الشوارع ضيقة تطبق على أنفاسي
حرارة الشمس (العربية) تكاد تصهرني و لا مفر منها
و بينما أنا هائم على وجهي لمحتُ مقهى على الجهة المقابلة من الرصيف
تفاءلتُ خيراً لعلي أجد شيئاً يطفىء هذا العطش و أريح جسدي المنهك قليلاً
المقهى غريب و ذو طابع تاريخي مليء برائحة الدخان و البخور التي لا تستطيع أن تميز بينهما
المقهى مليء بالوجوه الغريبة و التي من الصعب تحديد ملامحها و خاصة في ظل هذا النور الخافت و الذي يتسلل من نوافذ مهشمة بخجل بالغ
وجدت كرسي بالصدفة في زاوية منسية و قبل أن أجلس رأيته مقبلاً عليَِ بطريقة "إستفزازية" و على وجهه ارتسمت ابتسامة صفراء
- مرحباً سيدي .. أبو لهب في خدمتك
تشائمتُ من هذا الإسم و رحتُ أقرأ "سورة المسد"
- أهلا .. أريد كوب ماء فقط
تظاهر أنه لم يسمع و أعاد عليَ نفس السؤال
لدينا كل ما تشتهيه و كل ما يخطر ببالك .. نبيذ .. شمبانيا .. كوكا كولا .. تشكيلة واسعة من أنواع العصير
طعام فرنسي .. إيطالي .. صحراوي .. أمريكي .. و لدينا أيضاً ما يفتح الشهية
غمزني بنصف عين مشيراً إلى حورية تجلس وسط المقهى .. و أخذ يعدد محاسنها
- هل تعلم من هذه ؟ إنها كليوبترا .. ما رأيك ؟
- ويحي .. أين دخلت ؟ و ما هذا المكان ؟
اسمع يا هذا .. أريد كوب ماء فقط .. هل يوجد لديك أم اترك هذا المكان و أخرج ؟
ضحك ضحكة "شيطانية" و أخذ يردد كلمة واحدة ( تخرج ؟ تخرج ؟ ) لا خروج من هنا سيدي .. لا خروج
و اختفى وسط الدخان
التفتُ حولي محاولاً أن أميز الوجوه .. وجوه كادت أن تفقد ملامحها و تتلاشى
هل أنا أحلم ؟
هل أصبت بضربة شمس ؟
هل أصبت بانفلونزا الطيور ؟
شاهدتُ المتنبي يرقص السامبا و يهز خصره نحو الشرق .. مردداً مع كل هزة
الخيل .. و الليل .. و البيداء
و بجواري عنترة العبسي يستميل عبلة بورقة من فئة المائة دولار و ما زالت تساومه على مائتان
وقفتُ و الفزع يكاد يخلع قلبي محاولاً الهروب من هذا المكان لكن لم أجد أي باب
مجرد أربع جدران و بعض النوافذ المرتفعة و التي بالكاد تتسلل إليها أشعة الشمس
أحسست بيد تتلمس جيبي أمسكت بها و التفتُ إلى صاحبها .. لم يتفاجأ لكنه ابتسم معتذراً
- (بحاجة إلى شراء كأس نبيذ)
- و من أنت ؟
- ألم تعرفني يا سيدي ؟
- لا لم أتشرف بهذا المنظر من قبل
- أنا الحجاج
- أي حجاج ؟
- أيوجد حجاج غيري ؟ أنا الحجاج بن يوسف ؟
- ويحك ... أأصبحت من والي إلى لص ؟
- كادت ضحكته أن تهز المكان .. نعم لص و ما الفرق يا سيدي .. و ما الفرق
و تلاشى كالجميع
يا الله .. هل أنا في الجحيم ؟
التفتُ يميناً و يساراً لم أجد أي مخرج
لكن شاهدتُ أربع رجال ببدلات تنتمي إلى هذا العصر
حمدتُ الله كثيراً .. ها أنا أجد احد مثلي و ينتمي إلى هذا العصر تقدمتُ نحوهم على أمل أن أجد لديهم تفسير لما يجري
أصبتُ بالخرس و البلاهة بعد أن تعرفت عى شخصيتهم
محمود درويش .. نزار قباني .. عمرو دياب .. و كاظم الساهر
جالسين حول المائدة و منهمكين في لعبة "تريكس" بشكل حماسي
- السلام عليكم
لم يجبني أحد
لم أيأس و كررت السلام
انتفض كاظم في وجهي غاضباً .. و راح يصرخ .. ( منين إنت و إسمك إيش و كم عمرك ) و واصل اللعب
- يا سادة أين أنا
و بهدوءه المصطنع أجاب محمود : أنت أمام الصحراء العربية .. ألست من تلاميذ اللا ديمقراطية ؟
- لا يا سيدي .. أنا مواطن عادي جداً و أبسط مما تتخيل
- فهمت .. لا أمل لك إذن في الخروج .. هل تلعب معنا ؟
- لا يا سيدي أشكرك .. أستاذ نزار .. أنت أرهفم و أرقهم مشاعر .. هل ترأف بحالي و تخبرني أين أنا ؟
- يا صديقي .. أنا لا أجيب إلا على النساء و لا أعشق إلا النساء و لا أهوى غير النساء
هل أنت نساء ؟
- نساء ؟؟؟
انصرفت عنه و لم يبقى لي سوى عمرو
- سيدي عمرو .. قد شربت الغناء منك و تعلمت فنونه و رقصت على حد الكلمة كما ترقص أنت
بالله عليك هل أنتم حقيقة أم خيال ؟
- أخي لقد أشفقت عليك و لهذا سأجيب على سؤالك .. و لكن أجبني عن سؤالي أولاً
و هي عاملة إيه دلوقت ؟ و مين هون عليها الوقت ؟
- من سيدي ؟
- أنت بين النار و الجنة .. و لم يتحدد مصيرك بعد
مثلك مثلنا تنتظر النتيجة فأجلب كرسي و اجلس معنا .. و انتظر مصيرك
و حاول أن تنسى ما أنت عليه
- هذا مستحيل .. جنون .. هل هذا يعني أنني ميت ؟ لا ليس صحيح
لا بد أن أخرج من هنا .. لا بد أن أخرج من هنا
راح كاظم يدندن
- لأنصب خيمة و أقعد ركبة و نص .. و أترقب خطواتك مثل اللص
و أخذ الجميع يضحك و يرقص من حولي و أنا أجاهد للخروج من وسط الحلقة
- أخرجوني
أخرجوني من هنا .. أخرجوني من هنا
و سقطت مغشي على الأرض .. لم أفق إلا على صوت الطبيب و هو يحاول أن يعرف اسمي
- هل تعرف اسمك ؟
- أين أنا ؟ في الجنة أم النار؟
- لا بد أنها الهلوسة .. يا أخي أنت في المستشفى العام لقد صدمتك عربة و أنت تقطع الطريق
و الحمدلله الإصابات سطحية
صدقوني ضحكت من كل قلبي و أخذت أردد (لأنصب خيمة و أقعد ركبة و نص)
--------
انتهت
مع الإعتذار لسوء التفاؤل
Mido MashakeL
06/01/06
حرارة الشمس (العربية) تكاد تصهرني و لا مفر منها
و بينما أنا هائم على وجهي لمحتُ مقهى على الجهة المقابلة من الرصيف
تفاءلتُ خيراً لعلي أجد شيئاً يطفىء هذا العطش و أريح جسدي المنهك قليلاً
المقهى غريب و ذو طابع تاريخي مليء برائحة الدخان و البخور التي لا تستطيع أن تميز بينهما
المقهى مليء بالوجوه الغريبة و التي من الصعب تحديد ملامحها و خاصة في ظل هذا النور الخافت و الذي يتسلل من نوافذ مهشمة بخجل بالغ
وجدت كرسي بالصدفة في زاوية منسية و قبل أن أجلس رأيته مقبلاً عليَِ بطريقة "إستفزازية" و على وجهه ارتسمت ابتسامة صفراء
- مرحباً سيدي .. أبو لهب في خدمتك
تشائمتُ من هذا الإسم و رحتُ أقرأ "سورة المسد"
- أهلا .. أريد كوب ماء فقط
تظاهر أنه لم يسمع و أعاد عليَ نفس السؤال
لدينا كل ما تشتهيه و كل ما يخطر ببالك .. نبيذ .. شمبانيا .. كوكا كولا .. تشكيلة واسعة من أنواع العصير
طعام فرنسي .. إيطالي .. صحراوي .. أمريكي .. و لدينا أيضاً ما يفتح الشهية
غمزني بنصف عين مشيراً إلى حورية تجلس وسط المقهى .. و أخذ يعدد محاسنها
- هل تعلم من هذه ؟ إنها كليوبترا .. ما رأيك ؟
- ويحي .. أين دخلت ؟ و ما هذا المكان ؟
اسمع يا هذا .. أريد كوب ماء فقط .. هل يوجد لديك أم اترك هذا المكان و أخرج ؟
ضحك ضحكة "شيطانية" و أخذ يردد كلمة واحدة ( تخرج ؟ تخرج ؟ ) لا خروج من هنا سيدي .. لا خروج
و اختفى وسط الدخان
التفتُ حولي محاولاً أن أميز الوجوه .. وجوه كادت أن تفقد ملامحها و تتلاشى
هل أنا أحلم ؟
هل أصبت بضربة شمس ؟
هل أصبت بانفلونزا الطيور ؟
شاهدتُ المتنبي يرقص السامبا و يهز خصره نحو الشرق .. مردداً مع كل هزة
الخيل .. و الليل .. و البيداء
و بجواري عنترة العبسي يستميل عبلة بورقة من فئة المائة دولار و ما زالت تساومه على مائتان
وقفتُ و الفزع يكاد يخلع قلبي محاولاً الهروب من هذا المكان لكن لم أجد أي باب
مجرد أربع جدران و بعض النوافذ المرتفعة و التي بالكاد تتسلل إليها أشعة الشمس
أحسست بيد تتلمس جيبي أمسكت بها و التفتُ إلى صاحبها .. لم يتفاجأ لكنه ابتسم معتذراً
- (بحاجة إلى شراء كأس نبيذ)
- و من أنت ؟
- ألم تعرفني يا سيدي ؟
- لا لم أتشرف بهذا المنظر من قبل
- أنا الحجاج
- أي حجاج ؟
- أيوجد حجاج غيري ؟ أنا الحجاج بن يوسف ؟
- ويحك ... أأصبحت من والي إلى لص ؟
- كادت ضحكته أن تهز المكان .. نعم لص و ما الفرق يا سيدي .. و ما الفرق
و تلاشى كالجميع
يا الله .. هل أنا في الجحيم ؟
التفتُ يميناً و يساراً لم أجد أي مخرج
لكن شاهدتُ أربع رجال ببدلات تنتمي إلى هذا العصر
حمدتُ الله كثيراً .. ها أنا أجد احد مثلي و ينتمي إلى هذا العصر تقدمتُ نحوهم على أمل أن أجد لديهم تفسير لما يجري
أصبتُ بالخرس و البلاهة بعد أن تعرفت عى شخصيتهم
محمود درويش .. نزار قباني .. عمرو دياب .. و كاظم الساهر
جالسين حول المائدة و منهمكين في لعبة "تريكس" بشكل حماسي
- السلام عليكم
لم يجبني أحد
لم أيأس و كررت السلام
انتفض كاظم في وجهي غاضباً .. و راح يصرخ .. ( منين إنت و إسمك إيش و كم عمرك ) و واصل اللعب
- يا سادة أين أنا
و بهدوءه المصطنع أجاب محمود : أنت أمام الصحراء العربية .. ألست من تلاميذ اللا ديمقراطية ؟
- لا يا سيدي .. أنا مواطن عادي جداً و أبسط مما تتخيل
- فهمت .. لا أمل لك إذن في الخروج .. هل تلعب معنا ؟
- لا يا سيدي أشكرك .. أستاذ نزار .. أنت أرهفم و أرقهم مشاعر .. هل ترأف بحالي و تخبرني أين أنا ؟
- يا صديقي .. أنا لا أجيب إلا على النساء و لا أعشق إلا النساء و لا أهوى غير النساء
هل أنت نساء ؟
- نساء ؟؟؟
انصرفت عنه و لم يبقى لي سوى عمرو
- سيدي عمرو .. قد شربت الغناء منك و تعلمت فنونه و رقصت على حد الكلمة كما ترقص أنت
بالله عليك هل أنتم حقيقة أم خيال ؟
- أخي لقد أشفقت عليك و لهذا سأجيب على سؤالك .. و لكن أجبني عن سؤالي أولاً
و هي عاملة إيه دلوقت ؟ و مين هون عليها الوقت ؟
- من سيدي ؟
- أنت بين النار و الجنة .. و لم يتحدد مصيرك بعد
مثلك مثلنا تنتظر النتيجة فأجلب كرسي و اجلس معنا .. و انتظر مصيرك
و حاول أن تنسى ما أنت عليه
- هذا مستحيل .. جنون .. هل هذا يعني أنني ميت ؟ لا ليس صحيح
لا بد أن أخرج من هنا .. لا بد أن أخرج من هنا
راح كاظم يدندن
- لأنصب خيمة و أقعد ركبة و نص .. و أترقب خطواتك مثل اللص
و أخذ الجميع يضحك و يرقص من حولي و أنا أجاهد للخروج من وسط الحلقة
- أخرجوني
أخرجوني من هنا .. أخرجوني من هنا
و سقطت مغشي على الأرض .. لم أفق إلا على صوت الطبيب و هو يحاول أن يعرف اسمي
- هل تعرف اسمك ؟
- أين أنا ؟ في الجنة أم النار؟
- لا بد أنها الهلوسة .. يا أخي أنت في المستشفى العام لقد صدمتك عربة و أنت تقطع الطريق
و الحمدلله الإصابات سطحية
صدقوني ضحكت من كل قلبي و أخذت أردد (لأنصب خيمة و أقعد ركبة و نص)
--------
انتهت
مع الإعتذار لسوء التفاؤل
Mido MashakeL
06/01/06
تعليق