَّة الغزيرة.
ثم القراءة فيها بدءاً من أعظم كتابٍ وهو القرآن الكريم المعجز في بيانه، ثم كلام أفصح البلغاء الذي أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم.. ثم ما تستطيع من إبداع الأدباء نثرًا وشعرًا مع الاهتمام بالشعر على مَرِّ عصوره من امرئ القيس والأعشى وكعب وحسان وحتى ناجي والشابي وأبو ريشة والجواهري..
وأن تدرس العروض ودواوين فحول الشعراء كالمتنبي وأبي تمام والفرزدق وابن زيدون والبارودي وشوقي وإيليا وقباني قراءة وحفظًا ومعايشةً ومعاناة..
ثم اعلم أن الشاعر ينبغي له أن يكون مثقفًا ثقافةً عامة واسعةً وعميقة.. ونظرةُ تأمل منك في ديوان الشوقيات ستقنعك بأن الشاعر المتمكن هو من لا يحبس نفسه أسيرًا لكتب الأدب، بل يقرأ في الدين والعلم والطب والحب والحرب والتاريخ والسياسة والاجتماع والرياضة وغيرها بالإضافة إلى آداب الأمم الأخرى..
كما أن الشاعر الصادق هو الذي يتفاعل مع البشر ويعيش الحياة بِحُلْوِها ومُرِّها فيكابد لأْواءَها ويسعد بعطاياها، وأخيرًا اعلم أن القصيدة التي يمكنك أن تخرج بها على الناس زاعمًا أنها شعرٌ لن تكون بحالٍ قصيدتك الأولى.. فلتجرب ولتمزق ولتحتفظ فتصحح وتنقح وتستشر وتُقَوِّم حتى تشعر أنت أنك أمام شعرٍ لو قرأته أنت لغيرك لأعجبك ونال رضاك".
تعليق